دعوة لترجمة شعارات المسؤولية الاجتماعية إلى عمل! حراك مقبول وتقدم ملحوظ لقطاع الأعمال في دعم الأسر المحتاجة
البعث الأسبوعية – غسان فطوم
كلنا يتحدث عن المسؤولية الاجتماعية وأهميتها في الوقت الراهن، والبعض “يدق على صدره” متحمساً لتقديم كل ما يلزم في خدمة المجتمع، عدا عن الشعارات والمبادرات التي تطلقها المنظمات والجمعيات الأهلية.
لا شك أن هذا الحماس والاندفاع يعطي مؤشراً جيداً على تنامي حس المسؤولية الاجتماعية عند الأفراد والمنظمات والجمعيات، بغية النهوض بواقع الفرد والمجتمع حيث بات تكافل جهود الأفراد والجماعات وتكثيفها هو الملاذ الآمن والطريقة الأفضل لتطويق الأعباء المادية ومعالجة آثار الحرب الاقتصادية والاجتماعية، لكن من يرصد الحراك على أرض الواقع يرى بعض الثغرات والعثرات، فالمبادرات الفردية على قلتها لا يمكن الرهان عليها، وإنما نحتاج لتفاعل أكثر عبر دو أفضل من الجهات المعنية الرسمية والأهلية، فاليوم المجتمع السوري يعاني من أزمات عديدة، يحتاج فيها للعون والمساعدة للعيش في الحدود الدنيا!.
التعافي الاجتماعي
منذ أن توقفت الحرب العسكرية في عام 2018 تم إطلاق برنامج عمل “سورية ما بعد الحرب”، في محاولة للخروج من الآثار المؤلمة التي لحقت بالمجتمع السوري في كل المجالات.
خبراء في التنمية والإدارة، دعوا إلى ترجمة شعارات المسؤولية الاجتماعية إلى عمل فعلي في جميع القطاعات، بهدف تحقيق التعافي الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، مؤكدين أن “اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق” في إشارة منهم إلى أن تفعيل المسؤولية الاجتماعية ونشر ثقافتها في المجتمع لا يقع فقط على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وإنما يجب أن يكون من مسؤولية الجميع في المجتمع.
قطاع الأعمال
وللأمانة خطا قطاع الأعمال في سورية خطوة ملحوظة إلى الأمام في مجال المسؤولية الاجتماعية، وقد لا حظنا ذلك واضحاً خلال سنوات الحرب، وبالتحديد فيما يتعلق بدعم الأسر في مراكز الإيواء، وإن لم يصل هذا الدعم إلى الشكل المتكامل، لكنه يبقى حراكاً مقبولاً، واليوم تبدو الصورة في طور الاكتمال، فالفعاليات الاقتصادية تسعى بأن تكون شريكاً حقيقياً مع الدولة في تحسين مستويات العيش للمواطنين من خلال تقديم المساعدات المالية والعينية، ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن “المسؤولية المجتمعية التي وثق مفهومها في المواصفة القياسية “الإيزو” تقوم على فكرة أن تنتهج المنشآت سلوكاً مسؤولاً مجتمعياً ويجعل أداءها المتعلق بالمجتمع والبيئة جزءاً مهماً من قياس أدائها الكلي”.
توسع دور المسؤولية الاجتماعية في قطاع الأعمال لمساعدة الفقراء لاحظناه بوضوح خلال كارثة الزلزال الذي ضرب سورية في شهر شباط الماضي، حيث قدمت غرف التجارة والصناعة وغيرها من الفعاليات الاقتصادية مبالغ مالية كبيرة وسلل غذائية ومستلزمات أخرى عديدة للمتضررين.
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لاقت مبادرة قطاع الأعمال ودعمتها، من خلال وضع معايير وبرامج محددة لتطبيق المسؤولية المجتمعية وتعزيز هذا المفهوم للقطاع الخاص وتكامله مع دور القطاعين الحكومي والأهلي وخلق ثقافة المسؤولية المجتمعية لدى الشركات وإيجاد كوادر وأقسام خاصة لديها لذلك.
تكريس التعاون
وبهذا الإطار نشير إلى ما أوضحه أول أمس معاون وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ياسر عبد الأحمد في تصريح صحفي بخصوص المرسوم التشريعي رقم 30 القاضي بتعديل مواد وإضافة بنود إلى قانون ضريبة الدخل رقم 24 لعام 2003 وتعديلاته، شمل النفقات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والعمل الأهلي، مبيناً “أن المرسوم عدل ضريبة الدخل على النفقات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والتبرعات المدفوعة من قبل المكلفين بنسبة تصل إلى 4 بالمئة، بما يسهم في تعزيز المسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتق كل منظمة، والنهوض بالتنمية الاجتماعية من خلال تنفيذ المشروعات والبرامج التنموية والاقتصادية، وبيّن الأحمد أن تعديل النفقات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية يكرس التعاون المجتمعي، خاصة فيما يخص التبرعات التي تقدمها المؤسسات والأفراد لصالح تنمية مجتمعهم دون قصد الربح، مؤكداً سعي الوزارة إلى نشر مفهوم المسؤولية المجتمعية من خلال التعاون مع المنظمات غير الحكومية وتحفيزها للقيام بهذه المسؤولية، ووضع برامج تقدم الدعم للأسر المحتاجة وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن الشعب السوري جراء الحصار الاقتصادي الغربي الذي تتعرض له البلاد”.
حاجة والتزام
على الجانب الشعبي من يستطلع آراء الشارع في ظل هذه الظروف يجد آراء مختلفة، لكن القاسم المشترك كان أن المسؤولية الاجتماعية واجب، ولكنها التزام أخلاقي قبل كل شيء، ويصعب زرعها عند الكل، ولاحظنا انتقاد الشارع لجهة تقصير بعض المنظمات والنقابات بهذا الخصوص، فيما أشاد البعض بدعم بعض الفعاليات الاقتصادية، وانتقد البعض الآخر تلك الفعاليات التي تتبرع “لتتبروظ”، وهذا برأيهم غير لائق في ظل معاناة وحاجة الناس المنكوبين.
وأكد المواطنون على أهمية تأكيد مفهوم المسؤولية الاجتماعية ونشر ثقافتها في المجتمع حتى تغدو رسالة مجتمعية لكل فرد ولكل جهة رسمية كانت أو خاصة، على أن تُقترن الأقوال بالأفعال، مشيرين إلى أن مجتمعنا يعاني من عدة أزمات تتطلب تكاتف الجميع وتكافلهم مع بعض.
بالمختصر، نسأل هل: سينجح الرهان على القطاع الخاص بكافة فعالياته في توسيع نطاق المسؤولية الاجتماعية، وخاصة في قطاع الأعمال ودفع مساهمته في تخفيف معاناة الناس ونشر ثقافة المسؤولية المجتمعية بنطاق واسع؟.