الإخفاقات الميدانية تجبر الكيان على التفاوض
تقرير إخباري
تتجه الحرب على غزّة نحو هزيمة وشيكة للكيان الإسرائيلي، بعد سلسلة من الإخفاقات الميدانية، ما دفع الجانب الإسرائيلي إلى القبول بالتفاوض للوصول إلى هدنة جديدة تنقذه من الهزيمة الاستراتيجية.
منذ أن أعلنت “إسرائيل” الحرب البرية على غزّة يتعرّض جيشها إلى ضربات نوعية مؤثّرة نجم عنها خسائر متنوعة في المعدّات ومقتل عشرات الجنود، وكان كمين الشجاعية أكبر خسائر الجيش الإسرائيلي في يوم واحد، مع مشاهد تفجير الدبابات وناقلات الجند، وأصبحت حياة الإسرائيليين في الملاجئ وصفارات الإنذار لا تنقطع في مغتصبة “تل أبيب” وباقي المغتصبات الصهيونية، في محطة من أصعب محطات الصراع العربي ـ الصهيوني وأشدّها وطأة على الإطلاق، ولا سيما أن المقاومة ما زالت مرتاحة ولم تستخدم إلى الآن كامل قوّتها البشرية والتسليحية.
يواجه “الجيش الإسرائيلي” حرب شوارع تستنزفه على الأرض لأنها تعتمد على مبدأ الإنهاك والتشتيت، وبالتالي بات الكيان في مستنقع من القتال ويعيش ضغوطاً كبيرة في الداخل والخارج لأجل الخروج من حالة الحرب المستمرّة دون جدوى منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي.
فعلى صعيد الشارع بات في حالة فقدان ثقة واسعة لقدرة حكومة “بنيامين نتنياهو” على الخروج من غزّة منتصرةً، والإسرائيليون غاضبون من فقدان ذويهم وشبابهم في حرب غزّة وحجم الخسارة المادية وتراجع عوائد السياحة والحجوزات والسفر.
وفي ظلّ الخسائر الإسرائيلية المعلنة وغير المعلنة، واقتراب “إسرائيل” من هزيمة استراتيجية مدوّية قد تعصف بكيانها، فإن الضرورة العسكرية الاستراتيجية تتطلب وقف العدوان، فاستمرار الحرب يضاعف احتمال اتساعها لتشمل ساحاتٍ أخرى، ما سيعقّد إمكانية الوصول إلى اتفاق في المستقبل؛ إذ إنه مع تزايد اللاعبين يصبح من الصعب الوصول إلى اتفاق يرضي الجميع، وسيصبح كل طرف أكثر تعنّتاً في المستقبل، وهذا سيزيد من خطر اندلاع حرب عالمية بين القوى الكبرى.
واستمرار الحرب قد يخلق مخاطر ليست في مصلحة الأمريكيين، حيث تقترب الانتخابات الرئاسية، وبعض المسؤولين الأمريكيين سيحاول تسويق وضع النهاية السريعة للحرب كأحد النجاحات التي حقّقتها وتستثمر فيها الإدارة الأمريكية خلال الحملة الانتخابية المقبلة، بينما هناك قطاعات أمريكية رافضة لاستمرار دور واشنطن في حرب غزّة وجدالات غاضبة في الأوساط السياسية عن أموال ومخصّصات الدعم العسكري المرهقة لميزانيتها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
ومع أن بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يتفقون على أن الضغط العسكري له أثر في نهاية المطاف في دفع المقاومة نحو المفاوضات، إلا أن قادة في المقاومة ذكروا مراراً، خلال الأيام الأخيرة، أنه لن يكون هناك أيّ تفاوض أو تبادل للأسرى في ظلّ الحرب.
كل هذه الأسباب مجتمعة دفعت أصحاب القرار في الكيان للانصياع للأمر الواقع والموافقة على مفاوضات مع المقاومة. وكانت تقارير إسرائيلية تحدّثت في الأيام الأخيرة عن أن حكومة “نتنياهو” باتت منفتحة الآن على مفاوضات مع “حماس” للوصول إلى هدنة جديدة تشمل تبادل أسرى.
وهكذا فإن الجانب الإسرائيلي بات مقتنعاً بأن استعادة الأسرى لن تتم بوسيلة عسكرية، ولا شك في أن التفوّق الميداني للمقاومة على الأرض في قطاع غزّة، وكذلك إخفاق العملية العسكرية الأخيرة لتحرير أحد الرهائن الموجودين في أيدي الحركة ومقتله بسبب العملية، سبب رئيس في تحريك العملية التفاوضية بشأن الأسرى الذين تؤكد المقاومة أنهم أكبر بكثير من المطروح في الإعلام.
د.معن منيف سليمان