ماذا بعد تهديد بوتين؟
تقرير إخباري:
في لغة الحرب كلّ شيءٍ مباحٌ، فكيف إذا كان أحد أطرافها وريثاً طبيعياً للاتحاد السوفييتي؟.
روسيا تعي ما تفعل، واستهدافها الأخير لعمق العاصمة الأوكرانية كان خير دليل، ورغم أنّ الجانب الأوكراني يعي ذلك تماماً في قرارة نفسه لكن غطرسته وتهوّره لا يسمحان له بالاعتراف بذلك، ولولا ذلك لكان رضي بالحل السلمي وبادر إلى طاولة المفاوضات التي طرحها وفتح الباب على مصراعيه للجانب الروسي من قبل أن يشتعل فتيل الحرب.
رسالة بوتين كانت واضحة وفق ما رأى متابعون عبر استهدافه بالصواريخ موقعاً قريباً جداً من مكتب الرئاسة الأوكرانية، ردّاً على استهداف المتطرفين النازيين خزانات وقود في أحد القطارات على الجسر الرابط بين البر الروسي وشبه جزيرة القرم، فلو أراد الرجل، وفقاً لتحليلات المتابعين، لاستهدف المكتب ذاته.
المتطرّفون الأوكرانيون يستهدفون بشكل متواصل المدنيين، وكان آخرها استهداف جمهورية دونيتسك مئات المرات في غضون أيام فقط، إضافةً إلى محاولتهم تدمير خط أنابيب “السيل التركي” لنقل الغاز الروسي، ناهيك عن استهدافهم محطة زابوروجيه ونقلها لصواريخ محمولة مضادة للطائرات “إيغلا” إلى روسيا عبر إستونيا بغية شنّ هجمات إرهابية على موسكو، فضلاً عن استهدافها شخصياتٍ عامة وصحفيين وعلماء في كل من أوكرانيا وروسيا، ولم يقف استفزازهم عند هذا الحد بل تعدّاه إلى هجمات ضد منشآت الطاقة الكهربائية والبنى التحتية وفق ما أثبتته الأدلة الموضعية بما فيها شهادات المقبوض عليهم أثناء تنفيذ تلك الهجمات، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن المقاتلين الأوكرانيين لا يقاتلون للدفاع عن أراضيهم أو في سبيل رسالة وطنية بل هم كأحجار الشطرنج بيد الأمريكي يحرّكهم كيفما شاء لمجرد الحفاظ على مصالحهم التجارية وتنفيذاً لتعليمات عجوز البيت الأبيض وأوامره.
روسيا حذّرت سلطات كييف من مغبّة تكرار الهجمات الإرهابية على أراضيها متوعّدة الأخيرة برد صارم وقاسٍ، ومؤكدةً استحالة أن تترك جرائم نظام كييف دون ردّ، حيث قارنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه بالأعضاء الدائمين لمجلس الأمن القومي بالجماعات الإرهابية والكريهة منها.
محلّلون يرون أن تزايد هجمات كييف الإرهابية في الفترة الأخيرة يعود إلى الدعم المتواصل لها من دول الناتو رغم تعالي صيحات تلك الدول واستغاثتها بشركات السلاح لرفد مخزوناتها التي نفدت، الأمر الذي سيستغرق تعويضه سنين طويلة.
ساكن البيت الأبيض دائم التصريح بتقديم الدعم والعون لكييف، وآخر الكيل كان إعلانه تزويدها بمنظومات الدفاع الجوي التي لو كانت ناجعة بالفعل لما تمكّنت صواريخ القيصر الروسي من إصابة أهدافها بدقة متناهية وفي العمق الأوكراني وتحديداً العاصمة؟.
واللافت بمسلسل التصريحات الداعمة والمؤيّدة هو اتصال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالرئيس الأوكراني، مؤكداً موقف بلاده الداعي إلى ضرورة احترام سيادة أوكرانيا، فما الذي تقوم قطر بتقديمه على وجه التحديد، أهو السلاح أم المعلومات الاستخباراتية أم المرتزقة؟.
فهل ستتعظ أوكرانيا هذا المرة وتأخذ تهديدات بوتين على محمل الجدّ، وخاصة بعد الضربة الروسية الأخيرة لمدينة كييف وضواحيها، أم أن إغراءها بمضادات الدفاع الجوي والدبابات الألمانية التي تعتزم الأخيرة تزويدها بها ستزيد من غطرستها وجبروتها وتمضي إلى حتفها على قدميها؟.
ليندا تلي