مجلة البعث الأسبوعية

قمة جدة.. إنجاز كبير على قاعدة “الجميع يربحون معاً”

“البعث الأسبوعية” ــ هيفاء علي

 

تصدّرت كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في القمة العربية الثانية والثلاثين التي عقدت في مددينة جدة السعودية، وقرار عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية، عناوين الصحف ووسائل الإعلام العربية والأجنبية، مع العلم أن قرار القطيعة الذي اتخذته جامعة الدول العربية كان خاطئاً وانتهاكاً صارخاً على اعتبار أن سورية هي عضو مؤسّس في الجامعة.

 

في السياق أشار عدد من سفراء الهند في معرض تعليقهم على عودة سورية الى جامعة الدول العربية، إلى أهمية هذه الخطوة التي تحقق الصالح العام لسورية، ولباقي الدول العربية والإقليمية، لافتين إلى أنه يُنظر إلى عودة سورية إلى جامعة الدول العربية على أنها مبادرة عربية، لكنها في الأساس مشروع تقوده الرياض بالتشاور والتنسيق الوثيقين مع دمشق، على الرغم من المعارضة الشديدة من واشنطن، مضيفين أنه في سياق النضال التاريخي من أجل نظام عالمي جديد يتسم بتعدّد الأقطاب ومقاومة الهيمنة الغربية، فقد شجعت روسيا والصين الرياض بهدوء على السير في هذا الطريق. وعليه، فإن القرار الذي اتخذه وزراء خارجية الدول السبع الأعضاء في جامعة الدول العربية مذهل من حيث أنه يأتي في الوقت المناسب، حيث تزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1943، الذي تبنى أيديولوجية القومية العربية، والمصالح المعادية للإمبريالية التي عادت إلى الظهور مؤخراً في الجغرافيا السياسية لشرق آسيا، ناهيك عن أنه لدى سورية تقليد من الاستقلال الإستراتيجي، فعلى مدى العقد الماضي، عملت على محاربة مشروع الولايات المتحدة بمساعدة روسيا وإيران. ومع مرور الوقت واستقراره، سيصبح الاستقلال الاستراتيجي لسورية راسخاً أكثر فأكثر، وستكون سورية قادرة ببراعة وفطنة دبلوماسية لإفساح المجال للمناورة لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء الاقتصاد، الأمر الذي يتطلب تعاوناً إقليمياً.

 

ويضيف المسؤولون أنه في السياق، شهدت الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية على “الدبلوماسية الناعمة” لطهران، والتي أوضحت من خلال براغماتيتها أنه على الرغم من التقارب الأخير بين دمشق والدول العربية، فإن العلاقات بين سورية وإيران تبقى صلبة. ومع التأكيد على دور سورية في مقاومة الكيان الإسرائيلي، فقد ركزت المباحثات مع المسؤولين السوريين على التعاون الاقتصادي، حيث قال رئيسي إن إيران مستعدة للمشاركة بنشاط في إعادة إعمار سورية. زيادة على ذلك، فإن إمكان إعادة الدفء إلى العلاقات بين سورية وتركيا مدرج أيضاً على جدول الأعمال، وهو أمر لا بد أن يؤدي إلى زيادة التجارة وتعزيز التدفقات الاستثمارية.

 

ولوضع الأمور في نصابها، تبلغ الصادرات الإيرانية إلى سورية حالياً 243 مليون دولار، ومنذ بداية الحرب الكونية على سورية، كانت إيران واحدة من الداعمين الرئيسيين للدولة السورية. ففي كانون الثاني عام 2013، فتحت طهران خط ائتمان مبدئياً بقيمة مليار دولار للحكومة السورية على الرغم من أنها كانت تخضع لعقوبات دولية، تمكّنت الحكومة من خلالها من دفع ثمن الواردات الغذائية. تلاه قرض بقيمة 3.6 مليارات دولار لشراء المنتجات البترولية، ثم تم تقديم القرض الثالث بمليار دولار في عام 2015. وفي عام 2012، بدأت اتفاقية التجارة الحرة العمل بين البلدين.

 

لا شكّ أن إيران لا تزال الحليف الرئيسي لسورية، لكن يجب ألا ننسى أن ما يعمل لصالح سورية هو الانفراج بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث ستكون سورية ساحة اختبار لفحص النوايا الحقيقية، وسلوك بعضهما البعض عن كثب.

 

الجانب المشرق هو أن السعوديين خلصوا إلى أن سورية دولةً وقيادةً وشعباً في وضع راسخ، بعد أن تغلّبت على الحرب الأكثر تدميراً منذ الحرب العالمية الثانية، وأن استعادة العلاقات مع دمشق يمكن أن تكون حلاً “يربح فيه الجميع”. ومع ذلك، فإن سورية هي مفصل استراتيجي حيث يتعيّن على الرياض أن توازن علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

 

ويختم المسؤولون كلامهم بالإشارة إلى أن الحسابات الاستراتيجية الجديدة للمملكة العربية السعودية تشمل أيضاً الصين وروسيا، وعندما يتعلق الأمر بسورية، فإن روسيا هي ورقة دعم قوية للدولة السورية، بينما كانت الصين دائماً على الجانب الصحيح من التاريخ. هذا السياق الجيوسياسي أثار جنون إدارة بايدن، وهذا ما دفع جيك سوليفان للهرولة إلى السعودية.