نقابة المهندسين تخفض أتعاب المكاتب الهندسية إلى 40% من التعرفة.. في سياق العمل على تجاوز آثار الزلزال.. مطالبة بإعفاء المنكوبين من رسوم ترميم وإعادة بناء منازلهم
البعث الأسبوعية – معن الغادري – مروان حويجة – وفاء سلمان
حالة من الجدل اكتنفت تحميل منكوبي الزلزال تكاليف الكشف الفني عن الأبنية المتصدعة جراء الزلزال أو ترميمها أو إعادة بنائها، وما إلى ذلك من رسوم تفرضها الجهات المعنية، في وقت تهافت فيه المجتمع المحلي على تقديم يد العون والمساعدة كل حسب موقعه واستطاعته، لتتعالى الأصوات المتحفظة على والمطالبة بإعفاء المنكوبين من أية تكاليف في هذا الصدد، فكما أن الأطباء على سبيل المثال لا الحصر سارعوا لتقديم ما أوجبه عليهم ضميرهم بتطبيب المصابين، يتوجب على المهندسين الاضطلاع بدورهم الاجتماعي في هذا الصدد، خاصة بعد تداول بعض الأنباء حول تقاضي المكاتب الهندسية أتعاباً ليست بالقليلة على الدراسة الإنشائية وإعداد المخططات والإشراف على التنفيذ الإنشائي!
حملة مغرضة
البداية مع نقيب المهندسين المهندس غياث القطيني الذي نفى تقاضي أي مبلغ مالي من المتضررين من الزلزال أثناء عملية الكشف لتقييم الأبنية المتضررة، مشيراً إلى وجود حملة مغرضة تعرضت لها نقابة المهندسين من قبل حالة فردية فقط لغايات ومآرب في نفسه.
تخفيض
وبين القطيني أن إعداد الدراسات والمخططات التفصيلية لأعمال التدعيم والترميم للأبنية والمنشآت المدروسة والمنفذة من قبل الجهات العامة أو الخاصة، تتم عن طريق تشكيل لجنة من المهندسين ذوي الاختصاص والخبرة لإعداد الدراسة التدعيمية والمخططات التفصيلية للعناصر الإنشائية المتضررة بموجب القرار ٤٣ لعام ٢٠٢٢، إضافة إلى تقديم تقارير الاختبارات الإنشائية للخرسانة المسلح وتقارير ميكانيك التربة والجيوتكنيك لدراسة تربة التأسيس ومدى مقاومتها الحمولات الشاقولية والزلزالية، مشيراً إلى أن النقابة أصدرت قراراً يتم بموجبه استيفاء أتعاب تصديق الدراسات التدعيمية بواقع ٥٠% من التعرفة المعمول بها، واستيفاء أتعاب تدقيق الدراسات بواقع الثلث من أتعاب الدراسات، واستيفاء أتعاب الإشراف على التنفيذ لأعمال التدعيم بواقع ٥٠% من التعرفة المعمول بها، علما أن نقابة المهندسين وفروعها بالمحافظات تساهم بنسبة ١٠% من قيمة أتعاب الدراسات والتدقيق والإشراف بحيث تصبح الأتعاب المستوفاة من المواطنين أصحاب الأبنية والمنشآت المتضررة نتيجة الزلزال بنسبة ٤٠% من التعرفة المعمول بها بدل ٥٠%، على أن يتم إعداد التقارير الفنية (التقييم الوصفي والسلامة الانشائية) ودارسة التدعيم للعناصر المتضررة بناء على طلب الوحدة الإدارية وتصدق التقارير الفنية والدراسات وعقود الإشراف من فرع النقابة، مؤكداً في ذات الوقت أن النقابة لا تتقاضى أية رسوم مالية.
من غير المقبول
وهنا يعتبر عضو مكتب تنفيذي في مجلس مدينة اللاذقية الدكتور عمار مصطفى زين العابدين أنه من غير المقبول إلزام الأبنية المخلاة والمشمّعة بضبط شرطة نظامي، بدفع مبلغ يفوق المليون ليرة سوريّة لتشكيل لجنة خماسية مهمتها دراسة حالة البناء وإعطاء رؤيتها وتقديرها للتدعيم أو الترميم، مطالباً نقابة المهندسين المركزية بإلغاء كافة الرسوم والأتعاب نتيجة هذه الكارثة التي أتعبت الجميع.
