ملخصات دراسية تجارية كالسم بدسم “المناهج”… و”التربية” عاجزة عن الحل!
لم تستطع وزارة التربية وضع حدّ لظاهرة انتشار الملخصات الدراسية، وخاصة خلال فترة تحضير الطلاب لامتحانات الشهادتين، إذ يعتبر اختصاصيون أنها لا تقلّ خطورة عن ظاهرة الدروس الخصوصية كونها تشتّت ذهن الطالب وتشوّش على المناهج المطورة التي تتغنّى بها وزارة التربية من خلال خطة منهجية تنقل الطالب من موقع المتلقي والحفظ إلى التفكير والتفاعل وترسيخ أفكار جديدة، كالتعلم النشيط والذاتي والمهاراتي، متهمين تجار العلم من بعض المدرّسين وأصحاب المكتبات بتفضيل الربح المادي ولو كان على حساب جيل بكامله عبر نشر إعلانات على أبواب المكتبات مفادها توفر ملخصات لجميع المواد حسب المناهج الحديثة.
ترويج “فيس بوكي”
اتهامات الاختصاصيين لم تأتِ من فراغ، فمن يتابع صفحات التواصل الاجتماعي يرى الكمّ الكبير للترويج لتلك الملخصات، وأنها وضعت من خيرة وخبرة المدرّسين، على حدّ قول المروّجين، وكأن تلك الملخصات “ستخرج الزير من البير”!.
تربويون فضّلوا عدم ذكر أسمائهم اعتبروا أن هذه الملخصات توصل رسالة للمعنيين والمتابعين مفادها “أن المناهج معقدة لا يمكن فهمها أو شرحها من قبل مدرّسي التربية في المدارس”؛ مما جعل الطلاب يتجهون إلى تلك الملخصات لعلها تكون باباً لنجاحهم وتختصر عليهم الطريق والوقت، مؤكدين أن هذه الملخصات “كالسم بالدسم”، فهي تقيّد ذهن الطالب في بضع صفحات، وتجمّد أفكاره بمعلومات محدودة الصلاحية لتجاوز الامتحانات فقط.
تحذير تربوي
خبير تربوي حذّر من تحويل الكتاب المدرسي الذي تمّ إعداده وطباعته بمبالغ طائلة، إلى مجرد كتاب ثانوي لا فائدة منه، عازياً السبب إلى أخطاء يرتكبها بعض الأهالي، واتكالية الطالب، وجشع بعض المعلمين، الذين يصطادون في المياه العكرة، وخاصة مع التطوير الحاصل في المناهج والنقلة النوعية، ولاسيما أن وزارة التربية قطعت أشواطاً متميزة في مجال تطوير المناهج ومتابعة هذا التطوير من خلال النهوض بقدرات حاملي الرسالة التعليمية (المدرّس)، حسب تأكيدات المعنيين في وزارة التربية.
حرص تربوي
من خلال متابعتنا لاجتماعات المعنيين في وزارة التربية بهذا الخصوص، تبدي الوزارة حرصها على جودة العمل التربوي من خلال وضع الآليات الكفيلة بما ينسجم والإطار العام للمناهج، للتدريب والتأهيل ودراسة متطلبات تطوير أداء الموجهين الاختصاصيين، خاصة وأن المناهج الجديدة تتضمن مهارات حياتية كثيرة وجوانب تمسّ شخصية المتعلّم لتنمية هذه الجوانب، وتدريب المعلمين على تحويل هذه المعارف والخبرات إلى مهارات حياتية وتطبيقها على أرض الواقع.
ملاحقة قانونية
ورغم كثرة الاجتماعات والورشات والندوات التربوية لم يجد المعنيون في “التربية” حلاً حازماً وجازماً لتلك الظاهرة سوى الاكتفاء بالتصريحات الإعلامية بأن الوزارة تمنع ترويج تلك الملخصات تحت طائلة المسؤولية وملاحقة كل من يسيء للمناهج بشكل قانوني وتربوي، وذلك من خلال مؤسّسات الوزارة المعنية.
وبالعودة إلى سنوات قليلة مضت كان هناك مطالبة من مديرية التوجيه بوزارة التربية بحماية للملكية الفكرية للمناهج، ومنع إصدار الملخصات التي تسيء من حيث المبدأ لهذه المناهج، وتنقص الهدف منها، ولاسيما أن المناهج بنيت على أنشطة يقوم فيها الطالب ليكتسب المعرفة والمهارات اللازمة والمطلوبة.
خوف وافتقار
مجموعة من الطلاب أكدوا لـ”البعث” أن الملخصات تكون مفيدة عندما تشمل كافة الأفكار في الكتاب، إلا أنه يبقى هناك حالة خوف من تجاهل تلك الملخصات أفكاراً معينة قد تأتي بالامتحان. في وقت لم يخف طلاب وجود أريحية في عملية الحفظ من الملخصات، ولاسيما أنها مرتبة حسب نظام الامتحانات من خلال أسئلة وأجوبة محتملة.
موجّهون تربويون اعتبروا أن نتائج ظاهرة الملخصات واعتماد الطلاب على مصادر محدّدة ومختصرة تفتقر إلى الكثير من أساسيات وعناصر المقرر؛ مما يؤدي إلى قتل موهبة البحث ومهارة اكتشاف الحقائق لدى الطلاب، كما يفقدهم الكثير من المعارف والمهارات الأساسية التي قد تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في تدني مستوى التحصيل العلمي.
تنوع وتعاون
ويتفق الخبراء التربويون على خطوات يجب على المعلم اتباعها، منها الحرص على التنوع في استخدام طرق التدريس المختلفة ووسائل تكنولوجيا التعليم الحديثة المتاحة والتي تبعد الملل والضجر عن المتعلم وتشدّ انتباهه نحو المتابعة واكتشاف المعلومات والبحث عن الحقائق، مشدّدين على ضرورة متابعة الأسرة على مدى العام الدراسي، وكذلك الزيارات المستمرة للمدرسة بصفة دورية لمناقشة التربويين فيما يخدم ويحقق المصلحة العامة للمتعلم، ويخفّف التوتر ويزيل الرهبة قبل الامتحانات وخاصة الشهادتين.
وطالب متابعون للشأن التربوي بتعاون الجهات المعنية مع وزارة التربية من خلال ملاحقة من يروّج لهذه الملخصات، وضبط أصحاب المكتبات المخالفة من قبل دوريات الرقابة ومحاسبتهم حسب القوانين والأنظمة.
يُشار إلى أن وزارة التربية تسعى من خلال المنصات التربوية والدروس التعليمية على الفضائية التربوية لزيادة الناتج المعرفي وتطوير المهارات بأشكال حديثة مطوّرة إبداعية، وتسهيل عملية مشاركة هذا الناتج بين الطالب والمدرّس.
علي حسون