اقتصادصحيفة البعث

ولأن المرحلة تحتاجنا فاعلين.. لا منفعلين!!

قسيم دحدل 

وكما لا تتناسب مطلقاً الأسئلة الكبيرة مع الأجوبة الصغيرة، كذلك لا يمكن أن تتناسب الأجوبة الكبيرة مع الأسئلة الصغيرة، وهذا ما يمكن إسقاطه على محاولات معرفة المحركات التي تتحكم بالاقتصاد في أيامنا هذه، حيث تختلط عناصره وتتداخل لدرجة لم نعد نعرف ما يحدث ولماذا يحدث ولأي هدف!.

ولعلّ الكثير من القرارات والتعاميم ينطبق عليها ما أنف من مقولة أو معادلة، وخاصة حين نودّ وبشدة العلم بخلفيات كلّ منها، إذ لا يكفي أبداً أن نظلّ متلقين منفذين لأمور وأشياء لا نعرف أسباب وجودها أو مبررات اتخاذها وفعلها، لأن شرط المعرفة والإدراك يجب أن يقترن بكل ما يصدر، إذا ما أردنا تقبل الفكرة والتوجيه والعمل على تنفيذهما والنجاح فيهما.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، قد يعتقد المسؤولون أن مجرد السؤال -علماً أنه حق- عن أسباب إصدار قرار يُلزم أصحاب البقاليات أو الدكاكين الصغيرة وما شابه ذلك من نشاطات اقتصادية صغيرة ومتناهية الصغر تندرج في خانة الخدمي لا الاستثماري التنموي، أن يقوموا بعمل سجلات تجارية لمنشآتهم، مجرد سؤال صغير لا يستأهل الردّ والتوضيح لمبررات وأسباب صدوره، بينما مثل هكذا سؤال هو بحدّ ذاته كبير، ولاسيما أن تنفيذ القرار يرتّب على المستهدفين منه وعلى الدولة في آن معاً، الكثير من العمل والكثير من الجهد والوقت والتكاليف، وستتوقفُ على إنجازه أمور مالية وتنظيمية وفنية مهمّة للاقتصاد الوطني، إذ ربما تكون الغاية في أساسها ومنطلقها هي رصد “اقتصاد الظل”، وبالتالي رصد ورقابة على كلّ مدخلاته ومخرجاته وإنفاقاته وعائداته.

ولكي نقطع الطريق على كلّ ما يمكن أن يُتهم به أي قرار تتخذه الحكومة، كالقول بأنه قرار خاطئ أو غير مناسب، أو أن غايته فقط هي الجباية في ظل ظروف مادية “عدائية”، فلا مناص من وجوب أن تسبق موجبات وأهداف القرارات نصوصها، خاصة وأن أغلب النصوص اكتفت بالطلب والأمر والإلزام، ما يجعلها في غالب الأحيان مبهمة في مبرراتها وغاياتها، الأمر الذي يجعل الرأي العام ينظر إليها من باب الريبة والشبهات، لا من باب الضرورات، حتى وإن كانت تبيح المحظورات!.

وقد يكون ما صرّح به أحد أعضاء مجلس الشعب حول قرار التجارة الداخلية بإلزام أصحاب المحال والبقاليات بالحصول على سجل تجاري، خير مؤشر على ما أسلفنا، إذ وصف القرار بأنه إضافة جديدة للقرارات العشوائية غير المدروسة، وإن كان الموضوع يأتي في إطار التنظيم إلا أن توقيته وفق الظروف الحالية غير مناسب، لذلك كان طلبه من الحكومة إلغاء القرار أو تأجيله إلى وقت آخر، وتخفيف الأعباء عن المواطنين في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ في الوقت الحالي على البلاد.

نحن فعلاً بحاجة إلى أن نفهم ونعلم ماهية القرارات الاقتصادية التي تصدر، ولاسيما أن كلّ ما صدر منها لغاية تاريخه، لم يحرك بالاتجاه الإيجابي ساكنة، بل كانت المنعكسات مثار تساؤلات لم نتلقَ عليها ما يبرّر أو يُفحم، كي لا نظلّ “كالطرشان في الزفة”، فالمرحلة تحتاجنا فاعلين إيجابيين لا منفعلين سلبيين!!.

Qassim1965@gmail.com