مجلة البعث الأسبوعية

تكلفة الدونم ارتفعت من 10 آلاف لـ3 مليون.. بطء في تطبيق الري الحديث رغم سلة الحوافز “الدسمة”!

البعث الأسبوعية – ريم ربيع

محاولات عديدة لكنها بطيئة الأُثر تتخذ اليوم لإعادة إنعاش الحياة في مشروع الري الحديث بعد أن جف طيلة فترة الحرب، فالمشروع الذي توقف عام 2012، وواجهت شبكاته التخريب أو الحرق والسرقة والتلف خلال هذه السنوات، أعيد إحياؤه العام الماضي بشروط وتسهيلات جديدة، وعادت اللجنة العليا للري الحديث لتطلق حزمة إضافية من الحوافز خلال اجتماعها مطلع هذا العام، لعلها تستقطب الفلاحين مجدداً في وقتٍ تحذر به مختلف المراكز البحثية من الجفاف الذي بدأ يصيب المنطقة ونلمس آثاره الواضحة في القمح وغيره من المحاصيل.

تسهيلات ولكن!

البطء الذي يواجه تطور المشروع يعود أولاً إلى ارتفاع التكاليف التي لم يعد الفلاح قادراً على تحملها برفقة خساراته المتتالية، وتكاليفه المتضاعفة، فرغم التسهيلات التي وصفت بالجيدة، وتحمل الصندوق لجزء من التكلفة سواء كانت قرضاً أم شراء مباشر، إلا أن معظم الفلاحين غير قادرين على تركيب الشبكات الحديثة في ظل تكاليف المازوت والسماد والزراعة والحصاد، فالمحظوظ اليوم من يتمكن من تحقيق أي ربح في ظل التدهور الزراعي الحاصل، يضاف إلى ذلك صعوبة إقناع الفلاحين بالري الحديث وهم لم يلمسوا آثار الجفاف بشكل مباشر بعد، فالمياه “ببلاش” كما يقولون، وطالما يوجد منافذ عدة للمياه، تصعب المبادرة لتركيب الشبكات الجديدة.

تفضيل لابد منه

مدير صندوق الري الحديث في وزارة الزراعة هاني حمادة لم ينكر وجود ضعف في الإقبال، إلا أنه اعتبر أن حزمة الحوافز التي قدمتها الحكومة مؤخراً مشجعة جداً للفلاحين، حتى يعود المشروع إلى سابق عهده بعد توقف طويل، حيث تضمنت ميزات تفضيلية لمن يعتمد على الري الحديث دون سواهم، من بينها الإبقاء على رسوم الري للفلاحين الذين تحولوا للري الحديث بحدود 15 ألف ليرة للهكتار سنوياً، أما من لا يطبق هذا الأسلوب ستصبح رسومه 50 ألف للهكتار، وتزداد بشكل دوري حسب الكلفة الحقيقية لري الهكتار، إضافة إلى ربط الحصول على قروض الطاقة البديلة للآبار بوجود وثيقة تثبت تركيب أحد شبكات الري الحديث، خاصة وأن البعض يأخذون قروض طاقة للآبار، ويقومون ببيع المياه بدلاً من استثمارها في الزراعة، مما يزيد من استهلاك المياه الجوفية بلا جدوى.

ورغم وجود تحفظات لدى البعض حول هذين البندين (تكلفة الري وقروض الطاقة) على اعتبار أنهما يتضمنان بعض الغبن للفلاحين الذين لم يطبقوا المشروع، إلا أنها ضرورة لا بد منها وفق المختصين، فالمتوفر اليوم من المياه لن يكون ذاته بعد أعوام قليلة، وهنا أوضح حمادة أن 80% من استهلاك المياه يكون بالزراعة، لذلك يعتبر الري الحديث اليوم من أهم الملفات التي يجب العمل عليها، فنسبة التوفير في التنقيط 80%، وفي الرذاذ 90%، بينما يوفر الري السطحي المطور حوالي 25%، وهي الأساليب الثلاثة المطبقة حالياً وفق حمادة.

