التصدير حسنة إيجابية للمنتج والتاجر.. ولكن على حساب المواطن والسوق المحلية
دمشق – محمد العمر
تشهد أسعار معظم أنواع السلع والمواد الأولية في الأسواق، كالخضراوات واللحوم والزيوت وغيرها، ارتفاعات يومية، وقد ساهمت قرارات السماح بتصدير بعض المواد الغذائية المنتجة داخل السوق المحلية، بارتفاع أسعارها إلى أرقام قياسية، وخاصة في ظلّ دخل متدنٍ للمواطن وعدم القدرة على مجاراة التضخم لهذه الارتفاعات، ولكن قرارات التصدير -حسب مراقبين بالاقتصاد- تبرّرها الحكومة اليوم لمساعدة المنتجين على مواجهة الخسارة وتحصيل الربح وتحمّل تكاليف الإنتاج، تزامناً مع ضعف الدعم المقدّم للمزارعين والتجار، وخاصة ما يتعلّق بالمحروقات وحوامل الطاقة، فضلاً عن زيادة حجم الصادرات لرفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة.
حسنة إيجابية
رغم هذه الحسنة الإيجابية لمصلحة المنتجين، أي الفلاحين في الأرض، وعدم دفعهم للخسارة وهذا حقهم، لكن هناك خللاً بهذا الإطار من خلال عدم تحقيق توازن بين الفلاح والمواطن، لتكون النتيجة من فتح التصدير دون دراسة حاجة الأسواق وتتبعها، هي مجمل انعكاسات ذات آثار سلبية كارثية على المواطن، بعدما ارتفعت أسعار هذه السلع المصدّرة كزيت الزيتون واللحوم والبيض والفواكه والخضار بنسب عالية نتيجة تصديرها بكميات كبيرة إلى الخارج، على الرغم كما قلنا من أهمية التصدير بالنسبة لمنتجي هذه المواد، وأن المنع لن يكون لمصلحة المنتج بل خسارة له.
والكلّ يعلم الضغط الكبير الذي يواجهه ملف التصدير من التجار والمصدّرين، فبعد توقف مؤقت لمدة شهر ونصف، تعود ملفات التصدير بحجم أكبر من السابق، فقد جاءت توصية، مثلاً، تصدير زيت الزيتون المعبّأ وتصدير ذكور الأغنام، استناداً لاجتماعات مكثفة مع مجلس الأعمال السوري الصيني واتحاد غرف الصناعة السورية واتحاد غرف التجارة، للسماح بتصدير مادة زيت الزيتون إلى الصين بعبوات صغيرة، وذلك عطفاً على طلبات الشركات المنتجة لعبوات مادة زيت الزيتون لإعادة النظر بقرار منع تصدير زيت الزيتون والسماح بتصديره، كون منع تصدير زيت الزيتون سيؤدي إلى خسارة الأسواق الخارجية وفقدان أحد أكبر موارد القطع الأجنبي، كذلك الأمر بالنسبة للحوم والسماح بتصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي طيلة العام باستثناء فترة التكاثر الممتدة من (1/12 ولغاية 31/3) من كلّ عام، يأتي هذا أيضاً في سياق مراجعة للسياسة التصديرية وتقييم القرارات الصادرة بشأن تقييد عمليات التصدير لبعض السلع والمنتجات، ولاسيما أن هذه القرارات مرتبطة بتحقيق الاستقرار في الوضع الاقتصادي، وهذا كما نعلم “غيض من فيض” وطرق الضغط على الحكومة، لفتح التصدير كونه يحرم الاقتصاد من السوق الخارجية.
التصدير مهم… ولكن!
عضو لجنة تجار ومصدّري الخضار والفواكه في دمشق، محمد العقاد، اعتبر أن التصدير أحد الموارد المهمّة للدولة الذي يمدّ الخزينة العامة بكميات من القطع الأجنبي، حيث إنه لا يعدّ سبباً رئيسياً لارتفاع المواد كالخضار والفواكه، وذلك في ظلّ تدني دخل المواطن، وتراجع مشترياته، مبيناً أن الارتفاعات الحاصلة، مردّها قلة الكميات الموجودة بالأسواق، فالأسعار اختلفت عن العام الماضي، لكنها كمعادلة، هي متوازنة مع تكاليف المستلزمات الزراعية للمنتج وتضاعفها بشكل كبير، والفلاح حسب قوله يحتاج إلى سعر يناسب ما دفعه من أجور وتكاليف، بحيث يمكنه من الاستمرار بزراعته، مشيراً إلى أهم المواد المصدّرة من البندورة وبعض الخضار إضافة إلى الفواكه التي تصل تقريباً إلى نحو 500 طن يومياً، وأغلب هذه الصادرات تتوجّه إلى السعودية والخليج.
بدوره أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة أكد أن التصدير مهمّ للخزينة، ولكن يجب ألا يكون على حاجة حساب السوق المحلية، لأن نقص المادة وشحها يؤديان إلى غلائها وارتفاعها على المواطن، معرباً عن رأيه بعدم وجود مبررات للتصدير، ولاسيما مع افتقاد السوق المحلية لفائض الإنتاج، كاللحوم مثلاً وزيت الزيتون، خاصة وأن أسعار هذه المواد باتت ترتفع بشكل متتالٍ، فالتصدير يساهم في رفع سعر المادة، وخاصة إذا ما كانت تعاني الأسواق من شح ونقص بالسوق المحلية في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة، والمحروقات، وكله مكمل لبعضه البعض، حسب قوله، لافتاً إلى أن التصدير يقوي الاقتصاد بشكل صحيح، ولكن يجب أن تكون السوق المحلية مكتفية وآخذة حاجتها من المنتجات.