ليس خياراً
من جهته بين عضو اللجنة الدائمة للزلازل الدكتور عادل عوض أنه هناك مرسوم ينص على أنّه في حالة الكوارث الطبيعية مثل الزلازل يُعفى المتضررون من رسوم إعادة البناء أو تدعيمها وغير ذلك، كما أن هناك القانون رقم ٢٣ لعام ٢٠١٥ الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن والذي نصّت الفقرة ب من المادة 149 “تُعفى العقارات المنكوبة بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب من الرسوم المالية والتكاليف المحليّة والرسوم الأخرى المترتبة على إعادة البناء”، وبالتالي فإن نقابة المهندسين مُلزمة بتطبيق النص القانوني وليس خياراً!
لابد من الإعفاء
أما عضو لجنة الإنشاء والتعمير في مجلس مدينة اللاذقية نور الصباح الشيخ فقد دعا إلى ضرورة إصدار تشريعات وقوانين خاصة بالمناطق المنكوبة، وتشكيل هيئة تحدّد الأولويات والمستلزمات، مشدداً بذات الوقت على إعفاء المنكوبين من أية رسوم تتعلق بأعمال التدعيم والبناء وغيرها للتخفيف نسبياً من مصابهم، والعمل على الالتزام بتنفيذ القانون رقم /23/ لعام 2015 والذي ينصّ على أنّ جميع المباني المتعرّضة للكوارث الطبيعية والحروب تعفى من الرسوم المالية وجميع المتعلقات المالية المترتبة عليها لإعادة البناء.
نفي قاطع
رئيس مجلس محافظة حلب محمد حجازي نفى بشكل قاطع قيام اللجان الهندسية والفنية المكلفة بالكشف عن الأبنية المتصدعة نتيجة الزلزال بتقاضي مبالغ مرتفعة من أصحاب المنازل المتضررة، مؤكداً أن كافة اللجان الفنية والهندسية التي تقوم بعملية المسح الفني على الأبنية على كامل جغرافية المدينة، لا تتقاضى أي أجر، وعملها تطوعي بحت، مؤكداً عدم إبلاغهم بحدوث أية حالة من هذا القبيل.
عمل طوعي
بدوره أكد المهندس هاني برهوم رئيس فرع نقابة المهندسين بحلب أن كل اللجان الهندسية والفنية المشتركة تعمل بالمجان وبشكل تطوعي، وأن مجلس النقابة يتابع عمل اللجان عن قرب، وترد إلى النقابة يومياً التقارير الفنية، ويتم دراستها ومن ثم إرسالها إلى غرفة العمليات في المحافظة لاتخاذ اللازم، إذ تخضع مثل هذه المخالفات إلى عقوبات متسلسلة قد تصل إلى الفصل من النقابة.
تنسيق
المهندس أمين أمين رئيس إحدى لجان الكشف الفنية بين أن منذ اللحظة الأولى لحدوث الزلزال وضعت النقابة كل إمكاناتها وخبراتها وفرقها الهندسية بتصرف غرفة عمليات الإغاثة، وما تقوم به هذه اللجان من عمل يندرج في إطار العمل التطوعي والجهود المشتركة لمساعدة الجهات الرسمية والأهلية في الكشف والتقصي عن المباني المتضررة، والتي تهدد حياة ساكنيها، ولهذا الغرض سارعت النقابة وبالتنسيق مع غرفة العمليات وجامعة حلب ومجلس المدينة والشركة العامة للدراسات، بوضع خطة شاملة ومتكاملة، لإجراء عملية الكشف والمسح على كافة أحياء المدينة، إضافة إلى توزيع اللجان المشكلة على محاور عدة من ضمنها المؤسسات والمديريات الحكومية والمدارس والاتصالات، وغيرها من القطاعات الخدمية في المدينة.
