سيارات جوالة تبيع “أشباه” الألبان والأجبان وانخفاض أسعارها مجرد شائعات!
ميس بركات
في وقت تصدح التصريحات في المواقع الإخبارية بانخفاض أسعار الأجبان والألبان، يشي الواقع بالنقيض تماماً، إذ لم تسلم هذه المادة أيضاً من سعار الأسعار قبيل شهر رمضان، خاصّة وأن استهلاك مشتقات الحليب يزداد في هذا الشهر، فعلى الرغم من عدم مضي أشهر على وضع تسعيرة جديدة للمادة إلّا أن تسعيرة التجار لا زالت تتغيّر في مطلع كل يوم تحت مبرر ارتفاع مستلزمات الإنتاج وارتفاع سعر الأعلاف، علماً أننا مقبلون على شهر الربيع، وارتفاع سعر الحليب من أرض المزرعة، وبالتالي كان لزاماً على ورشات ومصانع الألبان والأجبان عدم الانصياع لأسعار وزارة التجارة الداخلية التي ستودي بالقطاع للانهيار ولحاقه بما سبقه من قطاعات حيوية باتت في عهد الانقراض واستيراد ما كنّا ننتجه محلياً، لتصبح سياسة الرضوخ لرفع أسعار أي مادة أفضل من انقطاعها والاضطرار لشراء المهرّب أو المستورد منها.
أشباه ألبان
ولا ننفي أن أسعار الألبان والأجبان استقرت في الكثير من المناطق السكنية إلّا أنها في المقابل تجاوزت المُتفق عليه بين الحرفيين بعدم رفع الأسعار وقيام تجار المحال بوضع تسعيرتهم الخاصّة التي “طفّشت” الكثيرين وساقتهم للشراء من السيارات الجوّالة والمغشوشة حتماً لكن الدفع هنا يكون أقل، فسيارات بيع مشتقات الحليب باتت أكثر “من الهم عالقلب” وأسعارها المخفّضة بآلاف الليرات تؤكد صحة كلام محمد الصالح صاحب إحدى الورشات بأنها أشباه ألبان وأجبان وخطيرة على صحة المواطنين، إلّا أن عوز المواطن وطمع الباعة هو من جعل من هذه التجارة أمراً واقعاً وموجوداً بكثرة في المناطق والأسواق الشعبية وحتى في الضواحي السكنية، لافتاً إلى انتشار ورشات غير نظامية مستقلة أو ضمن منازل في مناطق مخالفات وغير خاضعة للرقابة التموينية والصحية كونها في مناطق بعيدة، وتحدث الصالح عن معاناة الورشات من ناحية حوامل الطاقة، إذ أن أغلبية الحرفيين في ريف دمشق يقومون بتأمين الكهرباء عن طريق الاشتراك بالأمبيرات ونسبة أخرى تستخدم المولدات كهربائية، وبالتالي فإن رفع سعر هذه المواد أمر خارج سيطرتهم، لكن في حال تمّ تأمين حوامل الطاقة ستنخفض الأسعار إلى النصف تقريباً.
مشتقات مجهولة المصدر
إلقاء اللوم على المربين وتوجيه أصابع اتهام رفعهم لسعر الحليب من أرض المزرعة أمر استنكره جميع المربين الذين تواصلنا معهم، والذين أكدوا عزوف أرقام مخيفة عن التربية خلال العامين الأخيرين نتيجة عدم تحريك الحكومة ساكناً لجهة أدنى مطالبهم بتأمين العلف أو المحروقات.
ولم ينفِ سليم الحايك صاحب ورشة تصنيع للألبان والأجبان اضطرار المربين لتجاهل تسعيرة حماية المستهلك في الكثير من الأحيان، خاصّة وأن سعر الحليب من أرض المزرعة اليوم تجاوز الـ 7000 ليرة يُضاف إليه التصنيع والتعبئة والتغليف وما إلى هنالك من مراحل للوصول إلى التسويق الذي يكلّف أيضاً أرقاماً خيالية نتيجة ارتفاع سعر المحروقات، وبالتالي فإن أجور النقل اليوم تكاد تُضاهي مستلزمات الإنتاج السابقة جميعها، ولم يُخفِ صاحب الورشة اضطرار الكثيرين لتصنيع الألبان والأجبان من الحليب المجفف وخاصّة مع وجود الحليب المجفف المجهول المصدر بأسعار أقل من الحليب الطازج أو حتى الحليب المجفف المُباع بشكل نظامي في المحال التجارية، فدخول كميات كبيرة من مشتقات الحليب، ولاسيّما الأجبان مجهولة المصدر ومنافستها بالأسعار للمُصنّع منها محلياً، جعل الكثير من الورشات تتجه لتصنيع الحليب المجفف “المهرّب” أيضاً وتحويله لمشتقات تُصنّع بالكثير من المنكهات التي تجعله ينافس الأصناف المصنوعة من الحليب الأصلي، ونوّه الحايك بأن انخفاض نسبة التصنيع عن السابق رافقها انخفاض نسبة الاستهلاك بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن.
لا نيّة لرفع السعر
مشهد شراء الأجبان واللبنة “بالوقية”، خلال اليومين الماضيين يؤكد أن انخفاض سعر المادة لم يخرج من إطار الشائعة، وأن الانخفاض حتى لو حصل في هذا الشهر فلن يشعر به المواطن لضعف القدرة الشرائية وعدم مواكبة الأجور للأسعار التي في حال انخفضت ستكون بمئات الليرات لا الآلاف.
في المقابل نفى عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية للألبان والأجبان، أحمد السواس، في تصريح لـ “البعث”، وجود ارتفاع بأسعار مشتقات الألبان والأجبان بل على العكس لمس المواطن هبوطاً خلال الأسبوعين الماضيين بأسعار مشتقات الحليب بعد أن انخفض سعر كيلو الحليب 200 ليرة، لافتاً إلى عدم وجود نية لإصدار تسعيرة جديدة ورفع الأسعار، خاصّة وأن التكلفة اليوم تكاد توازي التكاليف وسعر المبيع، وبالتالي فهي مناسبة إلى حدّ ما لتكاليف الحرفي.
تصدير ضعيف
عضو مجلس الإدارة لفت إلى وجود تراجع كبير بنسبة الاستهلاك وصلت إلى 50%، رافقها خروج أكثر من 25 حرفياً هذا العام عن العمل في هذا القطاع، خاصّة وأن الحرفيين لم يحصلوا على أكثر من 35% من مخصصاتهم من المحروقات، بالتالي فإن زيادة ساعات التقنين تضطرهم لشراء المادة بأسعار كبيرة الأمر الذي يؤثر على سعرها حتماً في السوق المحلي، منوّهاً بأن تصدير المادة لم يتوقف إلّا أنه في حدود ضعيفة، إذ لا زال هذا القطاع يساهم بشكل كبير في الصناعة الوطنية، فمشتقات الحليب مادة أساسية على موائد الطعام حتى مع ارتفاع سعرها سيبقى حضورها لزاماً على الموائد، وفيما يتعلق باحتكار بعض التجار لأصناف معينة نفى السواس هذه الشائعات مؤكداً أن مادة الحليب سريعة التلف، وبالتالي لا يمكن تخزينها إلّا على شكل أجبان وألبان الأمر يقوم به الحرفي في حال لم يتمّ تسويق جميع كميات الحليب للحفاظ على المادة وبيعها لاحقاً، لافتاً إلى وجود أجبان وألبان مجهولة المصدر بكثرة في الأسواق الشعبية وغير خاضعة للرقابة والصحة والتموين وتؤثر على سعر الأصناف المحلية وتسويقها!.