دراساتصحيفة البعث

البنتاغون يسرب وثيقة أسلحة بايدن إلى “إسرائيل”

عناية ناصر 

عمل الرئيس الأمريكي جو بايدن على تسريع شحنات الأسلحة إلى “إسرائيل” لدعم هجومها على قطاع غزة، وقد استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنواع الأسلحة المرسلة بشكل متكرّر لمهاجمة وقتل المدنيين خلال السنوات الخمس عشرة الماضية وحدها. وفي وقت سابق من شهر تشرين الثاني الحالي، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى فرض حظر على إرسال الأسلحة إلى “إسرائيل” بالنظر إلى الخطر الحقيقي المتمثل في استخدامها لارتكاب انتهاكات جسيمة، وفق ما ورد في بيان المنظمة.

وأضافت المنظمة: “إن توفير الأسلحة التي من شأنها أن تساهم عن عمد وبشكل كبير في الهجمات غير القانونية يمكن أن يجعل من يقدمونها متواطئين في جرائم الحرب”. وهذا ما يقوم به بايدن بالضبط، حيث كشفت وثيقة داخلية تمّ تسريبها مؤخراً من البنتاغون عن الأسلحة التي تقوم إدارة بايدن بإيصالها بسرعة إلى “إسرائيل” لدعم هجومها العسكري في غزة. واستناداً إلى مراجعة لتحقيقات الطب الشرعي التي نشرتها منظمات حقوق الإنسان والوسائل الإخبارية، فقد تمّ استخدام هذه الأنواع من الأسلحة بشكل متكرّر من قبل قوات كيان الاحتلال الإسرائيلي لمهاجمة وقتل المدنيين خلال الخمسة عشر عاماً الماضية وحدها.

كان الأطباء والمسعفون وعمال الإنقاذ يتعرّضون لإطلاق النار باستمرار من قبل الكيان الإسرائيلي خلال عملية “الرصاص المصبوب” في عام 2009. وفي كانون الثاني من ذلك العام، قتلت قوات الاحتلال ثلاثة مسعفين وطفلاً في غزة باستخدام صواريخ “هيلفاير” الموجهة أمريكية الصنع، حيث كان المسعفون بالقرب من سيارة إسعاف وكانوا يرتدون السترات الخاصة بالمسعفين لسهولة التعرف عليهم.

ووفقاً لما بيّنه تقرير الطب الشرعي، فقد عثر مندوبو منظمة العفو الدولية، في المكان الذي استهدف فيه المسعفون والطفل، على قطع من سترات المسعفين متناثرة على الأرض وملتصقة بالأشجار، وبقايا صاروخين من طراز “هيلفاير” والتي يتمّ إطلاقها عادة من طائرات الهليكوبتر. كان الملصق مكتوباً عليه “صاروخ موجّه، للهجوم السطحي”، ويُشار إلى الولايات المتحدة باعتبارها بلد المنشأ.

كما قام الجيش الإسرائيلي باستهداف عشرة مدنيين كانوا يحتمون بمدرسة في غزة في آب 2014 باستخدام صاروخ “هيلفاير” ما أدى إلى استشهادهم. وبحسب الوثيقة المسربة، أرسلت إدارة بايدن مؤخراً إلى “إسرائيل” ألفين من هذه الصواريخ. لقد كانت ضربة آب 2014 جزءاً من سلسلة هجمات شنّها الكيان الإسرائيلي على المدارس التي تديرها الأمم المتحدة. وتسببت إحدى هذه الهجمات، في 30 تموز 2014، باستشهاد عشرين شخصاً عندما قصف مدرسة للفتيات تديرها الأمم المتحدة باستخدام قذائف مدفعية 155 ملم. وفي هذا الخصوص، قالت الأمم المتحدة إنها أبلغت قوات “إسرائيل” بموقع المدرسة سبع عشرة مرة مسبقاً، وحتى “قبل ساعات فقط من القصف المميت”، كما كان على سطح  المدرسة أيضاً علم الأمم المتحدة المرئي بوضوح. ووفقاً لوثيقة البنتاغون المسربة، نقلت إدارة بايدن مؤخراً سبعة وخمسين ألفاً من هذه الذخائر إلى “إسرائيل”.

وفي 24 تموز 2014، قتل الجيش الإسرائيلي 13 شخصاً، بينهم ستة أطفال، عندما أطلق قذائف هاون عيار 120 ملم على مدرسة بيت حانون الابتدائية. كانت هذه المدرسة أيضاً تديرها الأمم المتحدة وتمّ تمييزها بوضوح بعلم الأمم المتحدة، وتمّ إخطار الجيش الإسرائيلي من قبل الأمم المتحدة بإحداثيات المدرسة اثنتي عشرة مرة، بما في ذلك صباح يوم الهجوم.

استخدمت “إسرائيل” قذائف 155 ملم وقذائف هاون 120 ملم لإطلاق الفسفور الأبيض على أهداف في لبنان في الأعوام 1982 و2006 و2023. وأيضاً في المناطق المكتظة بالسكان في غزة، بما في ذلك في عامي 2009 و2023. ونفت قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدام الفسفور الأبيض في عام 2009 قبل أن تعترف بذلك لاحقاً، كما نفت سلطات الكيان استخدامه هذا العام أيضاً، على الرغم من أن أدلة الطب الشرعي تشير إلى أنه قد تمّ استخدامه بوضوح.

ويحظر البروتوكول الثالث من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن أسلحة تقليدية معينة استخدام الفوسفور الأبيض بالقرب من المدنيين، لكن” إسرائيل” ليست طرفاً فيه. وتُظهر الوثيقة المسربة أيضاً طلباً إسرائيلياً للحصول على بنادق هجومية من طراز “إم 4″، وهي نوع البندقية نفسها التي استخدمها قناص من قوات الكيان الإسرائيلي واستهدف الصحفية شيرين أبو عاقلة في أيار 2022. وكانت بنادق “إم 4” من الأسلحة  البارزة في صفقة بيع بنادق هجومية أمريكية بقيمة 34 مليون دولار لـ “إسرائيل”، والتي حظيت ببعض الاهتمام الصحفي بسبب قيام “إسرائيل” في تسليح المستوطنين وتشجيعهم على مهاجمة الفلسطينيين.

خلال الصيف، نفّذ المستوطنون المسلحون مجازر في جميع أنحاء الضفة الغربية، وفي خريف هذا العام، بدأ المسؤولون الإسرائيليون مؤخراً تسليح الآلاف من المدنيين الإسرائيليين في أكثر من ألف موقع، بما في ذلك المستوطنات.

وفي أواخر تشرين الأول، نشر ما يسمى وزير “الأمن القومي” في حكومة الكيان الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، صوراً له وهو يوزع بنادق هجومية على المدنيين. ومنذ 7 تشرين الأول، أفادت الأمم المتحدة أن مائتي مدني فلسطيني، من بينهم 52 طفلاً، استشهدوا في الضفة الغربية.

لقد أدّى دعم جو بايدن غير المشروط للعدوان العسكري الإسرائيلي إلى هذه النتائج، حيث يؤيد القادة الإسرائيليون علناً العقاب الجماعي، ويتصرّف الجيش الإسرائيلي وفقاً لذلك من خلال استهداف المدارس والمستشفيات والمنازل عمداً.

إن تقديم الرئيس الأمريكي أنواع الأسلحة نفسها التي استخدمتها “إسرائيل” في الماضي لقتل المدنيين الأبرياء هو تدنٍ أخلاقي جديد، ورفض واضح من جانب بايدن للقانون الدولي.