مشاهد مؤلمة لابادة الحراج في السويداء… وسوق سوداء تنتعش وسط غض النظر
البعث الأسبوعية – رفعت الديك
كل يوم تطالعنا صفحات التواصل الاجتماعي عن إبادة تعرض لها موقع حراجي في موقع من مواقع السويداء حيث تعرضت أهم المواقع الحراجية في المحافظة الى قطع جائر لمعظم الأشجار فيها من العين الى سد الروم وحراج الرحى والكفر وغيرها الكثير وعكست هذه الظاهرة حالة استياء وغضب عند أبناء السويداء وارتفعت الأصوات المطالبة الجهات المعنية بالتدخل بشكل فعلي وحازم بعيدا عن التصريحات والخطابات التي لم ولن تغني وتسمن من جوع خاصة وانه في الأيام الأخيرة تعدت عملية القطع الأشجار الحراجية وحدها لتطال أشجار مثمرة في بساتين التفاح والزيتون و غيرها.
تباين للاراء
اللافت أن عملية الاتجار بالحطب أصبحت “على عينك يا تاجر” حيث تضج صفحات التواصل الاجتماعي بأرقام أشخاص يبعيون مادة الحطب السنديان والصنوبر وبأسعار “بنور الله” كما يكتبون وهي أقل من سعر المارزت الحر حيث وصل سعر طن الحطب الى ٨٥٠ الف ليرة سورية مقطع جاهز للوجاق و٧٧٥ الف بدون تقطيع بينما يصل سعر برميل المازوت الى مليون و٤٠٠ الف ليرة سورية
وتباينت الأراء حول الظاهرة ففي حين اعتبر أيسر شاب عشريني أنه في ظل تقصير الجهات المعنية من تأمين مازوت التدفئة فإن لا حل آخر أمام الموطن سوى التوجه نحو الحراج وتأمين مادة الحطب يجد شريف المقت وهو ناشط اجتماعي أن قطع الاشجار ليس حلا خاصة وان القطع عشوائي وجائر وتجاوز فكرة تأمين وسيلة للتدفئة لعملية اتجار مؤكدا وجود العديد من الجمعيات البيئية ولجان الحماية الا أن ذلك لم يشفع في حماية هذه الثروة من ايدي العابثين في التمادي والتطاول على رئة المحافظة التنفسيّة وصمّام أمان سكّانها البيئية
وتعتبر المواقع التي تعرضت للقطع وفق المقت من أبرز المعالم السياحيّة والبيئيّة لأهالي المحافظة وزوّارها وتنشط فيها الرحلات العائليّة والمدرسيّة في العطل الإسبوعيّة والرحلات الجماعيّة.
بينما يقول منير حاتم إن ما يعزز تدمير القطاع الزراعي الذي يعد المنقذ الأول للإقتصاد السوري ، هو التحطيب الجائر الذي بدأ يطال الأشجار المثمره ، علما بأنه قد أتى على الأشجار الحراجية التي كانت تعدل المناخ وتستدر كميات الأمطار المغذية للمزروعات ، فلو كان لدينا حكومات تنظر بعين علمية ووطنية ، لتحرّكت بسرعة قصوى لتأمين مازوت التدفئة قبل كل شيء للمواطنين بدلا من تركهم يعتمدون على الحطب ليخلقوا مهنة التحطيب الجائر عند ضعاف النفوس.
أما مهند فقد اكتفي بالسؤال التالي”كيف يتدفأ المسؤلين اذا لك يستخدموا” الحطب والوجاق”هل يشترون المازوت من السوق السوداء أم يأتيهم ليلا بسيارات بيضاء.
تصريحات محبطة
كلام مهند هذا يقودنا إلى تصريحات المسؤولين التي تؤكد وبشدة أنه من المتوقع الانتهاء من توزيع الدفعة الأولى من مادة المازوت قبل نهاية العام الحالي وهناك ارادة حقيقية لتحقيق هذا الإنجاز ولكن ماذا يعني هذا فيما لو تحقق؟
هذا يعني وفق تصريحات المواطنين أن المعنيين ضمنوا تأمين تدفئة لاسر المحافظة لمدة ١٥ عشر يوما في أحسن الحالات الجوية و٥ أيام في حال كانت الأحوال الجوية قاسية
هذه التصريحات والتي قطعت الامل عند المواطنين بتوفر مادة المازوت جعلتهم يتجهون نحو الحلول البديلة وهي الحطب ومخلفات الحيوانات.
