أخبارصحيفة البعث

أمريكا تغوص وتخسر والصين تراقب وتربح

تقرير إخباري

باعتراف من الغرب ووسائل إعلامه، تواصل الصين حصد المزيد من الأرباح والسمعة الاقتصادية، في ظلّ تخبط الإدارة الأمريكية وخلقها للأزمات في العالم، وليس آخرها في البحر الأحمر، ورغم أن الصين من أضخم المستثمرين في الشرق الأوسط، لكنها لا تنتهج معادلات أمريكا والمركزية الغربية: “أنا أربح وغيري يخسر”، بل تواصل السير على مبدأ توازن وتساوي العلاقات مع الدول بغضّ النظر عن حجمها ووزنها الجيوسياسي وفق معادلة “رابح – رابح” لكلا الطرفين.

لقد رفضت الصين الانضمام إلى “التحالف” الذي أنشأته أمريكا وبريطانيا في البحر الأحمر بحجة “حق الدفاع عن النفس”، أو التدخل في المنطقة رغم حجم المصالح الصينية فيها وحتى لو تضررت تلك المصالح، مفضلةً الحفاظ على سمعتها السياسية، وخاصةً أنها تعلم تمام المعرفة أن أمريكا هي من خلقت مستنقعاً آسناً في المنطقة ومن باب أولى أن تغوص الإدارة الأمريكية فيه لا غيرها، وعلى سبيل المثال اعتبرت الصين أن ضربات العدوان الأنغلوساكسوني للمحافظات اليمنية أمراً غير شرعياً وغير قانونياً، لأنه كان دون موافقة مجلس الأمن وقراره حيال ذلك، بل فضلت الصين إبقاء علاقات صداقاتها متينة مع دول الشرق الأوسط التي يشكل نفطها 48% من واردات الصين النفطية، كما أن 18% من بضائع الصين تصدّر عبر قناة السويس إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إذ تراقب الصين بكل هدوء مدى تأجج مشاعر المنطقة ورفضها للوجود الأمريكي والغربي فيها مع ارتفاع وتيرة ضربات كل حركات المقاومة لها في الأرض المحتلة وسورية والعراق والأردن.

إن هذا كله يعني المزيد من الخسائر لأمريكا والمزيد من الازدهار للصين سياسياً واقتصادياً؛ فأمريكا تدفع تكاليف الحروب والبوارج وحاملات الطائرات في المضائق بحجة الدفاع عن مصالحها، في وقت تمرّ الصين في جميع البحور والمضائق دون أن تتعرض مصالحها للأخطار بأي شكل بسبب علاقاتها الطيبة مع مجمل الشعوب.

من جهةٍ ثانية فإن المستنقع الآسن هذا حقق إشغالاً كبيراً للإدارة الأمريكية عن تأجيج الصراعات والفتن في منطقة آسيا – الهادي ذات البعد الحيوي للصين، فلو عدنا بالذاكرة إلى نحو أكثر من عقد نجد أن الصين حاولت النأي بالنفس عن الصدام مع أمريكا والقوى التابعة لها في بحر الصين الشرقي والجنوبي، مفضلةً مبدأ التوجه غرباً “الشرق الأوسط”، وفي حال مواصلة التحرّك الأمريكي خلف الصين غرباً، فإن الصين ستعود وتكثّف وجودها في مناطقها الحيوية في آسيا.

وفي كل صراع وكل تحرّك ستواصل الصين – على عكس الإدارة الأمريكية- تقديم نفسها بأنها “قوة عالمية ناضجة”، همّها الأول تحقيق التنمية لنفسها وللعالم، ولا سيما “عالم الجنوب”، وستواصل السير على خطا مبادرة السلام الصينية للرئيس شي جين بينغ، والتخلّص من عقلية الحرب الباردة الأمريكية، وتحقيق المكاسب سياسياً واقتصادياً مهما كان حجم الضغوط والمتاعب والأزمات العالمية.

بشار محي الدين المحمد