مجلة البعث الأسبوعية

بعد خمس مراحل من الدوري الكروي الممتاز الشغب في ازدياد والعقوبات بالمرصاد.. كوادر كرتنا بحاجة إلى المزيد من الوعي واحترام القوانين والتحلي بالأخلاق الرياضية

البعث الأسبوعية-ناصر النجار

انتهت خمس مراحل من الدوري الكروي الممتاز وانتهى ذهاب مباريات دوري شباب الممتاز باستثناء بعض المباريات المؤجلة، ومازالت الدوريات الأخرى تتابع جداول مبارياتها سواء الدوري الأولمبي أو رجال وشباب دوري الدرجة الأولى ودوريات البراعم وغيرها.

المشهد الآخر من المسابقات الرسمية بعيداً عن المباريات والمنافسات والنتائج يدعو إلى القلق، فإذا كانت مباريات الدوري الممتاز للرجال مسلطة عليه الأضواء والكل يعرف كل صغيرة وكبيرة تجري في ملاعبه، فإن باقي المسابقات تعيش في الظل ويحدث في الكثير منها العجب العجاب من مخالفات ومشاكل، ومهمة العلاج هنا بالتحديد تقع على المراقبين المؤتمنين على مهامهم أن ينقلوا الصور الصحيحة دون محاباة لأحد، فمسؤولية ضبط الدوري تقع على عاتقهم مع الحكام المفترض متابعة كل التفاصيل بدقة، ولا شك أن من هؤلاء من يتمتع بالأمانة والشجاعة وقد رصدوا مخالفات لعضوين من أعضاء اتحاد كرة القدم، وهذان العضوان للأسف بدل أن يساهموا في ضبط الملاعب زادوا النار فيها اشتعالاً، وإذا كان المسؤولون عن قيادة الدوري الكروي على الشاكلة هذه فلا عتب على البقية!

لجنة الانضباط والأخلاق تبذل جهدها في سبيل اللعب النظيف فتتابع كل شاردة وواردة وتجري تحقيقاتها السرية والعلنية أملاً بالوصول إلى الحقائق حتى لا يصدر أي قرار فيه ظلم لأحد، الحقيقة البشعة أن المخالفات وقعت بها كل أندية الدرجة الممتازة وأكثر من نصف أندية الدرجة الأولى، والغريب أن المخالف يلقى كل تشجيع من ناديه، بل يبادر هذا النادي بنصرة المخالف من خلال الاعتراض على العقوبة وغيرها من الأمور الأخرى التي لا نود التطرق لذكرها.

في عدد اليوم نلقي إضاءة على عمل لجنة الانضباط والأخلاق وآلية عملها والأدلة التي تعتمدها وأهم المخالفات التي ترتكبها الأندية وكوادرها ولاعبيها من أجل التوعية وتفادي الوقوع مرة أخرى في هذه المخالفات، ونقدم عرضاً تفصيلاً للعقوبات التي فرضت والمبالغ المالية التي تكبدتها الأندية كمؤسسة وأفراد وكان يمكن الغنى عنها بالقليل من ضبط النفس والاعصاب.

آلية العمل

في البداية وحتى لا يستشكل على كوادر اللعبة واللاعبين وجمهورنا الكروي لا بد أن نذكر آلية عمل اللجنة بشأن اتخاذها القرارات المتعلقة بالمخالفات المرتكبة في المباريات الرسمية والودية ونبدأ بأدلة إثبات المخالفات التي تعتمد على: التقارير الواردة من المباريات من الحكام والمراقبين والمشاهدات التلفزيونية من مصادر نقل معتمدة، ويتم التحقيق في بعض الحالات إذا وجد تناقض بالتقارير بين المراقب والحكم أو تم إغفال لحالة حدثت ولم يرصدها الحكم أو المراقب، وكذلك في حال وجود شكوى رسمية من أحد أطراف المباراة عن طريق الأمانة العامة لاتحاد كرة القدم.

وبعد صدور العقوبة يمكن الاعتراض عليها عبر طريقين اثنين أولهما: الاستئناف، وهذه اللجنة تختص بالنظر في العقوبات الانضباطية التي تزيد عن ثلاث مباريات، والغرامات المالية التي تزيد عن مليوني ليرة سورية، في حال تقديم استئناف من قبل المخالف عن طريق الأمانة العامة ضمن الشروط المعروفة مع تقديم أدلة جديدة ربما أغفلتها التقارير أو غابت عنها، والطريق الثاني تقديم التماس إلى لجنة الانضباط والأخلاق للنظر مرة أخرى في العقوبات التي ليست من مهام لجنة الاستئناف إذا وجدت أدلة جديدة غابت عن أدلة الاثبات بسبب تقصير المراقب، أو الحكم، أو عدم انتباههما، أو عدم الدقة في توصيف الحالات، والالتماس يقدم مع الشواهد والأدلة الجديدة إلى لجنة الانضباط والأخلاق عن طريق الأمانة العامة.

