بالإمكان أفضل مما كان
معن الغادري
لا شك أن تحسين الواقع المعيشي يشكل أولوية للفريق الحكومي، وبالتأكيد الحكومة كاملة تشتغل على خلق ظروف اقتصادية مناسبة، وفق ما هو متاح من إمكانات وطاقات، ينتظر توظيفها لدفع عملية الانتاج، وبالتالي رفع مستوى الدخل والأجور، وإحداث القليل من التوازن وعلى نحو يحسه ويلمسه المواطن، وبما يساعد على إخراجه من هذه الدوامة التي أفقدته صوابه وكل القدرة على التحمل.
و بعيداً عن الغوص في التفاصيل الإجرائية والتدقيق في مفردات الحياة اليومية المؤلمة، والعزف مجدداً على وتر العقوبات وقلة الموارد لتبرير الفشل الحاصل، نؤكد أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، فيما لو تنبه الفريق الاقتصادي الى مسألة غاية في الأهمية، وهي أن الرعاية توسع من مساحة العمل وتزيد الانتاج، على خلاف سياسة الجباية والتي أفرغت كل القرارات الداعمة من أهميتها ومضمونها، وشكلت عائقاً وحاجزاً أمام أي مسعى في إحداث الفارق الإيجابي المطلوب في المشهد الاقتصادي، وهذه الحقيقة المرة، تدعمها وتؤكدها تفاقم وحدة الأزمات و انحراف بوصلة الفريق الاقتصادي عن هدفها ومسارها، ، إذ لم ينجح حتى اللحظة في التقدم خطوة واحدة نحو تحقيق التوازن المطلوب في المشهد الاقتصادي والمعيشي.
مختصر القول:
المؤكد أن هناك تباعدا واضحا بين ما هو نظري وبين آليات التطبيق والتي لا تتوافق وتنسجم مع الواقع الراهن، ويعود السبب إلى سوء الإدارة أولاً، وثانياً غياب الجدية الحقيقية في حسم الملفات العالقة، وعدم توافر النوايا الصادقة في استثمار ما هو متاح من إمكانات – وهي كثيرة – ضمن مساراتها وقنواتها الصحيحة، وبالتالي من المنطق أن تبقى توصيات ومقررات الاجتماعات والمؤتمرات وورشات العمل المختلفة الهادفة لتقوية دعائم الاقتصاد حبراً على ورق، وبالتالي من الطبيعي أن نراوح في المكان بل إلى الوراء وأن تكون النتائج عكسية وعلى خلاف ما هو متوقع ومطلوب، ما يستدعي إجراء مراجعة متأنية لمجمل ما اتخذ من خطوات واجراءات، يكون عمادها وأساسها تحسين الواقع المعيشي، والذي من وحده القادر على فتح الأبواب الموصدة أمام الرغبة في تحقيق انفراجات حقيقية وليست وهمية، تبث الأمل من جديد في النفوس وتساعد على كسر كل قيود الحصار المفروض، وتزيد من الحافز والدافع على العمل والانتاج، وبالتالي تصحيح مسارات العمل ضمن قنواتها الصحيحة، تكون فيها الغلبة للمصلحة العامة ولمصلحة تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي على السواء.