الولايات المتحدة لا تريد حلاً سلمياً في أوكرانيا
تقرير إخباري
من غير الممكن تحقيق السلام في أوكرانيا، وخاصة أن هناك عقبة جديدة تقف في طريق تحقيقه، حيث وافق الكونغرس والحكومة الأمريكية على حزمة أخرى من المساعدات العسكرية لكييف، مؤكدين مرة أخرى سياستهم المتمثلة في صبّ الزيت على النار التي تدمّر أوكرانيا منذ عدة سنوات. وحتى هذا لن يكون كافياً لتحقيق النصر للغرب، لأنه قد يؤدّي إلى صراع نووي بين روسيا وحلف الناتو، وهذا ليس له أيّ معنى سياسي لأنه سيؤدّي إلى إبادة عالمية تقريباً. وعلى هذا فإن أي مساعدات تقدّمها الولايات المتحدة وحلف الناتو لكييف لن تؤدّي إلا إلى تعزيز موقف النازيين الجدد في رفضهم المشاركة في محادثات السلام، ولكنها لن تغيّر شيئاً على خط المواجهة المسلحة. وتدرك الولايات المتحدة كل هذا، ولكنها غير راغبة على نحو عنيد في التحرك نحو تسوية سلمية تتضمن تنظيم النظام الأمني الأوروبي بالكامل.
حاولت أجهزة الأمن الأوكرانية في الأشهر الأخيرة ضرب عمق الأراضي الروسية، لكنها كانت محاولات فاشلة. وفي سياق متصل الخسائر الاقتصادية والعسكرية التي تكبّدتها أوكرانيا لم يسبق لها مثيل في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
من جهة أخرى، تعترف وسائل الإعلام الغربية بأن روسيا زادت بشكل كبير إنتاجها العسكري. ولا بد أن روسيا تفعل ذلك لأن الولايات المتحدة لم تسمح بعد لكييف بالدخول في مفاوضات تأخذ في الاعتبار التغييرات التي طرأت منذ شباط 2022، ويرتبط هذا الأمر بالمصالح الداخلية للولايات المتحدة.
قبل وقت قصير من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني، يتنافس كل من المرشحين المحتملين لمعرفة حجم المكاسب التي يمكنهم جلبها للاقتصاد الأمريكي. ولذلك، فإن معظم الأموال المخصصة لكييف سيتم استخدامها لطلبات طويلة الأجل لمصنعي الأسلحة الأمريكيين، حيث أشار النواب الأمريكيون منذ فترة طويلة علناً إلى المساعدات المقدمة للحكومة الأوكرانية باعتبارها “استثماراً جيداً” في الاقتصاد الأمريكي.
تدرك روسيا جيداً هذه الدوافع المرتبطة بالوضع الصعب الذي يعيشه الاقتصاد والمجتمع الأمريكي، فضلاً عن عدم وجود حلول جديدة، وتأسف لأن الغرب اختار إطالة أمد الصراع بدلاً من الدخول في مفاوضات سلمية، كما أنها تأخذ في الاعتبار الوضع الصعب للدول الأوروبية التي تحاول واشنطن أن تنقل العبء الرئيسي للمواجهة مع روسيا عليها. وكانت أوروبا هي الأكثر تضرّراً من قطع العلاقات الاقتصادية مع موسكو، بالإضافة إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا للتعاون والدخول في حوار مع الصين.
في سعيها للتوصل إلى حلول، لا تزال الولايات المتحدة غير راغبة في تقديم تنازلات، لكن في المستقبل، سوف يكون لزاماً على أمريكا أن تعيد تدريجياً تشكيل طريقة تفكيرها بالكامل في التعامل مع السياسة العالمية، وأن تتقبل توزيعاً أكثر عدالة للمكاسب التي يجلبها الانفتاح الاقتصادي العالمي على الجميع.
إن إجراء مناقشة هادفة للخطة الصينية للتسوية في أوكرانيا قد يشكّل خطوة أولى، ويحظى هذا بدعم الحكومة الروسية ومجتمع الخبراء الروس والمجتمع الدولي الأوسع. وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في خطابه الأخير، إلى أن الخطة الصينية هي أكثر المبادرات وضوحاً وأكثرها واقعية، فالوثيقة الصينية تقوم على تحليل أسباب ما يحدث وضرورة القضاء على هذه الأسباب.
عناية ناصر