الهجرة المعاكسة بدأت
تقرير إخباري:
بعد عقود طويلة من الوعد المزعوم بأن فلسطين هي الأرض الموعودة والوطن القومي لليهود، وبعد عدد من المحاولات والحركات التي تحضّ على هجرتهم إليها، ونتيجة سياسة قادة كيان الاحتلال الإسرائيلي المتطرّفة التي أدّت إلى زيادة العنصرية والميليشياوية ضد العرب وحتى اليهود أنفسهم، ونتيجة تخوّفهم من أنّ إرهاب الدينيين الحريديم سيطولهم قبل غيرهم، انطلقت الدعوات بين اليهود لتنظيم هجرة معاكسة من أرض فلسطين، بعد أن خلصوا إلى نتيجة مفادها أنّ كيانهم سيدمّر قريباً، وأن قادتهم سيقودونهم إلى الهلاك لا محالة.
فقد أفادت وسائل إعلام صهيونية في تقرير نُشر اليوم، بأنه في أعقاب نتائج الانتخابات “الإسرائيلية” ظهرت حركة يهودية جديدة تدعو “الإسرائيليين” إلى مغادرة “إسرائيل”.
وحدّدت مجموعة “نغادر البلاد سوية” الهدف الأول بنحو 10 آلاف “إسرائيلي مهاجر”، حسب صحيفة “معاريف” الصهيونية، مضيفةً: إن “أحد رؤساء المجموعة، ينيف غورليك، كان ناشطاً أساسياً في التظاهرات ضد بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة المكلّف) ويعدّ ناشطاً اجتماعياً بارزاً ضد فرض الدين”.
كذلك نقلت الصحيفة عن الناشط مردخاي كاهانا، وهو رجل أعمال “إسرائيلي” أميركي قوله: بعد سنوات من تهريب اليهود من مناطق الحرب إلى “إسرائيل”، قرّرتُ مساعدتهم على المغادرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويُعدّ كاهانا وفقاً للصحيفة، ناشطاً من بين مجموعة من الأميركيين الإسرائيليين الذين خاضوا الانتخابات الأخيرة للكونغرس الصهيوني العالمي، التي حصلت في النهاية على عددٍ كافٍ من الأصوات لإرسال ممثل واحد إلى الكونغرس في “إسرائيل”.
وفي قراءة واقعية لمستقبل كيانه، أضاف كاهانا: “اعتقَدَ أعضاء الحزب الإسرائيلي الأميركي أنني كنت متطرّفاً بعض الشيء، وقلت لهم إن الوقت قد حان لتقديم بديل للحركة الصهيونية في حال استمرّ تدهور الوضع في إسرائيل”، مضيفاً: “لا أريد أن تدمّر بلادنا، ولكن ماذا سيحدث إذا دُمّرت؟”.
ووفقاً لـ”معاريف”، “تلقّى كاهانا عشرات الطلبات من الإسرائيليين للحصول على مساعدةٍ في مجال الهجرة، وخاصةً من أولئك الذين يديرون شركات تكنولوجيا صغيرة ويرغبون في نقل مكاتبهم إلى أمريكا”. وقال حينها: “رأيت أشخاصاً في مجموعة واتس أب يتحدّثون عن إسرائيليين يهاجرون إلى رومانيا أو اليونان، لكنني شخصياً أعتقد أنه سيكون من الأسهل عليهم الهجرة إلى أمريكا”، مضيفاً: لديّ مزرعة ضخمة في نيوجيرسي وعرضت على “الإسرائيليين” الانضمام من أجل تحويل مزرعتي إلى مستوطنة”.
وكتب كاهانا، أنه “مع حكومة كهذه في إسرائيل، يجب على الحكومة الأميركية أن تسمح لكل إسرائيلي يمتلك شركة أو مهنة مطلوبة في الولايات المتحدة مثل أطباء أو طيارين، أن يُهاجر إليها”.
وتأتي هذه الأخبار بالتزامن مع حديث العديد من قادة كيان الاحتلال وفي مقدّمتهم رئيس الكيان إسحاق هرتسوغ الذي قال في وقتٍ سابق: إنّ “الوضع السياسي المعقد في إسرائيل يضع أمامنا تحدّياً تاريخياً”، كما رأى رئيس الحكومة المنتهية ولايته يائير لابيد، أنه “بعد عدة أيام من ذهاب إسرائيل إلى انتخابات، عادت منها منقسمة ومرةً أخرى غاضبة”، مشيراً إلى أنه “علينا أن نقرّر الآن إلى أين تسير (الدولة)، نحن قريبون من نقطة اللا عودة”، أمّا وزير الأمن الداخلي السابق، أفيغدور كهلاني فقد لفت، إلى أنّه “يخشى مصير إسرائيل بعد جيل” معتبراً أن “المشكلات الداخلية ستدمّرها”.
وبقراءة سريعة لما ورد أعلاه، وبالعودة إلى ما نشرته صحيفة “معاريف”، يتضح أنّ الحديث عن زوال كيان الاحتلال ليس أضغاث أحلام وإنما هو أمر واقع، وما ساعد في التعجيل بحدوثه حركات المقاومة في فلسطين والمنطقة التي رفضت الانصياع لرغبات الدول الاستعمارية والقبول بالاحتلال، ورفض العديد من دول المنطقة وفي مقدّمتها سورية التنازل عن الحقوق، فلو افترضنا جدلاً أنّ المستوطنين الصهاينة أحسّوا بالأمان في كيانهم وطاب لهم المقام في أرضٍ ليست بأرضهم لما فكّروا في الهرب من فلسطين.
إبراهيم ياسين مرهج