الجزائر وروسيا علاقة على مستوى القارة
تقرير إخباري:
تعمل موسكو هذه الأيام بالشراكة مع دول مجموعة بريكس، وحتى خارجها، بزخم واندفاع كبيرين على إعطاء أمل لدول العالم في أن نظام القطب الأوحد يتغيّر، وأنه لا بد من فرملة سعي الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة للسيطرة على الاقتصاد العالمي.
وربما لا يكون من قبيل المصادفة تزامن الزيارة التاريخية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موسكو للتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، مع إعلان السفير الروسي في القاهرة غيورغي بوريسينكو، أن مصر قدّمت طلباً رسمياً للانضمام إلى مجموعة بريكس.
فالجزائر، كغيرها من دول العالم، تتجه هي الأخرى إلى تقديم طلب للانضمام إلى المجموعة، في الوقت الذي تجمعها فيه علاقة مميزة وتاريخية مع روسيا، وستتعمّق أكثر مع توقيع الجانبين “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” خلال اللقاء الذي سيجمع رئيسي البلدين في موسكو، الأمر الذي سيكون بمنزلة انتقال للتعاون إلى مستوى نوعي جديد. هذا التعاون الذي سيمتدّ ليشمل حتى موارد الطاقة، يأتي في وقت عملت فيه واشنطن على فرض عقوبات على روسيا واستهدفت أنابيب نقل الطاقة منها إلى أوروبا، وأغرت الدول الأوروبية بالاتجاه إلى مصادر أخرى للطاقة، وكانت الجزائر من ضمن الدول التي تعتقد واشنطن أنها ستسارع لاستغلال الحاجة الأوروبية لمصادر الطاقة، ولكن تصريح رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين أثناء استقباله الرئيس تبون كان لافتاً، حيث قال: “من المهم أن تكون مقاربات روسيا والجزائر في الأجندة الدولية متقاربة أو متطابقة، نحن المنتجون الرائدون لموارد الطاقة ونسعى جاهدين لتهيئة ظروف مستقرة للعمل في السوق العالمية، وهذا يلبّي بشكل كامل المصالح الطويلة الأجل لكل من المورّدين والمستهلكين للهيدروكربونات”.
إذاً، تلبية حاجات السوق من الطاقة تعتمد على تحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين على السواء، لا على أجندات سياسية تعمل على محاصرة الدول، وهذا ربما يكون أهم ما سيتم الاتفاق عليه بين الطرفين، بالنظر إلى أنهما يسعيان معاً إلى تحقيق التوازن في هذا السوق.
ومع استعداد وفدٍ من سبع دول إفريقية للتوجّه للقاء الرئيس الروسي وبحث المبادرة الإفريقية لتسوية سلمية للنزاع الأوكراني وبحث صفقة الحبوب، ترغب موسكو في أن يكون لدول إفريقيا وآسيا، ومن ضمنهما الدول العربية، دور أكبر في العالم وصوت أعلى في المحافل الدولية، وهنا يمكن إبراز دور الجزائر العضو الجديد غير الدائم في مجلس الأمن التي ومن موقعها الجغرافي وقوتها السياسية يمكن عدّها بوابة روسيا إلى إفريقيا، وخصوصاً أن مصالح الطرفين تكمن في تعزيز العلاقات الروسية مع القارة السمراء والعمل مع دول الساحل والوسط على طرد دول الاستعمار القديم ومحاربة الإرهاب في المنطقة.
ومن هنا، ليس من المنطقي النظر إلى العلاقة بين البلدين على أنها علاقة ظرفية، فالشراكة بينهما تاريخية وتمتدّ إلى زمن الاتحاد السوفييتي السابق، وهذا ما يترجمه تصريح الرئيس الجزائري من موسكو بأن البلدين عازمان على تحقيق تقارب وشراكة استراتيجية بينهما، وهناك مهمّات ينبغي القيام بها.
إبراهيم ياسين مرهج