كلهم تجَّار.. غايتهم الأموال..!!
قسيم دحدل
لم تكن المفاجأة أن يصف دكتور الصدرية، بعد معاينته سريرياً للمريض، إبر التهاب بدلاً من أقراص الدواء، مبرراً لجوءه لهذا الخيار بعدم فعالية الأقراص أو كبسولات الدواء.
هذه الواقعة يومها كانت مثار نقاش حول فعالية الدواء وتوفره، على إثر ما وصلا إليه من ترد، الأمر الذي أدى إلى أن يفضّل الدكتور -وهو الأخبر- الخيار الأخير الأكثر أثراً -أي الإبر- وليس المحقق للمواصفات الدوائية اللازمة التحقق 100%..!!.
تعقيباً على ذلك، كان سؤالنا: هل يعقل أن يتمّ التخفيف من المادة الفعّالة في الدواء لأن سعره لا يتناسب مع تكاليف إنتاجه، ولو على حساب صحة “البني آدم”؟! للأسف كان الجواب: كل شيء ممكن، والدليل أن الأطباء يصفون الدواء، لكن المرضى لا “يتحسنون” عليه، وهذا ليس جواباً لطبيب واحد بل أطباء عدة!!.
ما سلف كان “أشد لعنة” من لجوء منتجي الدواء، وأصحاب مستودعات التوزيع، إلى حجب الكثير من الأصناف الدوائية، بل والمزمنة، بغاية الضغط على الجهات المعنية للرضوخ لمطالباتهم برفع الأسعار. والسؤال المؤلم هنا، والذي يفرض نفسه: هل يعقل أن يلجأ مصنّعو وموزعو الدواء لهذه الأساليب الخالية من أي أخلاق، وعدم التحسب لخسارة المصداقية والثقة بأدويتهم وصناعاتهم، كي يحصلوا على ما “عملوا الشرين” من أجله، وتمّ لهم هذا، وبنسبة 50% لمعظم الأصناف الدوائية، ولـ 80% لأصناف أخرى؟!!.
نعم.. هذا ما حدث ويحدث، وبإمكان أي كان القيام بجولة سريعة على عدد من الصيدليات ليتأكد من خلوها من الأدوية المطلوبة، وليكتشف أن القدرة على الاحتكار والتحكم بأسواق الدواء أمر واقع وملموس لم يستطع أحد ضبطه ومكافحته “لا بالحلال ولا بالحرام”..!! والسؤال الذي يضاف: إلى متى هذه “الدكتاتورية” في التحكم والاحتكار؟ وإلى متى يمكننا الرضوخ لأمثال هؤلاء التّجار بالبشر والغذاء.. والأخطر بينهم تجار الصحة؟!.
من المؤسف والموجع جداً، والذي يندى له الجبين، أن تصل الأمور إلى هذه “المواصيل” من المتاجرة بالأرواح، كرمى عيون الأخضر الذي أضحى غاية وهدفاً يهون دونه كل شيء، وتستخدم للوصول إليه أبشع وأحط الأساليب والطرق!!.
“عبيد الأخضر” كان لهم ما أرادوا، وجاء رفع الأسعار 50%، وتضاعفت التكاليف على المرضى، كما تضاعفت قبل يوم على المواطنين عامة، نتيجة قرار تحرير الأسعار، وفق المثل القائل “ما حدا أحسن من حدا”، فكلهم بالمحصلة تجَّار، وجلَّ همّهم ليس استدامة الأعمال، بل أكبر كمّ من الأموال، سواء أكانوا صادقين أم كاذبين، في ظل العام من حالة فقر الحال الذي بلغ ما بلغ!!.
وبانتظار الجزء الثاني من سيناريو زيادة الـ50% الأخرى، نقول: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله.
Qassim1965@gmail.com