استعانة خاصة
وبين أمين أن عمل اللجان مستمر حتى اللحظة، ومن دون أي مقابل مادي، مشيراً إلى أن البعض من الأهالي قد يستعينون بمكاتب هندسية خاصة لتدعيم أبنيتهم ومنازلهم لقاء أجور يتم الاتفاق عليها بين الطرفين، وهو خارج إطار عمل اللجان الفنية المشكلة من قبل النقابة ومجلس المحافظة، ولا علاقة له بالمهام المنوطة بها.
للقانون رأي
حتى لا نغفل رأي القانون في هذا الأمر يبين المحامي خلدون محمد سعيد القسّام أن الدستور هو العقد الاجتماعي الأسمى الذي يربط بين الفرد وأدوات الحكم وهو البوصلة الأساسية لمجمل القوانين والأنظمة التي تؤكد مأسسة الدولة، وهو عنوان قوتها بمدى التزام الفرد والأنظمة بموادّه ونصوصه، مشيراً إلى أنه ونحن في هذه الكارثة الطبيعية التي فرضها الزلزال المدمّر، والذي جعل من بعض المناطق في سورية مناطق منكوبةً، نجد أنّ هناك ابتعاداً عن جوهر القانون بما فُرِضَ من رسومٍ وضرائبٍ من بعض الجهات الإدارية بحجّة أنها رسومٌ مستحقة متناسية أنها تخالف نص المادة /١٩/ من الدستور الذي ينص “يقوم المجتمع في الجمهورية العربية السورية على أساس التضامن والتكافل واحترام العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة وصيانة الكرامة الإنسانية لكل فردٍ”.
نظرة عاجلة
ويرى القسّام أنّ المطلوب نظرة سريعة وعاجلة لإعفاء كافة المواطنين من الرسوم المالية الإدارية والنقابية تسهيلاً للمتضررين وتحقيقاً لنصوص الدستور والقانون وتأكيداً لمبدأ التكافل والتضامن المجتمعي.
استقصاء
لدى استقصاء آراء عدد من الأهالي في هذا الإطار أكد بعضهم أنه تم الكشف على منازلهم عقب الزلزال، وأن اللجان الفنية والهندسية لم تطلب أي أجر مقابل عملهم، وكان عملهم متقناً، لجهة الكشف الدقيق على المباني، وتقديم النصح والمشورة للأهالي، لتجنب أي ضرر قد ينتج عن وجود تصدعات أو تشققات.
في حين دعا البعض الآخر ممن أخلوا منازلهم إلى إعادة النظر كليّاً وعاجلاً بكل ما يتم تداوله من قيم وتكاليف ورسوم صادمة لهم، لأنه ليس عندهم القدرة على تحمّلها أياً كانت قيمتها، وأنهم كانوا ينتظرون الدعم والمساعدة بدل فرض الأتعاب والرسوم والتكاليف التي تفاقم معاناتهم التي خلّفتها كارثة الزلزال وقلبت أحوالهم المعيشية والحياتية رأساً على عقب في كل المجالات.
أخيراً
لا شك أن ما تنطوي عليه المناطق المنكوبة من تداعيات وآثار كارثية تستوجب بالضرورة إجراءات وقرارات استثنائية للتخفيف من هذه الآثار على المنكوبين والمتضررين ولاسيما لجهة إعادة بناء ما تهدم من أبينة وعقارات سكينة ذات التكاليف العالية بالأصل، لتتضخم هذه التكاليف في ظل ارتفاع مستلزمات البناء ومواده التي لا تخفى على أحد، وبذلك تبقى الكرة بملعب الجهات الحكومية والنقابية المعنية بذلك، لتأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وتشتغل على التدخل الإيجابي لصالح المتضررين هذا من جهة، أما من جهة ثانية لعلّ النقطة الأهم في هذا السياق تتمثل بالاستفادة القصوى من تجميد العقوبات على سورية والعمل باستيراد ما يلزم من مواد البناء العصرية خاصة تلك التي تتمتع بخصائص الإنشاء السريع، والآلات الضرورية غير الموجودة محلياً والتي تساعد بالإنشاء السريع، وكذلك خطوط إنتاج حديثة لها علاقة بالإنشاء السريع وتشييد الأبنية مسبقة الصنع.