ثقافةصحيفة البعث

“شآم والقلم”.. تحتفي بمجلة “أسامة”


أمينة عباس

احتفت ندوة “شآم والقلم” في جلستها التي عقدتها مؤخراً في مركز ثقافي أبو رمانة بعالم الطفولة واستصافت رسّامة الأطفال لُجينة الأصيل والشاعر قحطان بيرقدار رئيس تحرير مجلة “أسامة” وعدداً من الأطفال الموهبين في مجال كتابة الشعر والقصة الذين تبنّتهم مجلة “أسامة”، ونشرت لهم ما يكتبونه، وعرَّفت الحضور برسوماتهم.

الأصيل.. و”أسامة”

وبيَّنت لجينة الأصيل أنها بدأت الرسمَ قبل أن تعرف الكتابة، وأحبت الحكايات والرسوم ما دفعها في عمر العاشرة لإصدار مجلتها الخاصة، وقد لازمها الشغفُ بالأدب والفن حتى المرحلة الإعدادية حين بدأ الفنّ يحظى باهتمامها، لذلك انتسبتْ إلى كلية الفنون الجميلة بدمشق “اختصاص عمارة داخلية”، وكان همّها بعد التخرج العمل في الديكور المسرحي لأنه يجمع بين الفن والأدب، لذلك بدأت تتردد على مقرّ مديرية المسارح والموسيقا للعمل في المسرح، وهو المقرّ الذي يضمّ أيضاً مجلة “أسامة”. وأثناء ذلك، التقت برئيس تحرير المجلة السابق الأديب عادل أبو شنب الذي عرض عليها أن ترسم في المجلة، ومن باب الفضول قبلت دون أن تعلم أن هذه الرسوم ستكون نقطة تحول في حياتها، مبيّنة أن فرحتها كانت لا توصف حين رأت رسومها لأول مرة على صفحات المجلة التي نشأت بينها وبين الأصيل علاقةُ حبّ، وعلى صفحاتها تدربتْ، وكانت كالأم التي تتحمل عثراتها وتبارك نجاحها وتشجعها، وعن طريقها عرفها الأطفال ليس في سورية وحسب بل في الوطن العربي.

وأوضحت الأصيل أنها في السنوات العشرين الأخيرة اهتمت بالبحث في مدى تأثير رسوم كتب الأطفال على تكوين شخصية الطفل وكيفية تطوير الكتاب فنياً ليحترم عقله ويواكب تطلعاته، وبدأت بمشروع “لوحة في كتاب الطفل” وإقامة الورشات للفنانين الشباب بهدف تعريفهم برسوم كتب الأطفال، وورشات أخرى للأطفال. ورأت أن أهم العوامل التي يجب أن تتوفر في الكتاب لكي يصل للطفل بنجاح أن تكون الرسوم قادرة على تركيز المفاهيم الأساسية والصحيحة في عقله ووجدانه من خلال القراءة البصرية، حيث يجب أن تغذي هذه الرسوم غريزةَ حب الاستطلاع لدى الطفل وهي الغريزة الأساسية لنشأة العلم وتطوره، مع إشارتها إلى ضرورة أن يوطد الكاتب علاقةَ الطفل بتراثه وحضارته، كما يجب أن تحمل الرسوم همومَ وجماليات بيئته، وهذا يعني أن يتحلى الفنان برصيد كافٍ عن بيئته، بحيث يستطيع أن ينقل هذا المخزون بفنية وأمانة للطفل دون تكلّف وضمن قالب فنيّ يحترم عقلَ الطفل وينمي ذائقته الفنية، فالرسوم ذات المستوى الفني المتميز لها دور هام في تنمية هذه الذائقة، خاصة وأن نمو الحس الجمالي لا يأتي بالفطرة، بل يتطلب تدريباً وجهداً خاصين، وهذا يؤكد ضرورة أن يكون الفنان المتوجه للطفل متمكناً فنياً ليستطيع تحقيقَ هذا المطلب،

