دراساتصحيفة البعث

أربعائيات.. وهل هناك فرق بين ترامب وهاريس؟

مهدي دخل الله

ما أقصده هو: هل هناك فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة؟.

البحث هنا يركز على مستويين في هذه السياسة: مستوى الهدف الإستراتيجي، ومستوى السياسات. فيما يخصّ الهدف الاستراتيجي، لا فرق بين الحزبين لأنهما يعملان على تعزيز هيمنة الولايات المتحدة على أوسع مساحات ممكنة من خارطة العالم.

أما السياسات فهنا الفرق واضح بشكلٍ يراه كلّ مراقب موضوعي بعيداً عن التقييم المسبق (الستيريوتايب).

يميل الحزب الجمهوري بوجه عام إلى استخدام سياسة التنافس الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي سبيلاً للهيمنة على الدول الأخرى. يسهل هذه العملية أن الولايات المتحدة مسيطرة بشكل مطلق تقريباً على النظام النقدي الدولي وعلى طرق التجارة الدولية، ولها أفضليات جيواستراتيجية بالمقارنة مع القوى الأخرى الكبرى، كروسيا والهند والصين. فمثلاً حضور أمريكا قوي وواضح في الممرات الجيواسترتيجية الأكثر أهمية، مثل باب المندب وقناة السويس ومضيقي البوسفور والدردنيل اللذين يحبسان البحر الأسود، وشمال شرق روسيا، كما أن أمريكا تسيطر على أهم تدفقات الطاقة الاستراتيجية كالنفط والغاز، ناهيك عن استخدام الدولار كعملة أساسية في التجارة العالمية.

والجمهوريون يتبعون سياسة المنافسة، لأن اللوبي الأساسي الداعم لهم هو لوبي المجمع الزراعي والصناعي في كاليفورنيا. مصالح هذا المجمع تتطلّب تجارة أكبر على مستوى العالم لبيع أكبر كمية ممكنة من المنتوجات الزراعية والصناعية الزراعية، دون إغلاق أي أسواق في إطار المقاطعة وغيرها.

بالمقابل، الحزب الديمقراطي يميل إلى إشعال العداوات والحروب. السبب وراء ذلك هو أن اللوبي المؤيد للديمقراطيين هو المجمع الصناعي العسكري في كاليفورنيا، والذي من مصلحته أن يتزايد استهلاك منتجاته من الأسلحة على حساب دافع الضرائب الأمريكي وغيره من شعوب العالم التي تشتري الأسلحة الأمريكية.

السبب الثاني هو أن الديمقراطيين يعملون على التدخل الإيديولوجي في أنظمة الدول الأخرى بذريعة نشر الديمقراطية الأمريكية، وهذا غالباً يثير الفتن والحروب.

استناداً إلى ذلك، يبدو أن الجمهوريين، ومنهم ترامب، أقل سوءاً بالمقارنة مع الديمقراطيين. كما أن شخصية الرئيس الأمريكي يمكن أن تفرض تغييراً ما في الأنموذج المذكور لسياسة كلّ حزب على مستوى العالم. الجمهوريون من أمثال أيزنهاور ونيكسون أطفؤوا حروباً أشعلها الديمقراطيون، مثل الحرب الكورية أشعلها الديمقراطي ترومان وأطفأها أيزنهاور الجمهوري، وحرب فيتنام أشعلها الديمقراطيان كندي وجونسون وأطفأها الجمهوري نيكسون.