ثقافة

نجار وسكيكر.. رومانسية من مختلف الألوان

أطل الفنان سومر نجار بعد غياب ليقدم على خشبة مسرح الأوبرا أمسية رومانسية تألقت بصوته الطربي الشجي المترافق مع ابتسامته التي لا تفارق وجهه، وهو يغني “غزالة غزالة طاب جرحي طاب” من الفلكلور لتكون بداية لأنماط غنائية متنوعة وفق قوالب الغناء الشرقي التي أظهرت تمكنه من العُرب الصوتية، ومقدرته على تلوين حنجرته بين الغناء الطربي والشعبي والعاطفي، واللافت تأثره الكبير بالفنان فريد الأطرش.
تميّزت الأمسية التي هيمنت عليها روح رومانسية مع نغمات الألحان الشرقية الهادئة والراقصة بقيادة المؤلف الموسيقي كمال سكيكر، وحضور آلة الأكورديون كصولو، ومرافقة لحنية في أغلب المقطوعات للعازف وسام الشاعر، بفقرة خاصة للموسيقا الآلية من تأليف سكيكر بعنوان “تحميل نهاوند” التي شكّلت فاصلاً لافتاً في الأمسية وبدأت باللازمة الموسيقية للحن الأساسي والذي وظّف فيه سكيكر كل آلات الفرقة بتوليفة موسيقية، غلب عليها الرتم الموسيقي الهادئ لمقام النهاوند العاطفي والطربي، تخللتها فواصل الصولو ليظهر ارتجالات العازفين ومهارتهم بالارتجال ضمن مساحة الإعداد الموسيقي، فأفرد مساحة لصولو الأكورديون، بعد تكرار اللحن الأساسي صولو الناي للعازف عمار علي، وصولو نغمات العود التي برع بها العازف مالك وهب.

تنغيمات صوتية
وبدا التناغم والانسجام الواضح بين نجار وأعضاء الفرقة والجمهور لرقة الأغنيات التي اختارها والتي ناسبت حنية صوته، لاسيما أغنية عازار حبيب “ع جبين الليل” والتي سُبقت بصولو الأكورديون للحنها العاطفي ليمتد بالمرافقة اللحنية مع الوتريات والإيقاعات المنوعة “الدرامز- الرق- الجمبة”، لينتقل إلى مقطوعة من قالب غنائي مختلف بأغنية “أجل بهواك” لفريد الأطرش التي بدأت بجملة لحنية قصيرة، تنتهي بفاصل إيقاعي صغير لتمضي التوليفة اللحنية التي أدخل فيها فريد الأطرش على إيقاع الفالس بجمالية ساحرة، وبدا من الواضح تأثر نجار بطريقة أداء فريد الأطرش وخاصة في تنغيمات بعض الجمل مثل “عيونك علموني الحبّ”، وقد أعجب الجمهور بأداء نجار هذه الأغنية ووجد مقاربة بينه وبين شجن صوت فريد الأطرش.
عاد بعدها نجار إلى الأجواء الرومانسية وإحياء ذكرى ملحم بركات بالأغنية الشهيرة “حبيتك وبحبك” والتي تميزت بالمقدمة الموسيقية للحن شرقي هادئ ومتعدد النغمات والانتقالات بمرافقة الأكورديون، ومن ثم تمتد مساحة الوتريات مع امتدادات “حبيتك وبحبك”.

بيت جدي والانتماء
وتفاعل الجمهور أكثر في اللون الغنائي الشعبي الذي قدمه نجار بصوت أكثر قوة وارتفاعاً بامتدادات “يا هلا يا هلا” في أغنية “اشتقنا كتير يا حبايب” تأليف زكي ناصيف، وكانت الأقرب إلى الجمهور أغنية شارة مسلسل بيت جدي في جزئه الأول التي كتب كلماتها الشاعر حسين حمزة ولحنها الموسيقي رضوان نصري “يا بيت جدي ضاع المفتاح يابيت جدي ماتت الأفراح” والتي تعكس واقع حياتنا في ظل الأزمة التي تزامنت مع ظاهرة الهجرة والاغتراب، وترجمت مفرداتها معاني الانتماء والتشبث بجذورنا رغم كل الأوضاع القاسية والبقاء بالوطن، وتميّزت بجمالية القفلة “بسكرنا بواب المحبة”، ورغم كل الألوان الغنائية الجميلة التي قدمها نجار في الأمسية إلا أن الحضور  أنصتوا بإدهاش إلى جمالية صوته والعرب الطربية التي تميّزه بأغنيات الزمن الجميل كما في “نويت أسيبك” لكميل شمبير وقد سبقت بلحن حزين بصولو التشيللو للعازف عماد مرسي، مع مرافقة الكونترباص للعازف وسيم قاسم.
ملده شويكاني