الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

الرئيس الأسد يستقبل رئيسي: علاقاتنا مستقرّة رغم العواصف.. الرئيس الإيراني: العالم أجمع يشيد بمقاومتكم

دمشق – سانا
استقبل السيد الرئيس بشار الأسد اليوم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي وصل إلى سورية على رأس وفد وزاري كبير في زيارة رسمية تستمرّ يومين.
وقال الرئيس الأسد خلال جلسة الاجتماع الموسّع مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: “أهلاً وسهلاً بكم فخامة الرئيس، يسعدني أن أرحّب بكم وبالوفد المرافق لكم في زيارتكم اليوم إلى سورية. وأنتم تعرفون تماماً عن العلاقات العريقة بين بلدينا والتي تأسّست منذ أكثر من أربعة عقود. هذه العلاقات غنيّة عن التعريف غنيّة بالمضمون، غنيّة بالتجارب وغنيّة بالرؤية التي كوّنتها. ولأنها كذلك كانت خلال تلك الفترات العصيبة علاقة مستقرّة وثابتة على الرغم من العواصف الشديدة السياسية والأمنية التي ضربت هذه المنطقة، منطقة الشرق الأوسط. هذه العواصف التي غيّرت مفاهيم ونسفت أسساً ودمّرت دولاً بأكملها لكنها لم تتمكّن من التأثير على الرؤية الثابتة المشتركة بين بلدينا للأحداث التي كانت تمر”.
وأضاف الرئيس الأسد: “أثبتت هذه الرؤية المشتركة أنها مستندة إلى أسس صحيحة وثابتة، مستندة إلى قيم، مستندة إلى مبادئ، مستندة إلى عقائد، ومستندة وهو الأهم إلى مصالح الشعوب وإلى سيادتها واستقلالها. العلاقة بين بلدينا بنيت على الوفاء، عندما شنّت حرب ظالمة ضد إيران في عام 1980 لمدة ثماني سنوات، سورية لم تتردّد بالوقوف إلى جانب إيران على الرغم من التهديدات والمغريات في ذلك الوقت”.
وتابع الرئيس الأسد: “عندما شنّت الحرب ضد سورية منذ اثني عشر عاماً لم تتردّد إيران في الوقوف إلى جانب سورية على الرغم من التهديدات والمغريات أيضاً، ولم تتردّد في تقديم كل الدعم السياسي والاقتصادي بل قدّمت دماء، والدماء هي أغلى شيء يمكن أن يقدّمه الإنسان لأخيه الإنسان”.
وأردف الرئيس الأسد: “أما الرؤية المشتركة فقد ميّزت بين الواقعية السياسية وبين المقامرة السّياسية، نحن وأنتم لم نقامر بالسّياسة على الإطلاق، لم نضع مصير دولنا وشعوبنا في يد الأجانب أو الأجنبيّ، وإنما راهنّا على انتصار الحق في النهاية وربحنا الرهان. لكل هذه الأسباب زيارتكم اليوم مهمّة، أهميتها تنطلق من عمق العلاقات بين بلدينا، هذا العمق المنطلق من الماضي والمتجه إلى الأمام بثقة وبثبات باتجاه المستقبل”.
وختم الرئيس الأسد حديثه، قائلاً: “مرّة أخرى نرحب بكم سيادة الرئيس في سورية، والوفد المرافق لكم وأتمنى أن نتمكّن في هذه الزيارة من تحقيق النتائج التي ترقى لمستوى طموحات شعبينا وتحقق مصالح بلدينا”.
بدوره قال الرئيس الإيراني: “إنني سعيد جدّاً، أنني أحضر اليوم إلى جانب السلطات العليا في البلاد، في بلد سورية الشقيق والصديق، وسعيد أيضاً أنني إلى جانبكم فخامة الرئيس، وأرى أنه يلزم عليّ أن أبارك لكم وأهنئكم بكل إخلاص، هذه الانتصارات الكبيرة التي حققتموها كسورية، حكومة وشعباً”.
ونوه الرئيس رئيسي بأن “سورية حكومة وشعباً قد اجتازت مصاعب كبيرة وتحمّلت هذه المصاعب، اليوم نستطيع القول ويجب أن نقول إنكم قد عبرتم واجتزتم كل هذه المشكلات، واليوم قد حققتم هذا الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم، لكنكم قاومتم ووقفتم ضد كل ذلك، فيجب أن أهنئ سورية حكومة وشعباً وأهنئ فخامتكم، لهذه المقاومة وهذا الوقوف”.
وأشار الرئيس الإيراني إلى أن “العالم بأجمعه بالتأكيد يشيد بهذه المقاومة التي أظهرتموها، طبعاً من المؤكد أن الكل لا يذكر ذلك على لسانه، لكن عملياً فالجميع يشيد بمقاومة سورية”.
وأكّد الرئيس رئيسي أن “العلاقات بين سورية حكومة وشعباً وبين إيران حكومة وشعباً، هي علاقات عريقة ونابعة من القلب، هذه العلاقات نشأت منذ انتصار الثورة الإسلامية وشهدنا أنه يوماً بعد يوم قد تطوّرت هذه العلاقات، ورغم التغييرات والتطوّرات التي حدثت في العالم لكن هذه العلاقات بقيت كما هي، ولم تشهد أي تغيير، بل شهدنا يوماً بعد يوم أن هذه العلاقات قد ارتقت”.
وأردف رئيسي: “نحن نشهد حالياً أن التطوّرات والتغييرات السياسية في المنطقة وفي العالم كثيرة، لكن العلاقات بين البلدين لم ولن تتأثر بهذه التغييرات والتطوّرات، وأعتقد أن الظروف الآتية والقادمة ستكون أيضاً كذلك، وهذه العلاقات لن تتأثر بالتغييرات والظروف في العالم والمنطقة”.
ولفت الرئيس الإيراني إلى أن “حقانية مكانة إيران وسورية وعقلانية هذا المسار وهذا الطريق وأن المقاومة، أتت بثمارها، ويوم أمس ربما البعض كان يتردّد بالموقف، وفي الموقع السياسي لإيران وسورية، لكن اليوم الجميع يعتقد ويؤمن أن هذا الموقف وهذا المسار مسار الحق والعدل”.
وأشار الرئيس الإيراني إلى أن “الظروف كانت صعبة لكن في النهاية شهدنا أن المقاومة أثبتت واتضح للجميع أن الطريق المنتصر هو طريق المقاومة”.
وأكّد الرئيس رئيسي أن “الاستسلام بالتأكيد له أثمان، وثمن كبير، وبالتأكيد سيكون ثمنه أكبر من ثمن المقاومة، والبعض الذين كانوا يتصوّرون أنه بالاستسلام للعدو سيدفعون ثمناً أقل، فاتضح للجميع أن هذه النظرة هي نظره خاطئة”.
وأضاف الرئيس الإيراني: “نحن لطالما أعلنّا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم جبهة المقاومة، ومنذ انتصار الثورة الإسلامية، نحن أعلنّا عن دعمنا لجبهات المقاومة، ونؤكد الآن أيضاً أننا نحن ندعم ونقف إلى جانب جبهة المقاومة”.
وقال الرئيس الإيراني: “إن تحليلنا بالنسبة لظروف اليوم التي يعيشها النظام العالمي، نحن نعتقد أن النظام الراهن قد تغيّر، واختلف مع الظروف الماضية، نحن نؤمن ونعتقد أن النظام الحالي هو يصبّ لمصلحة جبهة المقاومة ويضرّ بالأعداء”.
وأكد أيضاً أن هذه العلاقات بين البلدين وهذا التواصل بين سورية وإيران حكومة وشعباً قد امتزج بالدماء، وأن رمز هذه العلاقات هو هذا الأمر، الاختلاط بالدماء، وبالتأكيد لا يمكن إحداث أي شرخ في هذا الامتزاج بالدماء بين البلدين، خلال فترة الحرب التكفيرية التي شنّها داعمو الجماعات التكفيرية وكانوا يريدون أن يغيّروا نظام المنطقة والحكومة السورية والحكومة العراقية، لكن نحن أعلنّا وقوفنا إلى جانب الشعوب في سورية والعراق ونحن أصدقاء الأيام الصعبة والمستعصية لكلا البلدين.
وتابع الرئيس الإيراني: “بالتأكيد أنتم اجتزتم الأيام الصعبة والمستعصية، وآمل أن نشهد الأيام المليئة بالفرح والنجاح والتوفيق لهذا البلد، نحن خلال فترة الحرب وقفنا لجانبكم وأيضاً سنقف لجانبكم خلال هذه الفترة، وهي فترة إعادة الإعمار، ونؤكد توسيع العلاقات بين البلدين من الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية وأي مستوى آخر”.
وقال الرئيس رئيسي: “ليس لدينا أدنى شك أنه بأياديكم بإمكانكم أن تزيلوا آثار الحرب وتعيدوا إعمار الدمار الذي شهدته سورية، وسنشهد عودة الشعب السوري والمهاجرين إلى هذا البلد، وبالتأكيد أن الظروف ستصبّ في مصلحة سورية حكومة وشعباً أيضاً لمصلحة المنطقة”.
وختم الرئيس الإيراني حديثه بالقول: “أترحّم على أرواح شهداء محور المقاومة، وشهداء سورية، وأتمنى الصحة والشفاء العاجل لمصابي الحرب، كما أودّ أن أستحضر ذكرى الشهيد الحاج الفريق قاسم سليماني وشهداء المنطقة الذين نسمّيهم شهداء القدس”.

