مع ارتفاع أسعار الأعلاف.. بحث عن زراعات علفية جديدة واعتماد متزايد على المخلفات الزراعية
دمشق- البعث
في ظلّ الظروف المناخية القاسية، وسيادة الجفاف وانحسار المراعي، وعدم كفاية المقنّنات العلفية التي تقوم بتوزيعها المؤسّسة العامة للأعلاف التي تعيش دائماً في شبكة معقّدة من المشكلات، وفي مقدّمتها صعوبة تأمين المادة العلفية، يتجّه العديد من الفلاحين لزراعة نبات الأزولا واستخدامه كبديل علفي للدواجن والمواشي في العديد من المناطق، ولو بشكل غير علنيّ، بما يحقّق لهم توفيراً بتكاليف الإنتاج المترتبة على شراء الأعلاف الجاهزة التي تزايدت أسعارها مؤخراً. والأزولا التي حذّرت وزارة الزراعة من زراعتها هي نبات مائي سرخسي يعيش في البرك والمستنقعات وحقول الأرز، ينتشر في أمريكا، جنوب شرق آسيا والصين، الهند، أستراليا، جنوب أفريقيا، ويستخدم هذا النبات كعلف لتغذية الدواجن والأبقار والأغنام، إذ يتكوّن من 95% ماء و5% من المادة الجافة التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين 25% والألياف 12%، والرماد 12.5%، كما يحسّن من خواص التربة الكيميائية والفيزيائية.
وأكدت وزارة الزراعة منذ سنوات أنه على الرغم من المميزات العديدة لنبات الأزولا، إلا أن زراعته على نطاق واسع في سورية تحفّها الكثير من المخاطر، وأهمها خطر انتشاره الوبائي إذا تحوّل إلى نبات غاز يهدّد المسطحات المائية والسدود، فضلاً عن صعوبة توفر الظروف المناخية الملائمة لنموه، ولكونه يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه التي يجب تجديدها بشكل كامل كلّ عدة أشهر، وضرورة تعويض الفاقد من المياه نتيجة التبخر يومياً، وهي كميات لا يُستهان بها لأن النبات ينمو على مسطح مائي حرّ.
وطبعاً مشكلة نقص الأعلاف حاضرة في كلّ مؤتمر من مؤتمرات التنظيم الفلاحي (جمعيات، روابط، اتحادات فرعية)، ورغم ذلك لم تغب عن الساحة الفلاحية ولم تجد الجهات المعنية أية حلول لهذه المشكلة، فحجم الفجوة في المصادر العلفية المحلية يتجاوز 3 ملايين طن من المادة الجافة سنوياً، وأن إنتاج هذه الكمية يحتاج -حسب خبراء متخصّصين- لأكثر من 3 مليارات متر مكعب من المياه، وبشيء من التفصيل يؤكد هؤلاء الخبراء أن إنتاج 1 كغ من لحم البقر يحتاج إلى نحو /20/ ألف ليتر من المياه، وأن إنتاج 1كغ من الجبن يحتاج إلى 1100 ليتر من المياه، وفي ظلّ تراجع نسبة مساهمة المراعي الطبيعية في التركيبة الغذائية للحيوانات المجترة، فقد أصبح البحث عن موارد علفية إضافية بديلة عن مساهمة المراعي أمراً حتمياً، إلا أن المساحات التي يمكن أن تزرع بالأعلاف بحاجة إلى موارد مائية مستقرة في ظلّ تراجع قدرة الأحواض المائية المحلية وانخفاض حجم الوارد المتجدّد، وتزايد الحاجة إلى المياه لإنتاج غذاء الإنسان، واستعمالاته المنزلية والصناعية، ضمن هذه المعادلة المعقّدة واستحالة تحقيق عملية التوازن بين طرفيها -تشير مصادر متخصّصة في الإنتاج الحيواني- إلى أهمية الإقبال على صناعة الأعلاف بالاعتماد على المخلفات الزراعية وتحسين استخدامها، ولاسيما أن المناخ الاستثماري لهذا القطاع واعد جداً، حيث تصبح المحافظة على صناعة الأعلاف القائمة ودعم استمرارها ونموها، وتشجيع الاستثمار في مجال صناعة الأعلاف بزيادة جاذبيته وتقليل مخاطره، بغية توفير احتياجات الثروة الحيوانية.
في هذا المضمار ركّز الكثير من الخبراء والمختصين على مخلفات الزيتون وإمكانية تحويلها إلى مادة علفية للحيوانات، إلا أن المخلفات الزراعية أشمل من ذلك بكثير، فالمخلفات النباتية تبدأ من ورق الزيتون والأغصان بعد التقليم وتمتدّ لتشمل ساق مادة الذرة وساق مادة القطن وتفل بقايا الخضراوات وبقايا الفواكه، وقشور الفول والبازلاء والفول السوداني وتفل البندورة والعنب، وبالإمكان تحسين القيمة الغذائية لهذه المخلفات عن طريق إضافة فول الصويا أو الشعير وغيره من المواد البروتينية ولو بنسب متفاوتة، وذلك بهدف زيادة القيمة الغذائية لهذه المخلفات.
ولا شكّ أن قضية الأعلاف شائكة ومعقدة كان ولايزال يشكو منها مربو الثروة الحيوانية على امتداد ريفنا المعطاء، وخاصة في ظلّ هذه الظروف الحرجة وانحسار المراعي نتيجة انحباس الأمطار، لذا لا بدّ من النظر إلى مسألة الأعلاف وإعطائها الأولوية في جداول المطالب الضرورية والملحّة والعمل على تعجيل وتسريع الحلول لهذه المسألة، إن كان بتفعيل دور المؤسسة العامة للأعلاف أو تشجيع الصناعات التي من شأنها التخفيف من حدّة أزمة الأعلاف.