تحقيقاتصحيفة البعث

المزارعون يشكون قطعية الزيت.. والمعاصر في قفص الاتهام و”الجفت” بلا رقابة!

صعوبات كثيرة رافقت مزارعي الزيتون هذا الموسم في محافظة طرطوس، من قلة السماد وارتفاع ثمنه وارتفاع أجور اليد العاملة وعدم شقّ طرقات زراعية، وضعف كميات المحروقات لنقل المحصول، ليتفاجأ الكثير منهم بعد انتهاء عصر الزيتون بضعف قطعية الزيت وتفاوتها بين معصرة وأخرى، علماً أن الموسم وفير، محملين أصحاب المعاصر مسؤولية دقة العمل والإنتاج، وعدم إيلاء كل مرحلة من العصر حقها، إذ يتمّ إنجاز العمل بسرعة ويظلم الفلاح بقلة زيته، من خلال بقاء جزء من الزيت في التمز الناتج وآخر يرحل مع ماء الجفت الذي يوزع بشكل عشوائي في الوديان والحقول ما يسبّب تلوثاً للمياه الجوفية والينابيع والآبار. وطالب المزارعون بتفعيل الرقابة على عمل المعاصر وإيلاء كلّ مرحلة من العصر حقها ضماناً لعدم هدر الزيت.

عدم الرضا
رئيسُ جمعية المراج حسن معروف أكد أن تنكة الزيتون تعطي وسطياً بين الرطل والرطل ونصف زيت، في حين أن ٧٠ تنكة لديه أعطت ٤٦ رطلاً، وبهذا يوجد نقص ٢٤ رطل زيت “لا نعلم سببه!!”. بالمقابل، أشار المزارع إبراهيم شدود إلى قطعية الزيت الممتازة التي حظي بها هذا الموسم، إذ أن ٢٧ تنكة زيتون أعطت 31.5 رطل زيت، موضحاً أن نوع الزيتون يلعب دوراً في القطعية، فمثلاً أعطت ٢٠ تنكة من الزيتون نوع صفراوي ٥٠ رطل زيت، وهي كمية ممتازة، في حين شكا المزارع فادي عباس من عدم قطعية الزيت لهذا الموسم، علماً أن شجره كثيف ويفترض أن يعطي كمية زيت أكثر، حيث إن ٨٨ تنكة زيتون أعطت ٧٨ رطل زيت وكان النقل على حسابه، لافتاً إلى أنه في العام الماضي أعطت الـ ٢٠ تنكة زيتون ٢٣ رطلاً، والـ ٣٢ تنكة أعطت ٣٥ رطل زيت، فكانت القطعية ممتازة.

هموم الموسم
وعرض المزارعون صعوبات الموسم الحالي، وتتجلّى بعدم قدرة المزارع على تخديم شجره لقلة السماد من جهة، وعدم توفر السماد من جهة أخرى، وعدم المقدرة على شرائه من السوق السوداء، إضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة والتي وصلت إلى ٥٥ ألف ليرة يومياً، كما يعاني المزارعون من صعوبة النقل عند جني المحصول نتيجة عدم شق الطرقات الزراعية، كما أن “البيك آب” الزراعي لم يمنح مخصّصات من البنزين سوى ٢٥ ليتراً كل عشرة أيام، وهي لا تكفي!!.

شكاوى يومية
رئيس الرابطة الفلاحية بالدريكيش، حسين وسوف، أشار إلى شكاوى المزارعين اليومية من تفاوت قطعية الزيت بين معصرة وأخرى وبين إنتاج أرض وأخرى، ومن تكلفة عصر كيلو الزيتون الذي يصل إلى ٢٢٥ ليرة إذا كان النقل على حساب المعصرة، و١٩٠ ليرة للكغ إذا كان النقل على حساب الفلاح، بينما سعر عصر الكيلو في معاصر مصياف يتراوح بين ٦٠- ٩٠ ليرة، والنقل على حساب المزارع، إضافة إلى أن قطعية الزيت في معاصر مصياف ممتازة خلاف معاصر منطقة الدريكيش، حسب وسوف، الذي لفت إلى أن كل ١٠٠ كيلو زيتون تعطي مابين  ١٦،٥ إلى ٢٤،٥ كيلو زيت في معاصر مصياف التي تضع أكياس الزيتون على رفوف خشب، ولدى الكثير منها ثلاثة خطوط إنتاج، في حين يترك زيتون مزارعينا أرضاً لمدة تفوق العشرة أيام!.

