تحضيرات خجولة للميلاد ورأس السنة والطقوس ملغاة بسبب جنون الأسعار!
محمد محمود
رغم الأجواء الكرنفالية التي اعتادت عليها طرطوس في فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، كباقي محافظات القطر، لكن حركة ضعيفة جداً يمكن أن نصف بها شوارع محلات الزينة والألبسة في المحافظة مع بداية موسم الأعياد وقرب انتهاء العام، فالناس تعيش تداعيات الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار، وتضع أولويات الطعام والشراب قبل أية اعتبارات أخرى، وبخجل يبحث السكان عن كل الحلول الممكنة لقضاء بهجة الأعياد، وإضفاء طابع فيه شيء من التفاؤل لنهاية العام، حيث تحاول عائلات كثيرة تأمين اللوازم المعتادة للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، بالاكتفاء ببعض الحاجيات الضرورية للعيد، ويلجؤون لإضاءة شجرة ميلاد تعود للأعوام السابقة، لإضفاء بعض البهجة على المناسبة، أو شراء المستعمل منها بأسعار مناسبة لجيوبهم.
أسعار جنونية
وتشهد الأسواق في طرطوس جموداً أو لنقل إقبالاً ضعيفاً مقارنة بالسنوات الماضية، فارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للناس أدى لتراجع إقبال المواطنين على محال بيع الحلويات والملابس والهدايا والزينة. وأظهرت جولة “البعث” على بعض محلات الألبسة أسعاراً تفوق بكثير دخل الشريحة الأكبر من المواطنين حيث يبدأ سعر الجاكيت الرجالي بـ 150 ألف ليرة ويصل لحدود 450 ألف، أما بنطال الجينز فتتراوح أسعاره بين الـ 100 والـ 200 ألف والكنزات بين الـ 80 ألف، وحتى الـ 200 ألف، والأسعار متقاربة بالنسبة للألبسة النسائية وألبسة الأطفال، وهي أسعار تفوق متوسط الدخل بكثير، ويتحدث بعض المواطنين الذين التقيناهم أن موسم الأعياد الحالي سيمر عند معظمهم دون ألبسة جديدة، حيث يقول عماد أحد المواطنين الذين التقيناهم، أبحث عن شراء ألبسة جديدة فقط لأحد أطفالي حيث نشتري الضروري فقط ونتحايل على الأطفال لإقناعهم أن العيد القادم سيكون الشراء من نصيب المتبقين.
زينة مستعملة
أما بالنسبة لزينة الأعياد فتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي عروض لأشجار عيد ميلاد مستعملة تتراوح أسعارها بين الـ 150 ألف وحتى الـ 450 ألف بحسب حجمها، وجودتها. وتقول فيفيان سيدة من طرطوس: بدأت التحضير للميلاد على غرار كل عام، فالشجرة رمز أساسي لا يمكن الاحتفال بدونه نظراً لرمزيتها، مضيفة لا يمكنني أن أحرم أطفالي هذه الفرحة التي كبرنا عليها، لذلك الاستعانة بالزينة القديمة كان الحل الوحيد، فزمن التجديد ولى، خاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي نعيشها، فبعد أن كنا في الأعوام الماضية نبدأ التحضير للعيد قبل شهر من قدومه، وكنا ننتظر بهجة العيد بفارغ الصبر، ونشتري كل ما يتعلق بالعيد من أشجار وزينة وهدايا وألعاب ومواد غذائية، بتنا نخشى قدومه ونستعين بكل ما هو قديم لدينا لمنحه قليلا من البهجة.
حكر على الأغنياء!
وبحسب عدد من الآراء، هناك الكثير من العائلات اضطرت لإلغاء تحضيرات العيد، باعتبار أن شراء مستلزماته يفوق مردودها المادي في ظل تصاعد الأزمة، وهناك من يرى أن شراء حلويات وثياب وشجرة العيد وحضور الحفلات أصبح حكراً على الأغنياء فقط، أما البسطاء فيكتفون بحضور الطقوس الدينية في الكنائس أو زيارة بعض الأقارب، وهناك أسر أخرى كانت قد اعتادت على تخصيص مبلغ مالي لقضاء ليلة عيد الميلاد مع عائلتها أو أقاربها في أحد المطاعم، ولكن ارتفاع تسعيرتها منعهم من ذلك، ويحمل السكان التجار جزء كبير من مسؤولية الأزمة الاقتصادية في البلد، بالقول “كل ما نحن فيه الآن، هو بسبب جشع تجار الأزمة الذين لا يفوتون مناسبة سعيدة أو حزينة لتحكم بالأسعار ورفعها”، أما التجار الذين التقيناهم فيحتجون بارتفاع قيمة أسعار المواد وتكاليف الزينة ومثلها بالنسبة للألبسة وغيرها.
أين الرقابة؟
ويبدو أن هاجس الشكوى عند المواطن الذي مل من رفع الأسعار المستمر أصبح في حدوده الدنيا خاصة فيما يتعلق بأسعار الألبسة والزينة، فبات ينظر بحسرة لأسعار تلك السلع دون شكوى أو أمل بتحصيل نتيجة!
وبحسب بشار شدود، مدير تموين طرطوس، فإن الدوريات الرقابية منتشرة، ويتم تعزيزها في فترة الأعياد لضبط حركة الأسعار قدر المستطاع، ولكن في ظل ظروف اقتصادية صعبة يصبح هذا الموضوع فيه الكثير من التعقيدات، ويضيف: بالنسبة لزينة الأعياد والألبسة فهي بضائع محررة السعر منذ زمن طويل، وتخضع لقانون العرض والطلب والمنافسة، لكن رغم ذلك نحن نتعامل مع أي شكوى ترد من أي مواطن حول غبن أو أي سعر زائد تقاضاه البائع منه ثم نقوم بمتابعة الشكوى بشكل فوري، مؤكداً على أهمية تعزيز ثقافة الشكوى بالنسبة للمواطنين، وبين شدود أنه لا ضبوط حاليا متعلقة بالألبسة أو زينة الميلاد، ومعظم الضبوط والشكاوى التي تسجلها المديرية تتعلق بالأمور التموينية والمواد الغذائية متمنياً تعاون المواطنين بالتواصل مع دوريات التموين، بالاتصال على الرقم ١١٩ لتسجيل أية شكوى أو ملاحظة ونحن نقوم بالمتابعة والكشف على أمل تحسن الأوضاع الاقتصادية وعودة الأسعار لتكون قريبة من القدرة الشرائية للمواطنين.
بكل الأحوال، الرقابة على الأسواق يجب أن تكون حاضرة بقوة، فهناك الكثير من التجار يستغلون هذه المناسبات ويفرضون الأسعار التي تناسب جشعهم غير مبالين بأحد!.