بايدن “يبتلع” تهديداته
تقرير إخباري
لا يجب على قادة “إسرائيل” ومستوطنيها، الشعور بالاطمئنان والركون إلى الدعم الأمريكي السياسي والعسكري المبالغ بهما، على خلفية “طوفان” قوى المقاومة الفلسطينية في غزة نصرةً للأقصى، فالدعم الأمريكي، المدفوع بحسابات سياسية واستراتيجية على الصعيدين الإقليمي والعالمي تتعلق بتراجع نفوذ واشنطن لحساب صعود آخرين، نابع من خوف السياسيين الأمريكيين على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية وحظوتها في منطقة الشرق الأوسط، وانسحاب هذا الأمر على مناطق نفوذها على مستوى العالم، حيث إن الكثير من القوى يرى في أيّ تراجع لنفوذ واشنطن مصلحة له.
فلم يحدث لحربٍ سابقة شنّتها “إسرائيل” على الفلسطينيين، أن أجبرت رئيس “أقوى دولة في العالم”، أن يطير على وجه السرعة لترؤس مجلس الحرب الإسرائيلي الـ”كابينت”، بينما كانت أساطيله وطائراته الحربية وجنود مشاته قد سبقوه إلى منطقة العمليات العسكرية، حيث إنه كان يكفي أن يرفع وزير خارجية أمريكا، سماعة الهاتف ويعلن التأييد لهذا الكيان.
الركون الإسرائيلي إلى استعراض القوة الأمريكي لم يُلقِ بالاً في السابق إلى تجارب واشنطن في حروبها على العالم، من فيتنام إلى شبه الجزيرة الكورية مروراً بالعراق وأفغانستان حيث تجرّعت مرارة الهزيمة والانسحابات المذلّة خلالها، وما الانسحاب الأخير من أفغانستان للقوات الأمريكية على عجل إلا شاهد على ذلك.
أما اليوم وقد “ابتلع” بايدن تهديداته التي أطلقها في “تل أبيب” وقبل وصوله إليها، حول استعداد بلاده للتدخل في الحرب إلى جانب “إسرائيل” إذا تدخلت أطراف أخرى للاستفادة من الوضع الذي تعاني منه، ولم ينتظر الرئيس الأمريكي أن تحطّ طائرته في مطار واشنطن، حتى قال للصحفيين المرافقين له: “إنّ واشنطن لم تعرض إرسال قوّات أميركية، متابعاً: “لم أقل أبداً إننا سننضمّ إلى الحرب”، فلم يعجب وسائل إعلام “إسرائيل” التي علّقت على ذلك بالقول: إنّ “بايدن انقلب علينا، وغيّر تصريحاته التي قالها في تل أبيب عن دعم إسرائيل”، بينما أرعبها ما قاله جنرال أميركي، من أنّ بايدن جعل الجيش الأميركي “ضعيفاً وفقيراً جداً” من ناحية القوّة البشرية، ليردف من وجهة نظر لوجستية: “نحن غير قادرين على توفير دعم لأمورٍ كثيرة تحدث بالتوازي في العالم”.
أمريكا التي فرضت على العالم اتباع أوامرها على مبدأ السمع والطاعة خوفاً من العقاب ودون الحاجة لتحريك أساطيلها وجنودها، أصبح رئيسها مشغولاً بوضع خطة لجنود الاحتلال خلال غزوهم البري المتوقع لحارات غزة، كما أنه تعرّف على أسماء القرى اللبنانية المحاذية للشريط الحدودي مع فلسطين، فلا بدّ أن أصداء صواريخ المقاومة اللبنانية وصلت إليه أثناء دكّها مواقع العدو خلال ترؤسه الـ”كابينت” المصغّر، ولا بدّ أن هناك من أخبره عن الطائرات المسيّرة التي تجوّلت فوق قواعده في العراق، وهو الأمر الذي أوضح له استعداد المقاومة لأي حربٍ تُفرض على المنطقة وأن الاستعراضات العسكرية لن ترهبها ولن تردعها عن نصرة غزة وشعبها.
إبراهيم ياسين مرهج