أليسار عمران: القصيدة تكتب نفسها من دون تخطيط مسبق
هويدا محمد مصطفى
استطاعت أليسار عمران توظيف مفرداتها من خلال نصوصها الشعرية في إصداراتها المختلفة، ففي الموزون نذكر “غاندي”، وفي الخاطرة “حفنة وأسرار” و”عاشقان”، كذلك في روايتها “دقيقتان ونصف”.
وللوقوف عند تجربة عمران الشّعرية والرّوائية، كان لنا هذا الحوار..
متى أخذتك الكتابة إلى عالمها وكانت البداية؟
أما عن الكتابة فهي منذ الطفولة، إذ كانت درجاتي في التعبير الكتابي هي الأعلى دوماً، لطالما أعجب مدرسو اللغة العربية بما أكتب، ومنهم المربي سهيل الوعي مدرس اللغة العربية الذي أعطانا دروسها كنوتة إيقاع وموسيقى.
تكتبين الشعر والرواية أين تجدين نفسك؟ وما الفرق بين الشعر والرواية بالنسبة للقارىء برأيك؟
بدأت بكتابة الخاطرة في منتدى صافيتا الأدبي، والحروف الجميلة تمنحك عدوى الجمال، الموهبة كانت حاضرة دوماً، وكتبت الشعر المحكي بعمر صغير وقد كانت موزونة، الحقيقة حين أغضب أو أحزن بلا شعور تخرج الكلمات مموسقة، ما يجعل من حولي يفرحون بغضبي حتى الكلمات تكون قاسية، لكنها بلغة شاعرية ومضحكة في الوقت ذاته، أما الرواية، فقرأت مرة للأديب نجيب محفوظ عبارة يقول فيها “لا تكتب إلا حين تموت”، حين كتبتُ “دقيقتان ونصف” كنت أحاول توجيه رأسي إلى مكانٍ آخر يبتعد بي عن ذاكرتي، حين يجرح أحد ما شعوري، يتحول دماغي إلى حقل ألغام، كان علي أن أتجاوز نفسي في تلك اللحظات، بدأت بكتابتها وانتهيت منها بـ٤٨ساعة، أما أين أجد نفسي فالحقيقة حيثُ يلقيني الشعور سأكون، كقارئة لفتني الروائي “قستنطين فرجيل جورجيو”، قرأتُ له رواية “الساعة الخامسة والعشرون”، وتفاجأت بعدها أنه درس الفلسفة واللاهوت وكان شاعراً، وأنا التي عشقت الكتابة بسبب جبران خليل جبران، وسحرني طاغور، أي قارىء هو أليسار يجذبه العمق الذي يلامس شعوره، فالشعر نسمة هواء عليلة تدغدغ القلب والروح، والرواية حياة كاملة، يبكي يضحك يتفاعل، لنكتب العمل الروائي يجب أن نضع أصبعنا على الألم، لكن تحت تخدير سحر المعنى، نستأصل أي ورم مجتمعي ثم نعقم ونقطب الجراح.
روايتك “دقيقتان ونصف” عنوان له تأويلات كثيرة ماذا تحدثينا عن الرواية ومن أين كانت الفكرة الأولى لولادة الرواية؟
حين تقرأين الرواية ستجدين الوقفات التي توقف عندها العقل لإصدار القرار.. لنفرض أنك وضعت يدك على زناد بندقية بدقيقتين ونصف فقط بإمكاننا أن نوقف حرباً صغيرة كانت أو كبيرة، أقوى الحروب هي حروب العقل من دون طلقة واحدة، بدقيقتين ونصف قد تصيبني الجلطة الدماغية بسبب شدة الضغط النفسي، وقد أكتب رواية.
متى تكتبين؟ وهل الحالة النفسية لها دوراً في خلق حالة إبداعية أم العكس؟ وحبذا لو تحديثنا عن كتابتك للقصيدة الموزونة..