8415 مستفيد

وأمام الواقع المائي الموجود وتواضع المساحات المروية بطرق حديثة، تكثر الأسئلة عن المحاصيل الإستراتيجية ومدى إمكانية تطبيق أساليب الري على مساحات واسعة جداً كما في القمح، فبعد أن تحفظ البعض على تركيب شبكات الري لمساحات القمح والقطن الواسعة نظراً لتكلفتها الكبيرة، أوضح حمادة أنه بالنسبة للقطن فأسلوب الري المناسب هو التنقيط، ويتم إعطاء الشبكة لكامل المساحة مهما كانت، أما القمح فهو يروى بالرذاذ، ويتم تركيب الشبكة على نسبة من المساحة فقط وليس كامل المساحة، ويتم نقلها حسب الحاجة على امتداد الأرض، لأن التغطية الكاملة تشكل تكلفة إضافية كبيرة وبلا جدوى، إذ تؤدي الشبكة المتنقلة الغرض المطلوب.

وأضاف حمادة أن الخضار يتم ريها بالتنقيط، وكذلك الحمضيات، أما الري السطحي المطور فقد كان مطبقاً بالمنطقة الشرقية قبل الحرب، وكان يوجد حوالي 30 جرار لتنفيذه، إلا أنها بمعظمها خربت وسرقت، واليوم بقي جراران عاملان وخمسة يتم إصلاحهم، مشيراً إلى أن عدد المستفيدين منذ بداية المشروع قبل الحرب بلغ 8415 فلاح، فيما تقدر المساحة المطبقة بـ 46.186 هكتار، غير أن هذه الأرقام تتضمن حتى من تضررت شبكاتهم خلال الحرب إذ لم يتم إحصائهم بالكامل بانتظار تقدمهم لفروع الصندوق للحصول على قروض جديدة.

أما خلال العام الماضي الذي شكل بداية المشروع مجدداً فقد استفاد حوالي 320 فلاح، وصدرت قرارات منح بـ11.5 مليار ليرة، وبلغت قيمة الدعم 4.5 مليار، حيث تم تنفيذ 6500 دونم، بينما رصد لخطة الصندوق لهذا العام 20 مليار ليرة، وتتضمن الخطة 1700 هكتار موزعة على المحافظات، إضافة لـ700 هكتار بسهول حلب الجنوبية، وتأجيل الـ700 هكتار الباقية فيها للعام المقبل.

صنع محلي

وحول المعدات اللازمة للمشروع، أوضح مدير صندوق الري الحديث أن معظمها مصنعة محلياً، فيما يتم تأمين بعض الإكسسوارات المتبقية استيراداً، مضيفاً أن تأمين الشبكات والمواد الأولية للفلاحين يكون عن طريق الشركات المتعاقدة مع الصندوق، وعددها اليوم أربعة فقط، بعد أن كانت قبل الحرب 16 شركة أجنبية و45 معمل محلي في مجال الري الحديث.

تقاسم مشترك

حمادة أكد أن الصندوق يتحمل 50% من قيمة الشبكة إذا كان الدفع نقداً، والنصف الآخر يتحمله الفلاح، أما بالنسبة للقروض، فيتحمل الصندوق 40%، ويقسط الفلاح 60% على خمس سنوات بعد سنتين راحة وبلا فوائد، لذلك تعتبر هذه التسهيلات مكسب وفرصة لأي فلاح، أما الحوافز التي أقرتها اللجنة العليا للتحول للري الحديث فتتضمن منح قرض جديد للمستفيدين سابقاً من صندوق الري الحديث، وتضررت شبكاتهم بسبب العمليات الإرهابية، وذلك بنسبة دعم 20%، إضافة إلى قبول كفالة الاتحاد العام للفلاحين بدل الكفالة العقارية نتيجة تضرر البيانات العقارية للبعض.

حسب الاحتياج

كما تم إلغاء عمولة المصرف الزراعي المقدرة بـ 1% من قيمة القرض، وذلك للتخفيف عن الفلاح لأن قيمة الشبكات أصبحت كبيرة جداً، فمثلاً تكلفة الدونم التي كانت عام 2010 حوالي 10 آلاف ليرة، أصبحت اليوم تكلف 1-3 مليون ليرة، بالإضافة إلى فتح سقف القروض للجمعيات الفلاحية بعد كانت سابقاً 50 مليون ليرة فقط، أما اليوم يمنح القرض حسب الاحتياج الفعلي للأرض ولا يوجد حد أقصى، كما تم رفع سقف السحب اليومي للشركات المتعاقدة مع الصندوق من 5 مليون ليرة لقيمة الشبكة بالكامل، إلى جانب التوجيه بحصول المعامل المنتجة على مازوت بالسعر الصناعي.