التخطيط لمستقبلهم ما زال خجولاً .. غياب واضح للبرامج التشغيلية الشبابية والاستثمار في طاقاتهم المجمدة!
أمر طبيعي أن تكثر أحلام وأمنيات الشباب مع بداية كل عام جديد على أمل أن يتم تحقيقها، ولو بحدودها الدنيا، فمنهم من يحلم بالتخرج في الجامعة، رغم أن الشهادة الجامعية لم تعد “مفتاح المستقبل”، والواقع الحالي خير مثال على ذلك، ومنهم من يحلم بالسفر لعل وعسى يجد فرصة عمل تعيد له الأمل. لكن، وفي زحمة الأحلام والأمنيات المؤجلة، يعود السوريين إلى أحلامهم اليومية البسيطة والتي تتركز حول التمكن من عيش حياة هانئة بعيدة عن المنغصات المتعلقة بضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار الجنوني وتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم في ظل واقع اقتصادي صعب فرضته ظروف الحرب الإرهابية على سورية خلال السنوات الماضية، والعقوبات الغربية الجائرة الأحادية الجانب التي لا يختلف اثنان على أنها تشكل نوعاً من العقاب الجماعي للشعب السوي على صموده طوال تلك الفترة.
أكبر الخاسرين!
أحد الزملاء الصحفيين انتقد الواقع الصعب الذي يعيشه الشباب السوري، مؤكداً أن الشباب هم أكبر الخاسرين وخاصة الخريجين في الجامعات، قائلاً: لا تنتقدوا الشباب إن هاجر بعد أن فقد الأمل بدوره نتيجة غياب المحفزات، ومن أهمها المشروعات والخطط التي تؤكد على أهمية دورهم، مشيراً إلى أنه جرّب السفر لعدة سنوات لكنه فضّل العودة للوطن على أمل أن تتحسن الظروف، لكنه وجد أن الأمور ما زالت على حالها، حيث لا توجد خطط ولا برامج حكومية لاستثمار طاقات الشباب وإشراكهم في عملية التنمية، مشيراً إلى أن الجهود الحكومية بهذا الخصوص لا تزال قاصرة وعاجزة عن تغيير أو تعديل مسار التراجع الاقتصادي، متسائلاً: لماذا كل هذا التقصير بحق الشباب، خاصة أن لدينا رواد أعمال من الشباب أثبتوا قدرتهم في العمل والمشاركة في صنع القرار في أي موقع من المواقع أو القطاعات؟
غياب الإعلام
ولم يخفِ زميلنا الصحفي أن الإعلام لم يكن نصيراً حقيقياً للشباب، حيث لم يلامس قضاياهم كما يجب رغم أحقية ومشروعية مطالبهم، ولذلك في ظل الواقع الحالي لا يأمل الشباب خيراً في القادم من أيام في ظل قوانين وتشريعات باتت غير قادرة على احتضان الجديد في هذا العالم، لذلك ستبقى الهجرة هي الملاذ الآمن للشباب، فيما الجهات المعنية تتسابق لعقد الندوات والمؤتمرات وتعرض للتوجهات الاقتصادية وتصدر القرارات لكنها للأسف لم تُحسّن في الواقع الشبابي شيئاً!
عامل وطالب!
في لقاءاتنا مع العديد من طلبة الجامعات، وبشكل خاص ممن هم على أبواب التخرج، لمسنا حالة من الإحباط واليأس. وعلل بعضهم السبب بعدم الاهتمام باستثمار طاقات الشباب وتركهم يعانون الانتظار المرير على قارعة طريق البطالة!.
وتساءل بعضهم عن جدوى افتتاح التخصصات العلمية الجديدة في ظل عدم التخطيط لفرص عمل لخريجيها لدرجة أن الجامعات أصبحت مخازن لتخريج العاطلين عن العمل!
هذه الحال جعلت شباب الجامعة يفضلون استنفاد كل سنواتهم بالدراسة وتأجيل التخرج لآخر فرصة، بسبب خوفهم من المستقبل المجهول، وقال البعض منهم إنهم يدرسون في النهار ويعملون في المقاهي وأسواق الهال في المساء من أجل تأمين متطلبات عيشهم ومصاريفهم الدراسية التي باتت صعبة في ظل الغلاء الذي طال كل شيء!
مقابر الأحلام!
ولم يغيب التعثر الدراسي عن حديث الطلبة، حيث شكا العديد منهم من الظلم الذي يعانون منه فيما يتعلق بنسب النجاح، مشيرين إلى أن بعض الكليات تحولت إلى مقابر لدفن أحلام وأمنيات الطلبة في النجاح، داعين الإدارات الجامعية لتخليصهم من مزاجية وابتزاز بعض أعضاء الهيئة التدريسية الذي يقوضون أحلامهم!.
الأمل بالسفر
ومن يمر بالقرب من مراكز الهجرة والجوازات سيلفت انتباهه ذلك الكم الكبير من المواطنين وأغلبهم من الشباب الحالمين بالسفر، حيث يجتمعون بالمئات، بل الآلاف للحصول على جواز سفر يعتبرونه المنقذ لهم في ظل التخلي عنهم وإجبارهم على التخلي عن أحلامهم وأمنياتهم التي تلاشت وانكمشت!
وتساءل أحد الشباب: لماذا لا تعمل الجهات المعنية على الحد من هجرة الشباب؟!
أمراض نفسية
في ظل هذا التوتر الذي يعيشه الشباب ليس بغريب أن يصابوا بأمراض نفسية تؤدي لاضطراب في شخصياتهم، تؤثر على مزاجهم وتفكيرهم وسلوكهم وتؤدي لإصابتهم بأمراض كالاكتئاب والقلق، وغيرهما من الأمراض، وذلك بحسب المرشدة الاجتماعية والمعلمة إيلانا خليل، التي دعت إلى الاهتمام بصحة الشباب الجسدية والنفسية، لأن الرهان على الشباب وهم في هذه الحالة من الإحباط واليأس والمزاج العصبي المتهيج وتراجع ثقتهم بأنفسهم لن يجدي نفعاً وسيعيقهم في ممارسة أدوارهم ونشاطاتهم.
أين الحلول؟
من يفتح الدفاتر ويطلع على الخطط والبرامج التي تعنى بمستقبل الشباب لا يجد إلا الوعود، حتى الأمل الوحيد للشباب المتمثل بالإستراتيجية الوطنية لتشغيل الشباب لم يتحقق، بالرغم من أن العمل بها بدأ قبل بدء الحرب على سورية، في وقت يستغرب فيه خبراء الاقتصاد عدم الاهتمام بهم لجهة تأمين العمل المناسب لهم ودعمهم بمشاريع صغيرة كمنحهم قروض لا تسترد إلا بعد أن تبدأ المشاريع بالإنتاج، بالإضافة إلى العمل وفق برامج تهدف إلى تطوير مهاراتهم وتدريبهم على أساليب العمل بشهادة خبرة للعمل في تخصصاتهم، كإنشاء مشروعات صغيرة حرفية، فمن يتغنى بالشباب ودورهم من المفروض أن يعمل على تحقيق ذلك، فالشباب هم كلمة السر لفتح أبواب المستقبل الذي ننشده والذي يحتاج لإداريين حرفيين ومهرة في صناعة هذه المفاتيح!.
وفاء سلمان