يقول أبو كمال وهو ورجل سبعيني أن الناس عادت الى “طبوع الجلي” وهو قرص دائري مصنوع من مخلفات الحيونات تم تجفيفة في فصل الصيف وكان منتشرا بكثرة في ريف المحافظة عندما كانت معظم الفلاحين تفتني رأسا أو أكثر ر من الأبقار الا أنه هذه الفترة حتى هذه المادة فهي قليلة جدا ولايمكن الاعتماد عليها كحل وبالتالي سيظطر المواطن لاستخدام مواد أخرى مع “الطبوع” كبقايا الملابس ومواد بلاستيكية قابلة للاشتعال
واذا كانت تصريحات مديرية البيئة في السويداء على لسان مديرها المهندس رفعت خضر تحذر من استخدام مثل هذه المواد خاصة “الجلة” كونها تسبب التهاب الاغشية المخاطية وضيق التنفس وكذلك التهاب اغشية العين والحنجرة بسبب انبعاث مواد مخرشة كونه يحتوي مواد عضوية متنوعة مثل غاز أول أكسيد الكربون ومن مضاره اتحاده مع هيموغلوبين الدم ويسبب وهن وغثيان واستمرار استنشاقه يؤثر على أنزيمات الجسم والعوالق الدقيقة الناتجة عن الاحتراق تؤثر على التنفس ولها أثر في التهاب قصبات لمن لديه ربو أو حساسية.
قد يكون هذا الكلام العلمي مفهوم لمعظم مستخدمي هذه المواد حيث يقول أبو كمال أن رائحة غرف التدفئة تكون مليئة بالدخان وإن السعال يرافق أفراد الأسرة طيلة فترة الشتاء”كنا متعودين على هيك جو وهلق راح نرجعلو”
خطط تحريجية
تبلغ مساحة الثروة الحراجية في محافظة السويداء وفق الأرقام الصادرة عن مديرية الزراعة نحو 12 ألف هكتار، ما بين الحراج الطبيعي والاصطناعي والخاص إضافة إلى وجود محميتين معلنتين رسمياً كمحميات طبيعية وهما محمية الضمنة وتبلغ مساحتها 600 هكتار تتنوع أشجارها بين السنديان والبطم والزعرور والأجاص البري ومحمية اللجاة التي تبلغ مساحتها 2000 هكتار وما تحتويه من ثروة حراجية وحضارية.
وتنتج مديرية زراعة السويداء سنويا عشرات الالاف َمن الغراس الحراجية عبر مركز العين ومشتل نمرة الحراجيين لتنفيذ خطط التحريج الاصطناعي هذا وفق الأرقام الصادرة عن دائرة الحراج.
أما تصريحات المعنيين في الدائرة نفسها فتقول أن ظاهرة الاحتطاب برزت في المحافظة وبنسبة عالية جداً لعدم توفر مادة المازوت بشكل كاف إضافة إلى وجود فئة استغلت الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن وقامت بالتحطيب العشوائي والجائر والاتجار بهذه المادة حيث وجدوا في هذه العملية سبيلاً للربح السريع غير مهتمين لما ينتج عنها من أبعاد بيئية واقتصادية سلبية
بالمقابل تقوم دائرة الحراج بمديرية الزراعة بالعديد من الإجراءات للحد من التعديات على الثروة الحراجية من خلال إنشاء غرفة طوارئ مناوبة على مدار الساعة وتسيير دوريات ليلية وصباحية لمنع التعديات وتكثيف الحراس وتعزيز النهج التشاركي مع المجتمع المحلي, لحماية الحراج, وتسيير دوريات مشتركة مع فصائل محلية, حيث تم ضبط العديد من المخالفين ومصادرة وحجز الآليات والمعدات, كما وضعت دائرة الحراج خطة لإعادة استصلاح المواقع الحراجية التي تعرضت للقطع الجائر حيث تم إعادة تحريج العديد من المواقع
والمسؤولين في دائرة الحراج كما همس لنا أحدهم كمن “بالع الموس على الحدين” فمنظر الجبال التي أصبحت جرداء يؤلمهم كما يؤلم كل مواطن في المحافظة وما يؤلمهم اكثر عدم وجود دعم او مساندة لهم بإستثناء التصريحات والتنديدات
مشاهد مؤلمة
مشاهد كثيرة في معظمها مؤلمة رافقت قدوم فصل الشتاء هذا العام فمن القطع الجائر للأشجار الحراجية حتى الأشجار المثمرة والتي أتت على الكثير من غابات المحافظة وأحراجها الى مشهد جديد برز وهو التعدي على حقول التفاح والزيتون وقطعها في مشهد جديد للسرقة لم يعتد عليه أبناء المحافظة دون تحريك اي ساكن من قبل المسؤولين والذين يبدو انهم رفعوا يدي الاستسلام في محاولات اقناع المواطن بأهمية الشجرة الإقتصادية وماتطرحه من اوكسيجنات مقابل أضرار عملية الحرق وماتطرحه من غازات سامة و تبقى الكرة بملعب المعنيين لتأمين مادة المازوت فتكلفتها الإقتصادية أقل بكثير من خسارة ما تبقى من الثروة الحراجية.
فهل سيخرج المسؤولون من مكاتبهم العاجية وأبوابهم المغلقة عبر سياراتهم بعد إزالة “الفيمي” عنها للوقوف على حقيقة مايجري.. لايعتقد المواطن ذلك.!!!!!!