عمل المعاصر
وفي جولة لـ”البعث” على بعض معاصر الزيتون في طرطوس، بيّن بشار مرهج، الذي يتولى إدارة إحدى المعاصر التي تعمل على “العجول”، على مفرق قرية كفر شاغر، أن خطوط إنتاج المعصرة قديمة، حيث يعمل مكبسان فقط، موضحاً أن العمل يبدأ من الساعة السابعة صباحاً حتى التاسعة مساء، وهناك معاناة من عدد ساعات العمل الطويلة نظراً لكميات الإنتاج الوفيرة لدى المزارعين، ولقلة كميات المازوت التي تلبي ثلث الحاجة، إذ تمّ منحهم كميات مازوت حسب الطن، مبيناً أن المازوت يجب أن يكون وفقاً لعدد ساعات العمل، ولدى المعصرة سيارتان لنقل زيتون المزارعين لم تعطَ لهما مخصصات من المازوت ليتمّ تأمينه من السوق السوداء بسعر سبعة آلاف ليرة لليتر.

وحول طريقة التخلص من ماء الجفت الناتج، أشار مرهج إلى أن الطاقة الإنتاجية اليومية ١٠ طن زيتون يتمّ عصرها على البارد، ويوجد خزان يجمع ماء الجفت به، وكل يوم تنتج المعصرة صهريجاً واحداً بسعة 5 م٣ ، يتم توزيعه على الأراضي الزراعية من خلال مشرفين من الوحدات الإرشادية، مشيراً إلى ضغط العمل الذي يمكن أن يستمر للشهر القادم.

تخلص عشوائي
بدوره أوضح مدين محفوض، صاحب معصرة حديثة في قرية البريخية، أن معصرته تعمل بخطي إنتاج: خط على البارد وآخر أوتوماتيك، ويتمّ تصريف ماء الجفت الناتج، والذي يصل إلى نحو عشرة صهاريج يومياً، في الوديان، مستغرباً مطلب مديرية الزراعة بتوزيع الجفت في الأراضي لعدم وجود طرق مفتوحة، كما بيّن أن نسبة من الزيت تبقى بالتمز الناتج، فيتمّ إرساله إلى المدينة الصناعية بحسياء لإعادة سحب ما تبقى من الزيت وصنع الصابون، مبيناً أن اختلاف نسبة الزيت في التمز يعود لوثوقية الآلة بالمعصرة.

عدم اعتراف
ورفض أصحاب المعاصر التهمة التي وجّهها لهم المزارعون من حيث سرعة العمل وعدم عصر الثمار بشكل جيد، ما أثر على قطعية الزيت، وعزوا ما يحدث من نقص إلى العوامل الجوية التي تلعب دوراً في جودة وكمية الزيت، وإلى عدم اهتمام الفلاح بشجره وتخديمه بالشكل الأمثل لجهة وضع السماد له!.
بدوره، رئيس مكتب الشؤون الزراعية في اتحاد فلاحي طرطوس، محمد ديب، أشار إلى أن الفوارق في نوعية الزيت تعود لنوعية الزيتون وطبيعة الأرض وزمن القطاف، معتبراً أن القطعية جيدة، حيث هناك مراقبة دقيقة من قبل الوحدات الإدارية والموارد المائية والزراعة واتحاد الفلاحين، ممثلاً برؤساء الروابط والجمعيات الفلاحية، لعمل المعاصر، وتمّ تحديد أماكن خاصة للتخلص من ماء الجفت الناتج عن العصر، ولتاريخه لا توجد شكاوى حول عدم التزام المعاصر بتصريف الجفت.
وتابع: بصراحة.. نستغرب كلام اتحاد الفلاحين لأن الواقع غير ذلك، بدليل التلوث الذي طال مياه الآبار والينابيع، وأخرج عدة مصادر لمياه الشرب عن الخدمة.

بالأرقام
بلغ إجمالي عدد المعاصر في محافظة طرطوس ٢٣٩ معصرة، بدأت عملها في الأول من تشرين الأول، في حين بلغ إنتاج المحافظة لهذا العام ١٥٦٥٢٧ طناً من ثمار زيتون، نتج منها نحو ٢٥٠٤٤ طن زيت، وذلك وفقاً لرئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصّصة في زراعة طرطوس، المهندس محمد عبد اللطيف، الذي أوضح أن قطعية الزيت تنخفض حسب غزارة الإنتاج، وتختلف بين المكابس ومعاصر الطرد المركزي. ويبقى سؤالنا حول الإجراءات المتخذة حيال المعاصر المخالفة، وعددها، دون إجابة لدى مديرية الزراعة!.

دارين حسن