وأشارت الأصيل إلى أنها شاركت في المَعارض الدولية لرسوم كتب الأطفال لتستطيع أن تحدد مستوى أعمالها ومدى تطورها بالنسبة للأعمال الفنية العالمية، وأكثر ما يفرحها رؤية علم بلادها يرفرف في المعرض، واسم سورية متواجد باعتزاز، كما أنها نالت جوائز في مصر ولبنان وفرنسا واليابان وصريبا، وكُرِّمَت في سورية، وكانت ضيفة شرف في معرض بولونيا في إيطاليا والذي يُعتَبَر أهم معرض لرسامي كتب الأطفال في العالم، لكنها تردد دائماً أن جائزتها الكبرى هي عندما تقابل ذوي الأطفال ليقولوا لها تربينا وربينا أطفالنا على رسومك، وختمت بمخاطبة الأطفال الموجودين وحثّهم على التركيز على ما يقومون به، وأن يكون الرسم مصدرَ متعة لهم ليصبح الكتاب أداة فرح وبهجة.

مجلة “أسامة”

وأوضح بيرقدار أنه بدأ بكتابة الشعر للكبار وما زال يكتب لهم، أما عالم الكتابة للأطفال فالظروف هي التي قادته للإبحار فيه حين عمل في دار نشر خاصة للأطفال، وبدأ بكتابة أشعار وقصص لهم، ثم توجه للعمل في محطات تلفزيونية خاصة بالأطفال، وفي مطلع العام 2017 كُلّف برئاسة تحرير مجلة “أسامة”، وكان ذلك – برأيه – نقطة تحول كبيرة في حياته لأنها المجلة التي أسسها وعمل فيها عمالقة الأدب.

ولم ينكر بيرقدار أن العمل في “أسامة”حمّله مسؤولية كبيرة، وكانت الفنانة لجينة الاصيل خير داعم له مع مجموعة من الشباب على مستوى الكتابة والرسوم، وكانت تواظب على تقديم رسوماتها للأطفال في سبيل تقديم مُنتَج جيد في “أسامة” التي حاول فيها أن يربط بين الماضي والحاضر من خلال تعريف القارئ على المجلة في أعدادها القديمة، مشيراً إلى أن مجلة “أسامة” أصدرت عدداً خاصاً عن الفنانة الأصيل عام 2018 وقد وصفها بيرقدار في إحدى قصائده التي قرأها للأطفال والكبار بأنها أم “أسامة” والأجيال، وهي أم رسوم الأطفال وأميرة الألوان “من منكم يعشق ألوانه أكثر من هذه الفنانة؟”.

وأكد بيرقدار أن وجوده في مجلة “أسامة” أتاح له فرصة التعرف على عدد كبير من الأطفال الذين أثّروا به كثيراً، ووجوده فيها يحمّله مسؤولية كبيرة لأن الأطفال يتأثرون بما يُقَدَّم لهم، مبيناً أن العلاقة مع الأطفال مهمة جداً بالنسبة لأي كاتب ليعرف كيف يفكرون وما هي ثقافتهم لأن عالم الطفولة عالم مستقل بحدّ ذاته، وعلى الكاتب أن يكون عارفاً بتفاصيل هذا العالم، فكلما كان أديبُ الأطفال قريباً منهم استطاع التعبير عنهم أكثر، لذلك يجب أن يحافظ كاتبُ الأطفال على الطفل الذي بداخله، منوهاً إلى أنه عاش طفولته كأيّ طفل، حيث عشق في البداية كرة القدم، وفي مرحلة الدراسة الثانوية بدأ يتوجه نحو الكتابة والأدب، مؤكداً على ضرورة أن يلعب الطفل ويمارس هواياته.

أدارت الندوة الإعلامية فاتن دعبول، وشارك فيها الأطفال شهد ولمك اسماعيل، جنى وجبران أبو فخر، حسن ورزان ربيع، كما تخلل الندوة عزف أروى شيخاني على آلة الكمان، والاستماع إلى ما كتبته الكاتبة والمترجمة الشابة منال اللحام.