أخبارصحيفة البعث

بعد الجزائر ودمشق.. المقاومة الفلسطينية تقرأ الواقع جيّداً

 تقرير إخباري:

تعيش الضفة الغربية المحتلة اليوم حالة من الغليان، ترقى إلى مستوى انتفاضة غير معلنة في وجه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تسعى جهدها إلى محاصرة الضفة وتقطيع أوصالها وتعزيز قواتها وزرع الحواجز العسكرية واقتحام المدن والقرى الفلسطينية واعتقال الشبان والشابات وحتى الأطفال دون وازع أو رادع، ومن لا يتمكّن جنود الاحتلال من اعتقاله تتم تصفيته يومياً في جرائم حرب لا تسترعي انتباه الحكومات في الدول الغربية التي تدّعي ريادتها ودفاعها عن حقوق الإنسان في مناطق أخرى من العالم.

وفي وقت يقترب فيه موعد انتخابات الكنيست في كيان الاحتلال، في ظل احتدام المنافسة بين رئيس حكومة الكيان الحالي يائير لابيد ومنافسه المباشر بنيامين نتنياهو، يسعى لابيد إلى ممارسة أقصى أنواع الإجرام بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، لكسب أصوات المتطرّفين إلى صفه، وفي الوقت نفسه يسعى ألا تصل الأمور إلى انتفاضة شاملة في الضفة، وقد تنضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وقطاع غزة المحاصر إليها، في ظل استراتيجية وحدة الساحات التي تشكّل عائقاً أمام استفراد الاحتلال بمنطقة دون أخرى، ما قد يؤدّي إلى خسارة محتملة للابيد في الانتخابات، وخصوصاً أن جمهور المستوطنين أو ما يسمّى الجبهة الداخلية غير مستعد لأن يتحمّل نتائج أي حرب جديدة ستجعله حبيس الملاجئ، وذكرى حرب غزة الأخيرة ومشهد تساقط صواريخ المقاومة في المغتصبات ما زالا ماثلين في أذهانهم، وعلى الطرف الآخر أيضاً يحاول نتنياهو جرّ المتطرّفين الإسرائيليين إلى صفّه عبر التوقيع على وثيقة مع أعضاء حزبه في الليكود، بالإضافة إلى أحزاب متطرّفة أخرى لتوسيع المستوطنات في الضفة في حال فوزه في الانتخابات.

وفي الأثناء، وبعد توقيع الفصائل الفلسطينية ورقة الجزائر للمصالحة التي تمّت برعاية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأسبوع الماضي، وزيارة الفصائل بعدها بشكل مباشر دمشق ولقائها مع الرئيس بشار الأسد، مع ما تحمله هاتان العاصمتان من بُعد عروبي وحامل للعمل المقاوم عبر التاريخ، نجد أن المقاومة الفلسطينية تقرأ الواقع السياسي في كيان الاحتلال جيّداً، وتقوم بردّات فعلها بشكل مدروس لكي لا ترجح كفة طرف على آخر بين كل من لابيد ونتنياهو ومتطرّفيهما، ومن هنا، نلحظ تصعيد العمل المقاوم في الضفة واستهداف قوات الاحتلال ومستوطنيه بعمليات نوعية وبطولية وسريعة، وفي الوقت نفسه نجد الاحتضان الشعبي الفلسطيني للمقاومين وقيامهم بدورهم المقاوم عبر التصدّي لاقتحام قوات الاحتلال قرى وبلدات ومدن الضفة والمرابطة في المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة لمنع الاقتحامات اليومية للمستوطنين التي تحاول طمس هوية المسجد الإسلامية وتهويده.

وبالتالي، ستكون الانتفاضة الفلسطينية القادمة لا محالة في وقت تحدّده الفصائل الفلسطينية وبما يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني، ولن تنفع قوات الاحتلال كل الإجراءات الأمنية الاحترازية ولن تحول مناطيد المراقبة والطيران المسيّر والعمليات العسكرية المحدودة دون استمرار العمل المقاوم وتصاعده.

وفي النهاية وبغض النظر عن الفائز في انتخابات الكنيست، فإن الإجرام الإسرائيلي هو ذاته وصمت الحكومات الغربية الذي يرتقي إلى التواطؤ على جرائم الاحتلال مستمر، والحقوق الفلسطينية لن يحصل عليها الشعب الفلسطيني سوى بدعم مقاومته والوقوف خلفها صفاً واحداً.

إبراهيم مرهج