إملاءات أمريكية.. وقف إطلاق النار في غزة ليست صفقة أو مفاوضات
سمر سامي السمارة
بدعوى محاولة التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، غادر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الأراضي المحتلة يوم الأحد الماضي، لتكون زيارة بلينكن هذه التاسعة للمنطقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول الماضي على القطاع، وبالرغم من ذلك تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين في القطاع المحاصر، وعرقلة كافة المساعي لإتمام إي اتفاق، الأمر الذي جعل فصائل المقاومة الفلسطينية ترفض التأكيدات بأن اتفاق وقف الأعمال العدائية قادم في الأفق، فالمقترح الجديد “يستجيب لشروط نتنياهو ويتماهى معها”، وخصوصاً فيما يتعلق بالوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، و”إصراره على مواصلة احتلال محور “نتساريم، ومعبر رفح وممر فيلادلفيا”.
تأتي زيارة بلينكن إلى الأراضي المحتلة بعد أيام من لقاء المفاوضين الإسرائيليين بكبار المسؤولين الأمريكيين، بالإضافة إلى الوسطاء القطريين والمصريين في محاولة للتوصل إلى إنفراجة في المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
وعلى الرغم من انتهاء تلك المحادثات دون تحقيق أي تقدم كبير نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قال بايدن يوم الجمعة الماضي إن اتفاقاً لوقف النار “بات أقرب من أي وقت مضى، لكننا لم ننجزة بعد”.
وفي بيان سابق، قال بايدن إن فريق التفاوض الأمريكي قدم اقتراحاً شاملاً يوفر الأساس للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، مضيفاً سأرسل الوزير بلينكن إلى “إسرائيل” لتأكيد دعمي القوي لأمن “إسرائيل”، ومواصلة جهودنا المكثفة لإبرام هذا الاتفاق، والتأكيد على أنه مع اقتراب وقف إطلاق النار الشامل وإطلاق سراح الأسرى الآن، لا ينبغي لأحد في المنطقة أن يتخذ إجراءات لتقويض هذه العملية.
خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته اليمينية المتطرفة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هناك مجالات يمكننا أن نبدي بشأنها المرونة، وهناك أموراً لا يمكننا أن نبدي فيها المرونة ونحن نصر عليها. وتماشياً مع ما يؤكده المراقبون عن نمط التصعيد الإسرائيلي عندما تبدو صفقات وقف إطلاق النار في متناول اليد، قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلية يوم السبت الماضي منزلاً ومستودعاً مجاوراً في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 18 فلسطينياً من عائلة واحدة.
وبحسب مسؤولين في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح الذي نُقل إليه المصابون، أن الغارة الجوية استهدفت السبت منزلاً ومخزناً مجاوراً يأوي نازحين عند مدخل بلدة الزوايدة، و كان من ضمن الشهداء سامي جواد العجلة، الذي استشهد وزوجتيه و11 من أبنائه الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و 22 عاماً وجدة الأطفال وثلاثة أقارب آخرين، وفقاً لقائمة قدمتها المستشفى، حيث اندلع حريق هائل، وأحرق كل شيء في المستودع، وتمزقت أجساد الأطفال إلى أشلاء.
وبحسب ما ذكرته وسائل الإعلام، فإن عائلة العجلة محيت من السجل المدني، وإن أفراداً ما زالوا محاصرين تحت الأنقاض، حيث تعمل فرق الإنقاذ في موقع المجزرة على إنقاذهم، وأن معظم الضحايا الذين تم انتشالهم وصلوا مقطعي الأوصال إلى مستشفى شهداء الأقصى.
إنه المصير ذاته الذي تقاسمته عشرات العائلات الفلسطينية على الأقل، وربما مئات العائلات خلال العدوان المستمر منذ أكثر من 317 يوماً من قبل كيان الاحتلال الذي تجري محاكمته بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية.
ووفقاً لوزارة الصحة العامة اللبنانية، أدت الغارة الجوية التي شنتها “اسرائيل” وفي الوقت نفسه، على منطقة وادي الكفور في النبطية في جنوب لبنان إلى استشهاد 10 لاجئين سوريين، بما في ذلك أم وطفليها، ورداً على تقارير عن تفاؤل حذر من جانب الولايات المتحدة و”إسرائيل” بشأن اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس سامي أبو زهري إن “القول بأننا نقترب من التوصل إلى اتفاق هو وهم، نحن لسنا أمام صفقة أو مفاوضات حقيقية، بل أمام فرض إملاءات أمريكية”.
جدير بالذكر أن زيارة بلينكن إلى “إسرائيل” تأتي في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة 40 ألفاً هذا الأسبوع، مع إصابة أكثر من 92 ألف شخص، وفقدان ما لا يقل عن 11 ألفًا آخرين يُفترض أنهم ماتوا ودُفنوا تحت أنقاض مئات الآلاف من المنازل والمباني الأخرى التي تعرضت للقصف، حيث يؤكد مسؤولون فلسطينيون ودوليون إن معظم الشهداء من النساء والأطفال.
تواطأت إدارة بايدن في الإبادة الجماعية بإرسالها أسلحة بقيمة عشرات المليارات من الدولارات إلى “إسرائيل” وتوفير غطاء دبلوماسي، بما في ذلك استخدام حق النقض ضد قرارات وقف إطلاق النار المتعددة للأمم المتحدة، والتي دعمتها الغالبية العظمى من دول العالم.