عملية “تل أبيب”.. النار بالنار
تقرير إخباري
وجّهت العملية الفدائية التي نفّذها استشهادي فلسطيني في “تل أبيب” صفعة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي ورئيسها بنيامين نتنياهو ومبرّراتها التي ساقتها لشنّ عدوانها المستمر منذ فجر الاثنين على جنين ومخيّمها في الضفة الغربية المحتلة، وأكّدت أنه لا يمكن أن ينعم المستوطنون الإسرائيليون بالأمان في الوقت الذي يتعرّض فيه الشعب الفلسطيني للقتل.
كذلك أوضحت المقاومة الفلسطينية من خلال تزامن العملية البطولية مع جلسة أمنية لتقييم الأوضاع في جنين كان يرأسها نتنياهو، كما ساقت وسائل إعلام إسرائيلية، قدرتها على التصعيد والردّ على الجرائم في الزمان والمكان المناسبين، الأمر الذي اعترفت به وسائل إعلام العدو، التي أشارت إلى أنه وعلى الرغم من كل الإجراءات التي يتخذها جيش الاحتلال وشرطته، ومهما نُشر من عناصرهما، فإنه لا يمكن منع تنفيذ عملية من هذا النوع.
وبالعودة إلى نتائج العدوان على جنين ومخيّمها سياسياً، نجد أن نتنياهو وضع نفسه، كعادته، في مأزق لن يتمكّن حتى الراعي الأمريكي من إخراجه منه، فرئاسة السلطة الفلسطينية قرّرت، ورداً على العدوان، وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع سلطات الاحتلال والاستمرار في تعليق التنسيق الأمني مع الاحتلال وتقنين العلاقة مع الإدارة الأمريكية، كما أعلنت أن تفاهمات العقبة وشرم الشيخ لم يعُد لها جدوى ولم تعُد قائمة في ظلّ عدم الالتزام “الإسرائيلي” بها، كما قرّرت رئاسة السلطة رفع قضايا ضد أميركا وبريطانيا بسبب وعد بلفور وطلب الاعتراف والاعتذار والتعويض.
كذلك استجلب العدوان ردود فعل غاضبة من العديد من الدول حتى المطبّعة منها، فقد هدّدت مصر بوقف أنشطة الوساطة التي تقوم بها بين “إسرائيل” والفصائل الفلسطينية، وفق وسائل إعلام العدو.
أما ميدانياً، فإن جيش الاحتلال وعلى الرغم من استخدام آلته العسكرية الهمجية واستعانته بالطيران الحربي لقصف الأهداف المدنية في مدينة جنين، لم يتمكّن حتى الآن من تحقيق هدفه المزعوم بنزع سلاح المقاومة في جنين، وفي المقابل نجد أن فصائل المقاومة استغلت العدوان للعمل على المزيد من الوحدة فيما بينها ورصّ صفوفها لتفويت الفرصة على الاحتلال لتحقيق غاياته، كما أن سكان المدينة والمخيم رفضوا ترك منازلهم وأصرّوا على البقاء والتشبّث بأرضهم لعلمهم أن إحدى غايات العدوان هي تهجيرهم من جديد.
إذاً، جاء العدوان “الإسرائيلي” على جنين ومخيّمها لإنقاذ نتنياهو من مأزق الانقسام السياسي في كيانه، ولمحاولة إظهاره بصورة البطل القادر على حماية المستوطنين وضرب فصائل المقاومة ونزع سلاحها، ولكن الشعب الفلسطيني استطاع من خلال مقاومته الصمود في وجه العدوان وجاء الردّ داخل مستوطنة “تل أبيب” لينسف صورة نتنياهو ويكرّسه كفاشل كبير.
إبراهيم ياسين مرهج