“التربية” ترد على المشككين بنظام الأسئلة المؤتمتة: خطوة مدروسة ستقطع الطريق على تجار العلم
دمشق – علي حسون
ما أن أعلنت وزارة التربية عن نيتها في تطبيق نظام الأسئلة المؤتمتة لامتحانات الشهادات العامة حتى بدأت الأصوات تعلو، هنا وهناك، مشككة بنجاعة هذه التجربة كونها لن تحقق الهدف، وخاصة في الفرع العلمي، ولاسيما مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء، حيث حلول المسائل متسلسلة ومترابطة من بدايتها لنهايتها.
واعتبر مدرسون أن خطوة الأتمتة لم تأت في الوقت المناسب، ولم تأخذ بعين الاعتبار ضرورة التدرج في الصفوف (الأول الثانوي على الأقل، ومن ثم الثاني الثانوي، وبعدها الثالث الثانوي)، حينها يكون الطالب قد اعتاد على النمط وصار لديه معرفة بكيفية الأسئلة و التمرس بحلها.
لا خبرة
ولم يغفل مدرسون في حديثهم لـ “البعث” أنهم لا يمتلكون خبرة كافية بطريقة وضع الأسئلة، وإن كان من المفترض التروي قليلاً ليتم تدريبهم واكتساب خبرة النماذج المؤتمتة.
ويرى طلاب الدراسة الحرة أنهم ظلموا في هذا القرار كونهم لم يخضعوا لامتحان نصفي كتجربة تمهيدية قبل دخولهم الامتحان النهائي.
من جهته، اعتبر الخبير التربوي جابر معمرجي أن تطبيق نظام الأسئلة المؤتمتة خطوة ممتازة من أجل التخلص من الأخطاء البشرية التي نراها كل عام أثناء التصحيح، إلا أن النماذج بحاجة لمدرسين خبيرين من أجل وضعها بما يتناسب مع المقرر وتدريس المنهاج على أساسها، مع ضرورة إلزام المدرس والطالب بالتفاصيل العلمية في المنهاج.
لم تصدر توصيفاً!
ورأى معمرجي أن وزارة التربية تأخّرت في إقرارها ولم تصدر توصيفاً للورقة الامتحانية فيه تفصيل لعدد أسئلة مادة اللغة العربية والفهم المجمل والتفصيلي وأسئلة القواعد والإملاء والمستوى الفني، علماً أن الأنموذج الذي أصدره مركز تطوير المناهج والذي سمّوه “استرشادياً” كان ضبابياً من دون توزيعٍ للعلامات ومعظمه من أسئلة الدورات السابقة.
وذهب مدرسون إلى أن قرار “الأتمتة” جيد إلا أن أغلب المؤسسات التعليمية الخاصة لم يرق لهم هكذا قرار كونه سيحد من تجارتها الرابحة من خلال الدروس الخصوصية، ونشر ملخصات وتوقعات امتحانية وزرع أوهام في نفوس الطلاب بأن “مدارسهم ومعاهدهم” هي طريق النجاح والتفوق.
يدرس منذ سنوات
الدكتور رمضان درويش، مدير مركز القياس والتقويم التربوي، اعتبر أن قرار “أتمتة” أسئلة امتحان الشهادات العامة سيقطع الطريق على تجار العلم والباحثين عن المكاسب المالية على حساب مصلحة الطلاب ومستقبلهم، ولم يستغرب توجيه الاتهامات والتشكيك كون قرار وزارة التربية جديد ويحمل مصلحة الطلاب قولاً واحداً لاسيما أن الوزارة تدرس هذا القرار منذ سنوات من خلال عمليات قياس واستبيانات ويتم تدريب المدرسين على كيفية بناء اختبارات من هذا النوع، وهو مستخدم في معظم بلدان العالم، في المدارس والجامعات، مؤكداً أن اختبارات “الاختيار من متعدد” تعد من الاختبارات الموضوعية، وستحقق العدالة أثناء التصحيح كون العنصر البشري لن يكون له تأثير على عمليات التصحيح وسيحصل الطالب على الدرجة نفسها حتى لو أعيد تصحيح الورقة الامتحانية مرات عدة، عكس التصحيح اليدوي، ولاسيما في الأسئلة المقاليّة، حيث هناك هفوات وآراء أيضاً على الرغم من توحيد سلالم التصحيح، فالاختبارات الموضوعية تتمتع بخصائص لا تتوافر في الاختبارات المقاليّة، من أهمها شموليتها لكامل المنهاج لتعدد الأسئلة، وتراعي التوازن في قياس الأهداف التربوية المعرفية والمهاريّة، والوجدانية، بجميع مستوياتها من التذكر حتى الإبداع.
تخفف الضغط النفسي
ولم يخف درويش أن نظام الأسئلة المؤتمتة سيخفف من الضغط النفسي للأهالي والطلاب قبل الامتحان من خلال التشويش بالأسئلة المتوقعة التي يتم تداولها، حيث لا توجد هنا توقعات لتعدد الأسئلة والخيارات، والأهم من ذلك أنها تخفف من ظاهرة الغش الامتحاني من داخل القاعة أو خارجها، نظراً لتعدد النماذج في القاعة الواحدة المحددة بأربعة نماذج للأسئلة نفسها مع تغيير بدائل الإجابة، لافتاً إلى أهمية الحد من ظاهر الدروس الخصوصية التي تثقل كاهل الأهالي في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
وكشف درويش عن نماذج مؤتمتة شاملة لكافة المواد سيتم نشرها قريباً على موقع المركز ومواقع وزارة التربية الرسمية.
وعاد وأكد مدير المركز عدم مسؤولية “المركز” عن كل ما يطرح وينشر على صفحات التواصل الاجتماعي من نماذج امتحانية، ولاسيما أن الكثير من صفحات التواصل الاجتماعي تطرح نماذج كدعاية لجذب الطلبة، وهي نماذج غير معتمدة مع أن بعضها استخدم شعار مركز القياس والتقويم.
وطمأن مدير المركز الطلاب بأن الأسئلة ستكون متدرجة تراعي مستويات الطلاب: ما بين “30% عادية، و50% وسط، و20% للمتميزين”، وستطبق على عدد من المواد في امتحانات الفصل الدراسي الأول كي يتدرب الطلبة على هذا النوع من الاختبارات، لكي يدخلوا الامتحان النهائي بمزيد من الخبرة، وبقليل من التوتر.