صلاحية اللجنة

من صلاحيات لجنة الانضباط والأخلاق فرض عقوبات انضباطية وغرامات مالية وإقامة مباريات بلا جمهور ونقل مباريات خارج الأرض وشطب نقاط، وهذه العقوبات توجه إلى كل أطراف اللعبة في حال حدوث مخالفة ووجود أدلة الإثبات لهذه المخالفة ضمن المواد القانونية الموجودة في لائحة الإجراءات الانضباطية والأخلاق.

ومن أهم المخالفات المرتكبة نجد المخالفات الصادرة عن الجمهور وأهمها: شتم الحكام، أو الفريق المنافس، أو جمهور الفريق المنافس، أو الرسميين وإلقاء الحجارة أو زجاجات المياه على الملعب، وإلقاء الشماريخ أو القنابل الدخانية أو الألعاب النارية على الملعب ومحاولة التهجم على الحكام أو المنافسين أو الرسميين وحدوث الاعتداء فعلاً على الحكام أو المنافسين أو الرسميين، وتؤخذ بهذه المخالفات سواء كانت فردية أو جماعية، أو حدثت قبل أو أثناء أو بعد المباراة.

ومن المخالفات التي يرتكبها كوادر اللعبة واللاعبون، شتم الحكام، أو الفريق المنافس، أو جمهور الفريق المنافس، أو الرسميين ومحاولة التهجم على الحكام أو المنافسين أو الرسميين، حدوث الاعتداء فعلاً على الحكام أو المنافسين أو الرسميين، اللعب العنيف، وأيضاً تؤخذ بهذه المخالفات سواء كانت فردية أو جماعية، أو حدثت قبل أو أثناء أو بعد المباراة.

أما المخالفات التي تقع بها الأندية: عدم احترام مواعيد الوصول إلى الملعب والإحماء والخروج من الإحماء وبدء المباراة وتقديم اللوائح الاسمية في الوقت المحدد، ووجود أشخاص من الأندية على مضمار الملعب أو على دكة الاحتياط دون أن يكون اسمهم مقيد على ضبط المباراة.

وهناك عقوبات أخرى تماثل الجرائم الالكترونية من خلال الإساءة على مواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت هذه الإساءات للرسميين أو الأندية أو الكوادر أو اللاعبين، مهما كان صفة الشخص المسيء.

احصائيات وأرقام

عقدت اللجنة منذ انطلاق الموسم الكروي وحتى تاريخ 16/11/ 2023 ثمانية اجتماعات دورية صدر عنها 92 قراراً هي مجموعة من العقوبات بحق الأندية واللاعبين والكوادر حسب الآتي: بلغت الغرامات المالية بحدود الأربعين مليون ليرة سورية.

والكثير من الأندية تمت معاقبتها بسبب جماهيرها منها ناديان من الدرجة الأولى، وعوقب ستة وثلاثون لاعباً ومدير فريق واحد ومدرب فريق واحد، وإداريان اثنان، ومساعدان للمدرب وثلاثة مدربين للحراس ومعالجان ومسؤول تجهيزات واحد ومصور واحد وثلاثة إعلاميين.

ومن العقوبات الكبيرة كانت عقوبة استبعاد نادي المحافظة وهبوطه إلى الدرجة الثانية مع غرامة مقدارها خمسة ملايين ليرة سورية، وعقوبة إقامة مباراة بلا جمهور فرضت على فريق الفتوة بسبب إلقاء جمهوره الحجارة على أرض الملعب وإصابة الحكم المساعد الأول بأحد هذه الحجارة، كما فرضت عقوبة التوقيف لمدة عام بحق حارس مرمى النبك مصطفى بورصلي بسبب ضربه لاعب المجد على وجهه بعنف.

والعقوبات التنظيمية هي عبارة عن مخالفات إدارية كالتأخير بمواعيد المباراة فهناك مواعيد محددة للوصول إلى أرض الملعب ومواعيد للإحماء والخروج وبدء انطلاق المباراة، ومن المخالفات التنظيمية التقيد باللباس ولائحة الأسماء وعدم وجود أشخاص على دكة البدلاء ما لم يكن اسمه مقيداً على ضبط المباراة.

وفي التفاصيل فإن جميع فرق رجال الدرجة الممتازة تعرضت للعقوبات لأسباب مختلفة آخرها عقوبة نادي تشرين بسبب شتم جماهيره للحكم باللقاء مع الفتوة، فبلغت الغرامات المالية أكثر من ثلاثين مليون ليرة سورية، وبلغت غرامات الجمهور منها ثلاثة وعشرون مليون ليرة سورية، وعدد اللاعبين المعاقبين تسعة لاعبين، ومعالج واحد ومصور واحد وثلاثة إعلاميين.

