مع كثرة حالاتها… تشخيص طبي خاطىء لعمليات جراحية بقصد الانتفاع.. وثقافة الشكوى غير موجودة
البعث الأسبوعية – بشير فرزان
لن نتحدث عن الأخطاء الطبية التي تتسبب بموت الكثير من المرضى وتصنف في لائحة القضاء والقدر وفي معظم هذه الحالات لا تطالب عائلة المتوفى بأي تحقيق او مسائلة عن سبب الوفاة أو حتى إدانة الطبيب الذي اخطأ ،لكننا نتساءل عن ظاهرة جديدة تجتاح العيادات الخاصة وهي إجراء العمليات للمرضى قبل التأكد من ضرورتها ،حالات كثيرة استمعنا لها ممن تعرضوا لهذا النوع من الابتزاز الطبي حيث تتكرر هذه القصص التي تبرز حالة بعيدة عن الإنسانية داخل الكوادر الطبية فمثلا أحدى الزميلات شخص لها أحد الأطباء حالتها الصحية وبعد فحص بسيط وبأجهزة متواضعة أن لديها كتلة يجب استئصالها من رححمها ، ونصحهها بإجراء عملية سريعة وحدد لها الموعد والمشفى الخاص الذي سيجري فيه العملية مباشرة وذلك كله بعد فحص لم يتجاوز ثواني ،والاهم أنه طالب باجر العملية مسبقاً ،ومع متابعة الزميلة لحالتها في عيادة أخرى تبين عدم وجود كتلة أصلا ،وللاطمئنان ذهبت إلى احد المشافي الحكومية لتثبت لها التحاليل والصور أنها سليمة ولا تحتاج لأي عمل جراحي ،وفي حالة أخرى تعرض لها احد الاشخاص لكشف عن الم يشعر به بامعاءه حينها أصر الطبيب ان يجري له عملية استئصال “الزايدة ” علما ان المريض لايشكو منها وبنفس الاسلوب تم توجيهه الى مشفى خاص مع المبلغ الذي يجب ان يدفعه للطبيب ،حالات عديدة لا يمكن ذكرها قد تكون اخطر بكثير مما ذكرناه .
خلل الاجهزة
العديد من الأطباء الذين وجهنا لهم سؤالنا حول أسباب هذه الظاهرة أعادوا الأسباب في هذه الحالات لسوء التشخيص وهنا نتسائل لماذا لا يلجا هذا النوع من الأطباء الى طلب التحاليل والفحوصات المطلوبة قبل دفع المريض إلى تلك المشافي والتأكد من حالة المريض قبل إجراء أي عمل جراحي له ، وفي المقابل اعترف أحد الأطباء أن هناك دافع مادي يبحث عنه هذا النوع من الأطباء وعلى المريض أن يتأكد من حالته قبل إجراء أي عملية واللجوء لأكثر من مختص خوفا من حدوث عواقب لايحمد عقباها ،وأضاف بعض العيادات لاتمتلك الأجهزة الدقيقة التي تكشف عن الأمراض بصورة واضحة وقد يكون هناك خلل في تلك الأجهزة إضافة إلى وجود رغبة مادية عند الطبيب للاستفادة من المريض ،مما يتسبب بتشخيص خاطئ ،لذلك على المريض التأكد من حالته قبل اي عمل جراحي عن طريق التحاليل أو الصور الإشعاعية وهي إجراءات هامة للتأكد من جود أي مرض وعدم الاستسلام لرأي طبيب في جلسة واحدة فهي غير كافية لإجراء عمل جراحي .
نعلم جيدا انه لايوجد أي رقابة على العيادات الخاصة من قبل وزارة الصحة وان الطبيب لا يلام على تشخيصه الخاطئ او حتى على عدم وجود أجهزة طبيبة مناسبة في عيادته لكشف الأمراض كوجود عطل أو خلل فيها يؤدي إلى تشخيص خاطئ ، ومن وجهة نظر طبية اخرى لعدد من الأطباء أكدوا فيها أن حالات ابتزاز المريض ودفعه لعمل جراحي فقط من اجل الحصول على المال هي حالات نادرة وقليلة والمسؤولية هنا تقع على المرضى لعدم تقديم شكوى على الطبيب الذي يقوم بهذا النوع من الابتزاز وعدم لجوءه للفحوصات والتحاليل المطلوبة قبل إجراء أي عمل جراحي ،وأكدوا أن نقابة الأطباء فيها محكمة يتم من خلالها دعوة الطبيب المدعى عليه الى المجلس التأديبي وهو يضم ثلاث أطباء من نفس الاختصاص يعملون على إثبات حقيقة الشكوى ،وفي حال تبين خطا الطبيب تتم معاقبته ، و هناك عقوبات تقضي بإغلاق العيادة لمدة ثلاثة أشهر أو منع الطبيب من مزاولة المهنة وغيرها من العقوبات الرادعة بحسب الخطأ الحاصل ،لكن المشكلة انه لايوجد ثقافة الشكوى والادعاء على الطبيب عند تعرضه للابتزاز .
وطبعاً لا ننكر أن ثقافة الشكوى غائبة في مجتمعنا فالجميع يلجا للصمت والكتمان وقد يكون ذلك نتيجة عدم الثقة بجدوى الشكوى وفعاليتها وهذامايفرض نشر ثقافة الشكوى وفهم وجهة نظر الناس لرفضهم في تقديم شكوى على طبيب سبب لهم الأذى الجسدي والنفسي معا ،كفقدان عامل الثقة بينهم وبين الجهة المعنية من جهة كالتفاف النقابة “نقابة الأطباء “لحماية الطبيب دون الاهتمام بما تسبب به نتيجة الطمع والاستخفاف بأوجاع الناس ولكن في المقابل ورغم الاعتراض على بعض عمل الأطباء الذين تغريهم “الكشفيات ” وأجور العمليات المرتفعة ،إلا أننا لن نتجاهل نخبة من أهم الأطباء الجراحيين اللذين يقدمون خدماتهم مجانا في المراكز الصحية وبعضهم الأخر لم تجبرهم الحرب لرفع أجور المعاينات بل قدموا خدماتهم بأسعار رمزية خاصة للمهجرين والفقراء فمهنة الطب مازالت تحمل جانب مهما من الإنسانية والرحمة لايمكن تجاهلها عند الكثير من الأطباء الذين نعول عليهم الارتقاء بهذه المهنة ورفع مستوى المستشفيات والمراكز الطبية والخدمة العلاجية فيها نتيجة التزامهم بميثاق الشرف في عملهم لخدمة الناس والمرضى بعيدا عن الإطماع المادية والرغبة في الثروات الطائلة .