نتنياهو بين مطرقة الحلفاء وسندان القضاء
تقرير إخباري:
بعد أن كان من المتوقع أن يعلن الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن حكومته يوم الأربعاء المقبل، يبدو أن تحالف حزبه الليكود مع كل من حزب “عوتسما يهوديت” برئاسة المتطرّف إيتمار بن غفير وحزب “الصهيونية الدينية” برئاسة المتطرّف بتسلئيل سموتريش، تعرّض لهزة كبيرة على خلفية نقضه عهوده التي قدّمها لكل من بن غفير وسموتريش، لكسب أكبر قدر من أصوات اليمين المتطرّف الذي يمثله الأخيران في فترة ما قبل انتخابات الكنيست، وفي الوقت نفسه تلاحق نتنياهو قضايا الفساد على خلفية استئناف محاكمته بعد توقّف دام خمسة أشهر، بتهم الرشوة والاحتيال، وخيانة الأمانة والثقة، وهو ما يعقّد مهمّة تشكيل حكومة وُصفت بأنها ستكون الأكثر تطرّفاً في تاريخ الكيان.
ففي جديد المفاوضات بين الائتلاف المتطرّف لتأليف حكومة كيان الاحتلال، وضع حزب “الصهيونية الدينية” على طاولة المفاوضات مطالبته رئيس الليكود نتنياهو بالالتزام بخطوات الضمّ وفرض الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، لكن في الليكود، لا يوافقون على هذا الالتزام، حسبما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وحسب الوسائل ذاتها، فإن سبب رفض الليكود للضمّ هو تجنّب المواجهة مع الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن، لأن فرض الاحتلال هو خط أحمر بالنسبة للأمريكيين، بالإضافة إلى ذلك أشارت الوسائل، إلى أن نتنياهو ومنذ الانتخابات وفي أحاديث مختلفة مع زعماء العالم وضع لنفسه هدفاً يتمثل في التوصل إلى مزيد من الاتفاقات في إطار اتفاقيات أبراهام، ومثل هذا التصريح حول موضوع الضمّ، ستبعده عن الاتفاقات القادمة.
جاء ذلك في وقتٍ أوقف من جهته حزب “عوتسما يهوديت” محادثات التفاوض مع “الليكود”، وأوضح أن الانسحاب جاء بزعم تراجُع الأخير عن موافقته على منح “عوتسما يهوديت”، ما يُسمّى “الوزارة لتطوير النقب والجليل”، وهو ما يسمح لليميني المتطرّف بن غفير بزيادة الاستيطان وتعزيزه.
وعلى خلفية مطالب حلفاء نتنياهو اليمينيين برز تحذير الليكود شركاءه من إمكانية الذهاب لانتخابات سادسة للكنيست.
من جهة أخرى، يواجه نتنياهو تحدّياً آخر في سياق ما كشفت عنه صحيفة “هآرتس”، من أن محكمة تابعة للاحتلال في القدس المحتلة تستأنف اليوم الاثنين محاكمته بعد توقّف دام خمسة أشهر.
ويُحاكم نتنياهو بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة والثقة، في “الملف 4000″، المعروف باسم “بيزك – واللا”، بينما سيجري الاستماع لمزيد من الشهادات في القضية، وفق الصحيفة.
ويُتهم نتنياهو بتقديم تسهيلات لرجل الأعمال الإسرائيلي شاؤول ألوفيتش، في الفترة ما بين 2014 – 2017، مقابل حصول الأول وعائلته على تغطية إعلامية إيجابية في موقع “واللا” الإخباري، المملوك لرجل الأعمال.
وكانت شرطة الاحتلال بدأت التحقيق مع نتنياهو، في كانون الأول 2016، للاشتباه بتورّطه في قضايا فساد، وأوصت بتوجيه اتهامات ضده، ووجّهت إليه رسمياً، في 21 كانون الثاني 2019، اتهاماتٍ في ثلاث قضايا فساد، وتنظر ما تسمّى “المحكمة المركزية الإسرائيلية”، في لائحة الاتهام الموجّهة ضد نتنياهو، التي قد تقوده إلى السجن في حال إدانته وتثبيت المحكمة العليا الإسرائيلية لهذه الإدانة، الأمر الذي يضع نتنياهو بين فكّي كمّاشة، فإما أن يوافق على مطالب بن غفير وسموتريش في مقابل مساعدة الأخيرين له لمنع المحاكمة عنه، وإما أنه سيكون بانتظار انتهاء محاكمته واحتمال سجنه في حال إدانته، بالإضافة إلى ذلك، يجد نتنياهو نفسه محرجاً أمام حكوماتٍ غربية تضغط عليه لمنع استلام متطرّفين صهاينة مناصب في الحكومة المقبلة على اعتبار أن توزيرهم في مناصب مهمّة كوزارة الحرب والأمن سيكون حتماً مدخلاً لتوتير خطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي المحيط، وهو الأمر الذي لا يرغب فيه أحد في الوقت الحالي.
أما من جهة المقاومة الفلسطينية، فإن عملياتها النوعية والبطولية في مستوطنات الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، تضع حكومة نتنياهو المقبلة تحت ضغط لا قبل لها بحمله، وخصوصاً أنها منتخبة على أساس توفير الأمن للمستوطنين وشرعنة مستوطناتهم أي المزيد من التطرّف، ولكن لا بد من التذكير أن الشعب الفلسطيني الذي قدّم التضحيات الكبيرة وأشعل انتفاضتين ضد الاحتلال قادر بوحدته والالتفاف حول مقاومته، على منع المتطرّفين من تحقيق وعودهم الخلبية التي لا معنى لها من قبيل “الضمّ وفرض الاحتلال”، وسيكون سلاح المقاومة هو الوعد الحقيقي القادر على استعادة الحقوق وحماية المقدسات.
إبراهيم ياسين مرهج