وفي فرق شباب الدرجة الممتازة كانت الأندية المعاقبة ثمانية أندية، والأندية التي لم تتعرض للعقوبات هي: الشرطة والجزيرة وجبلة والوحدة والطليعة والنواعير، وبلغت الغرامات المالية: مليون وأربعمائة وعشرون ألف ليرة سورية، والمعاقبون: سبعة لاعبين ومدرب واحد ومساعد مدرب واحد ومعالج واحد، وبلغت المخالفات التنظيمية ثلاث مخالفات وغراماتها مليون ونصف المليون ليرة سورية.

والأندية المعاقبة في دوري رجال الدرجة الأولى: كانت 12 نادياً وبلغت الغرامات المالية أكثر من ثمانية ملايين ليرة سورية، وعقوبة واحدة استبعاد وهبوط للدرجة الأدنى، وواحدة للجمهور، وثلاث عقوبات تنظيمية، وعقوبة لرئيس ناد وإداري واحد وسبعة لاعبين، ومسؤول تجهيزات واحد.

وفي فرق شباب الدرجة الأولى كانت الأندية المعاقبة اثنا عشر نادياً، وبلغت الغرامات المالية ثلاثة ملايين ليرة سورية والمعاقبون سبعة لاعبين ومدير فريق واحد وإداري واحد ومساعد مدرب واحد وثلاثة مدربين لحراس المرمى، بلغت المخالفات التنظيمية سبع مخالفات.

بالمحصلة العامة فإن اللجنة أصدرت 85 قراراً لم يطو منها إلا قرار واحد بالالتماس لمصلحة لاعب فريق رجال الوثبة حسن أبو كف لوجود أدلة جديدة قدمها النادي وغفل عنها المراقب، وبالمقابل لم يتم قبول التماس العديد من الطلبات لعدم وجود الحجة أو لمخالفة الشروط أو لعدم وجود أدلة جديدة لتعديل المخالفة أو طيها.

ومن المفارقات العجيبة أن اتحاد كرة القدم أبطل قرار عقوبة لاعب الساحل حسن بوظان في مخالفة واضحة لمواد اللوائح الانضباطية وللنظام الأساسي لاتحاد كرة القدم، مع العلم أن اللاعب المذكور اعتدى بالضرب على الحكم!

مع الإشارة إلا أنه صدر عفو جزئي عن اتحاد كرة القدم بداية الموسم الجديد، والمشكلة أن كل قرارات العفو في العالم تشمل العقوبات الإدارية ولا تشمل العقوبات الانضباطية، وعلى سبيل المثال يمكن العفو عن البطاقات الصفراء والحمراء عند بدء الموسم ولا يتم العفو عن المخالفات الانضباطية، بالمقابل لم يصدر عن لجنة الاستئناف أي قرار تم فيه نقض أي قرار صادر عن لجنة الانضباط والأخلاق.

صورة عامة

الجهل بالقانون وعدم معرفته يؤدي إلى الوقوع بالمخالفات وهذا نتيجة عدم الاطلاع على لائحة الانضباط والأخلاق ودراستها بشكل جيد من قبل المراقبين والحكام والمنسقين العامين والإعلاميين وكوادر اللعبة واللاعبين، ما يضعهم في أخطاء من الممكن تجاوزها لو تم الاطلاع عليها بشكل جيد على اللائحة.

من المستغرب تدخل بعض الزملاء الإعلاميين والمنسقين والمصورين في المباريات والتهجم على أركان اللعبة، والمفترض أن يكونوا أكثر وعياً، والانتباه لمهامهم الموكلة بهم أفضل من التدخل بأمور لا تعنيهم، وبعض كوادر الأندية من معالجين ومسؤولي تجهيزات وإداريين أيضاً يتدخلون بشؤون التحكيم بما يخالف مهامهم على أرض الملعب.

أما بالنسبة للقائمين على الأندية ومسؤولي الفرق فيجب التعاون مع الحكام وتسهيل مهامهم وعدم وضع اللوم عليهم والتهجم عليهم، والكلام نفسه يمكن توجيهه إلى جمهورنا الكرة من خلال احترام الحكام وتقبل قراراتهم، فأي اعتراض لن يغير من الأمر في شيء، وعلى العكس فإن شتم الحكام ومجابهتهم يؤدي إلى عقوبات تطال أنديتهم هم بغنى عنها، وها هي الأندية تدفع ضريبة بعض جماهيرها المتعصبة غالية الثمن، لذلك فالمأمول أن تكون الجماهير نعمة على الأندية بتشجيعها ومؤازرتها والكف عمّا يسبب الأذى للنادي وللدوري.

أخيراً يحاول البعض على الدوام الهجوم على لجنة الانضباط والأخلاق معتبرين أن كل المخالفين على صواب ولجنة الانضباط والأخلاق هي الوحيدة المخطئة!