إعادة التشغيل؟!
بشير فرزان
فيما توقف العديد من الشركات عن العمل بما يشير إلى فشل عمليات إعادة تشغيلها، نجد أن الكثير من المحاولات التي تمت لم تأخذ أو لم يتم احتساب مدى الجدوى الاقتصادية التي ستحققها إعادة استثمار هذه الشركات، وحجم الإيرادات التي ستحققها جراء إعادة تشغيلها، والتخطيط القائم على أنقاض الأخطاء المرتكبة في الماضي بشتى أنواعها. ومن الضروري في هذه المرحلة، أو في مرحلة أعادة الإعمار، أن يأخذ القطاع العام دوره بعد خروج كثير من الشركات خارج الخدمة في جميع القطاعات التي أصبحت شبه معطلة.
ومن المفيد هنا، مع اتساع ميدان المنافسة واشتدادها، كما هو متوقع في المستقبل القريب، أن يكون لدى الجهات الحكومية الإمكانيات والقدرات والخبرات التي تؤهلها لتتدخل بأنشطة اقتصادية مختلفة، وبشكل يمكنها من الإمساك بزمام المبادرات التي من شأنها إعادة التوازن إلى الاقتصاد الوطني نوعاً ما. وأية مبادرة لتفعيل عمل الشركات العامة، والاستفادة من موجوداتها، ستكون رابحة إذا عملت وفق آلية مدروسة، ومختلفة تماماً عن آلية عملها السابقة التي أثبتت فشلها بسب سوء تصرف الإدارات السابقة وعدم اعتماد آلية تشغيل ناجحة، عندما كانت البلد مستقرة وتنعم بالأمن والأمان، فإلى أي مدى ستنجح الشركات في تنفيذ خطط إعادة إقلاعها من جديد ونحن نعيش أجواء حرب شرسة بكل معنى الكلمة؟
لاشك أن الحرب التي دمرت وخربت بإرهابها البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية، وأدت إلى خسائر كبيرة، إضافة إلى الحصار الاقتصادي الذي يتماهى مع جرائم الإرهاب في أثاره وأضراره، تفرض وضع إستراتيجية لاستثمار الإمكانيات الموجودة التي تم تحييدها فيما مضى عن سكة العمل والإنتاج، وإعادتها لتكون جزءاً من منظومة الدعم الاقتصادي والإنتاجي، وخاصة في هذه الظروف. وفي ظل الواقع الذي نعيشه، ينظر إلى مبادرة استثمار، بل إحياء القطاع العام الصناعي، وغيره من القطاعات، من باب الايجابية التي نأمل حضورها في خطط التنفيذ والتطبيق.
إن عدم تحرك وزارة الصناعة بشكل جدي، وبخطوات واضحة تقلص من مسافة الألف ميل، يدفعنا لمطالبتها بالعمل السريع لإعادة أية منشاة متوقفة عن العمل إلى سكة الإنتاج، واستثمار المنشات الموجودة لإقامة مشاريع من شانها دعم اقتصادنا الوطني، سيما وأننا بأمس الحاجة لإعادة بناء ما خربته الحرب.
فهل ستأخذ الجدوى الاقتصادية والأولوية الصناعية بالحسبان في مشروع إحياء القطاع الصناعي، أم سنكون على موعد مع تجربة وعنوان جديد يضاف إلى قائمة الفشل الاستثماري الصناعي؟ خاصة إذا كان الهدف من المبادرة مجرد النبش في الدفاتر القديمة، والبحث عن عناوين لا تخدم التطلعات، ولا تلبي متطلبات المرحلة الراهنة، وبذلك نعود من جديد لمقولة “رابحة.. ولكن!”.