حلول وقرارات.. ولكن؟
معن الغادري
بات جلياً أن هناك اختلافا واضحا وجوهريا في التعامل والتعاطي مع الأزمات الطارئة والمستجدة، وربما أن المتغير في هذه المعادلة هو قسوة الظروف الاقتصادية والمعيشية الراهنة والدقيقة التي نواجهها اليوم، والتي ضيقت المسافات والخيارات المتاحة للخروج من عنق الزجاجة. أما المؤكد في زحمة ما يجري فهو في أن المقدمات الخاطئة تؤدي إلى نتائج سلبية، وهنا السر الذي ما زال عصياً على الحل.
فقبل سنوات ليست ببعيدة، وتحديداً عقب تطهير حلب من الإرهاب، أواخر عام 2016، وبالرغم من كل الزخم والدعم الحكومي وعلى أعلى مستوى، سرعان ما انحرفت بوصلة التحكّم بالعمل بمختلف قطاعاته واختصاصاته عن مسارها وخرجت عن سيطرة ما يُسمّى بتكاملية وتشاركية منظومة العمل المؤسساتي، ما خلق بيئة نشطة، ونشطة جداً، لمنتهزي الفرص والمقربين جداً من أصحاب القرار في المحافظة، لتوسيع دائرة أعمالهم وأنشطتهم المتعددة، ما منحهم امتيازات كثيرة ونفوذاً إضافياً، وبالتالي وسع من مساحة الفساد الإداري والمالي، والذي بات اليوم أكثر انتشاراً، في معظم المؤسسات وعلى مبدأ المثل الشعبي الشائع “يلي بياكل على ضرسه بينفع نفسه”.
هذا المشهد للأسف يزداد قتامة وعلى نحو أكثر تعقيداً، ما يدلل وبما لا يدع مجالاً للشك على عقم الحلول والإجراءات والقرارات، والتي أقل ما يمكن وصفها بالفضفاضة وعلى القياس، والذي أدى بالنتيجة إلى هذه الحالة من العجز شبه التام. أما الآن، وقد وصلت الأمور إلى نفق مسدود، بعد التأكد من عدم فاعلية الإجراءات السابقة، فعلى الفريق الحكومي المعنيّ بالتصدي لهذه الأزمات الطارئة التدخل الفوري لإعادة الهيبة للعمل المؤسساتي والثقة للمواطن، وذلك من خلال سنّ حزمة من القوانين واتخاذ المزيد من الإجراءات لكسر كل القيود التي تكبل ملف مكافحة الفساد، والعمل على ردم الهوة والفجوة المفتعلة، وتصويب آليات العمل وإعادة توجيه البوصلة ضمن مسارات جديدة واضحة وشفافة قادرة على مواجهة التحديات وتجاوزها، وبما يسهم في تقوية دعائم اقتصادنا الوطني وتحسين الواقع المعيشي.