ثقي في أن خلف كل إبداع رقيق حزنٌ نبيل، والقصيدة الموزونة تخلق من خاطرة تولد فوراً، وغالباً تنتهي معي بدقيقة واحدة موزونة أو قد يكون هناك كسر بكلمة لا أكثر، هناك شاعر يقرأ النص ويصوبه على أتم وجه، ولم أتشرف بمقابلته وأكن له كل التقدير والاحترام هو عبد السلام كنعان.. باختصار القصيدة تكتب نفسها من دون أي تخطيط مسبق.
كأنثى تعيش كل متناقضات الحياة والهموم الإنسانية، هل استطعت أن تجدي من حروفك ملاذاً لذاتك؟ وهل الكتابة تأتي كحالة هروب من الواقع؟
الكتابة حالة شعورية نعبر بها عن كل حالاتنا، ولابد أنها ملاذ آمن، لنقل إنها لغة قرار العود حين ينال النص إعجاب القارىء، هذا الشعور حاضر عند كل الشعراء على الرغم من أنهم يضيئون من ظلمات أنفسهم وليش شرطاً أن الظلمة حزناً قد تكون هروباً من القلق والخوف والانتظار في بعض الأحيان.
نجد الكثير من شهادات التكريم التي توزّع عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويتباهى البعض بتلك الشهادات ماذا أضافت لهم برأيك؟
شهادة أي نص شعري موزون أو محكي أن يُقرأ، البعض يحتاج أن يشعر بحضوره وقد تكون كلماته تستحق الاحتفاء، بإمكاني أن أكتب له ألف ألف مليون مبارك وأدخل الفرح إلى قلبه لطالما يحتفي أمامي بسعادة على الرغم من أني لا أتوقف إلا عند الكلمة وأثرها بي.
الموسيقى والأدب يكملان بعضهما ماذا تحدثينا عن عزفك للعود وهل تغنين القصائد التي تكتبيها ؟
العزف يعيدني إلى الحياة.. حين أحزن أعزف لنفسي وأكتب عن نفسي، وأغني أيضاً مع العزف، أكتب وأنسى كل ما أكتبه، لم أفكر بالتلحين، لكن ربما أفعلها ذات يوم لست أدري..
من خلال قصائدك الوجدانية، أجد أنك تحاورين الرجل بلغة خاصة ما الغاية من ذلك؟ وهل الرجل داعم للمرأة المبدعة برأيك؟
قصائدي هي أنا، والرجل هو أبي وأخي وابني وصديقي، لا غاية بالمطلق، ربما هو أسلوب تفكيري فيما يتعلق به، وعلى حسب الحالة التي أكتب عنها، فالقصيدة أكتبها بروح غيري أتسلل إلى روح وأتقمص شعورها بلحظة ما وأكتب بالنيابة عنها، كقصيدة “قمر أمامي”، هي بروح صبية بعمر العشرين، وقد أعاتب الرجل، لكن بمحبة كقصيدة المحكي “تعي حبيني”، وأتحدث عن وقع الشعور الحقيقي للأنثى العاشقة، وأتمنى ألا يجرح شعورها حتى نسمة الهواء.
مارأيك بالواقع الثقافي بشكل عام ؟
لا أعرف شيئاً عن الواقع الثقافي لأني لا أختلط به، لدي أصدقاء شعراء نبلاء نفكر بالأسلوب ذاته، ونتبادل وجهات النظر، ونقرأ ونعلق على النصوص الجميلة أينما كانت، فالجمال موجود والأدب حاضر والشعر حاضر في كل مكان هذا هو الواقع الثقافي الحقيقي من وجهة نظري.
ما آخر مشاريعك ؟
بانتظار قمر نابلس في معرض بيروت قريباً، ولدي كتب أقوم بتجهيزها للطباعة، شعر محكي بعنوان “كمشة شتي” و”بكى القمر” و”قيثارة الألم” شعر موزون، وهناك كتاب مفاجأة سيسرّ الجميع، ولا علاقة له بالشعر أو الرواية.