ووقّع الرئيسان الأسد ورئيسي مذكرة تفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين.

وشملت الاتفاقيات الموقّعة بين سورية وإيران مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي بين البلدين، ومذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية بين البلدين، ومحضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية بين البلدين، ومحضر اجتماع للطيران المدني بين البلدين، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط بين البلدين.

وكان الرئيسان الأسد ورئيسي قد بحثا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات وسبل تطويرها، كما تناولت المباحثات التطوّرات في منطقة الشرق الأوسط وانعكاس التغيّرات العالمية على المنطقة، وتوحيد الجهود من أجل استثمار هذه التغيّرات لمصلحة البلدين وشعوب المنطقة.

ووصل الرئيس الإيراني صباح اليوم إلى مطار دمشق الدولي، يرافقه وفد وزاري سياسي واقتصادي كبير. وقد جرت له مراسم استقبال رسمية لدى وصوله إلى قصر الشعب حيث عُزف النشيدان الوطنيان للجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، بعد ذلك جرى استعراض حرس الشرف، وصافح الرئيسان بشار الأسد وإبراهيم رئيسي أعضاء الوفدين الرسميين.

ويضمّ الوفد المرافق للرئيس الإيراني كلاً من، حسين أمير عبد اللهيان، وزير الشؤون الخارجية، ومهرداد بذرباش، وزير الطرق وبناء المدن (رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة)، ومحمد رضا آشتياني، وزير الدفاع، وجواد أوجي، وزير النفط، وعيسى زارع بور، وزير الاتصالات، وغلام حسين إسماعيلي أمين، رئيس مكتب رئيس الجمهورية، وعباس كلرو، ممثل عن مجلس الشورى الإسلامي، ومحمد جمشيدي، معاون الشؤون السياسية لمكتب رئيس الجمهورية.