أخبارصحيفة البعث

“مثل هؤلاء الأشخاص مسؤولون عن أوروبا”

تقرير إخباري:

لا يمكن للعبارة أعلاه إلا أن تؤكّد حجم الانحطاط الفكري والأخلاقي الذي يعيشه الاتحاد الأوروبي، في ظل وجود أشخاص مثل هؤلاء أوكلت إليهم إدارة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، حيث يبدو أن وجود هؤلاء يعدّ مؤشراً واضحاً على المعاناة التي تعيشها الشعوب الأوروبية مجتمعة، فالتصريحات الجاهزة التي يتم تصديرها من خلف المحيط ويتعيّن على المسؤولين الأوروبيين قراءتها دون أن تكون صادرة عن معاينة طبيعية لحقيقة الحدث، تؤدّي غالباً إلى الوقوع في براثن المسؤولين الروس الذين يستثمرونها بمزيد من السخرية من هؤلاء المسؤولين.

فبعد تصريحاته المثيرة للسخرية التي أطلقها مؤخراً، وخاصة عبارته العنصرية التي تحدّث فيها عن فكرة: “أوروبا حديقة والعالم أدغال”، عاد مفوّض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل لإطلاق المزيد من التصريحات التي تعبّر عن جهل كامل لما يحدث في العالم من حوله، وأن مهنته فقط لا تتعدّى إطلاق التصريحات شرقاً وغرباً دون معرفة خلفياتها الحقيقية، حيث أعلن عن فرض عقوبات على إيران “لدعمها أوكرانيا”، بدلاً من الحديث عن دعمها روسيا.

هذا التصريح تناولته المتحدّثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا بشكل ساخر، حيث قالت: “مثل هؤلاء الأشخاص مسؤولون عن الاتحاد الأوروبي. النتيجة واضحة. ستزداد الأمور سوءاً في المستقبل”.

تصريح بوريل الذي أطلقه اليوم الاثنين، قبل اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد، دفع المكتب الصحفي لبوريل في وقت لاحق إلى تصحيح بيانه استدراكاً لما قاله “لدعمها لأوكرانيا، بدلاً من القول لدعمها لروسيا”، وقال: إن بوريل قصد “عقوبات الاتحاد الأوروبي التي ستُفرض على إيران لأسباب إنسانية، وكذلك بسبب الدعم الإيراني للعدوان الروسي على أوكرانيا”.

وتعرّض بوريل بتصريحاته العلنية الأخرى في الآونة الأخيرة، إلى انتقادات كثيرة، حيث قوبلت تصريحاته العنصرية يوم 13 تشرين الأول الماضي عند افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية في مدينة بروج البلجيكية، حول أوروبا “المتميزة” التي هي “حديقة”، والعالم من حولها “غابة”، بردود فعل متباينة في المجتمع الأوروبي والدولي، وأجبرت السلك الخارجي للاتحاد الأوروبي وأهم دبلوماسي في أوروبا على تقديم الاعتذار. وتم تبرير ذلك بأن أقواله نُقلت من سياقها وأسيء فهمها، في الوقت الذي كانت فيه هذه التصريحات شديدة الوضوح.

فإذا كان مثل هؤلاء الأشخاص، كما قالت زاخاروفا، مسؤولين عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فليس غريباً مطلقاً أن تصل الأمور في هذا الاتحاد إلى هذا المستوى من الانحطاط والمشكلات العصيّة على الحل، وخاصة مع مزيد من الهروب إلى الأمام الذي بات سياسة واضحة لهذا الاتحاد، بدلاً من مراجعة الجذور الحقيقية للمشكلات التي تعانيها الاقتصادات الأوروبية، بعيداً عن التبعية العمياء للبيت الأبيض الذي يعاني هو الآخر حالة زهايمر مزمنة.

طلال ياسر الزعبي