ثقافة

مهرجان الشيخ صالح العلي  محطة للتأكيد على الإرادة الوطنية

احتضنت مدينة الشيخ بدر في محافظة طرطوس، وعلى مدى ثلاثة أيام، فعاليات مهرجان الشيخ صالح العلي العشرين، والتي تضمنت زيارة ضريح المجاهد الشيخ صالح العلي، وافتتاحاً لمعرض المهن التراثية والتقليدية لاتحاد الحرفيين في طرطوس، ومعرضاً للفن التشكيلي لفرع اتحاد الفنانين التشكيليين، بالإضافة إلى معرض توثيقي للصحفي رياض نعيم تحت عنوان “الشيخ صالح العلي ثائراً وشاعراً”، ومهرجان شعري بمشاركة عدد من الشعراء من سورية ولبنان، وعرض مسرحي لفرقة رواد الأصالة للمسرح والموسيقا بعنوان “البركان”، والعديد من الفعاليات والأنشطة، بحضور الرفيق مهنا مهنا أمين فرع طرطوس للحزب، وصفوان أبو سعدى محافظ طرطوس، وعدد من رجال الدين والسياسة من سورية ولبنان.

وبيّن الرفيق مهنا أن أسطورة انتصار السوريين على محاولات التفرقة والاحتلال للنيل من ثوابتنا الوطنية بطرد المستعمر الفرنسي، تتكرر اليوم، حيث يحقق الجيش العربي السوري انتصاراته على أدوات الاستعمار الإرهابية.

وأشار  محافظ طرطوس إلى أن المهرجان يأتي في ذكرى جلاء المستعمر عن وطننا، ونحن اليوم في عرين المقاومة والنضال للاحتفال بهذه الذكرى، مشبهاً الأمس باليوم، وما قدّمه الآباء والأجداد من دماء للحفاظ على استقلال وكرامة سورية، يقوم اليوم الأبناء بنفس المقام، ويقدمون أغلى ما عندهم ليحققوا الانتصار ودمهم لن يذهب هدراً سيزهر نيسان آخر.

وككل عام شارك الإعلامي جمال الجيش أهالي المدينة احتفالهم بذكرى الجلاء، معتبراً أن هذه الوقفة الوطنية النبيلة مستمرة على الرغم من حجم التحديات الجسيمة، ومؤكدة على قوة وإرادة هذا الوطن في المواجهة والانتصار، وأنه كلما اشتدت الأهوال، وعظمت التحديات، كانت إرادتنا الوطنية أقوى، وعزيمتنا أشد، وأرسخ، وأن الوطن سينتصر بدماء الشهداء التي روت ترابه.

كما استضاف المهرجان عضو المكتب السياسي في تيار المردة فيرا يمين في لقاء سياسي تحدثت خلاله عن العمق التاريخي للعلاقات بين لبنان وسورية والمصالح المشتركة بين البلدين، ولفتت إلى أن وقوفنا ضد الهجمة الشرسة ودحرها يدل على قوة سورية وصمودها، مؤكدة أننا ماضون باتجاه النصر الأكيد.

وأكد كمال بدران مدير الثقافة في طرطوس أن المهرجان يأتي لإبراز معاني الجلاء العظيمة التي قدمها لنا أجدادنا المجاهدون، ونحن مستمرون في الدفاع عن عزة الوطن وترابه ونخوض أعتى الحروب في وجه برابرة العصر.

واعتبر سليمان أحمد رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في طرطوس أن المعرض إضافة حقيقية لرصيد كل فنان في هذه المحافظة، ولفت إلى أن الفن كان حاضراً بكل المناسبات، وجسد مراحل الأزمة التي تمر بها البلاد محاولاً نقل الواقع وتطويره ونقل رسالة محبة وسلام، وتأتي المشاركة في المهرجان وجدانية ورمزية من الفنانين للتأكيد على وطنية الفنان التشكيلي، وأشار إلى أنه شارك في المهرجان /37/ فناناً تشكيلياً و/5/نحاتين وعدد من المصورين الزيتيين ورسام الكاريكاتير أحمد علي. ومن الفنانين المشاركين في المعرض الفنان علي بهاء معلا الذي يشارك سنوياً في المهرجان لإحياء ذكرى الاستقلال ورمزه وشارك بتمثالين (خشب زيتون يمثل سورية الأم وأطفالها الملتفين حولها، ماكيت لتمثال أم الشهداء) وشاركت الفنانة تغريد بلال بعملين (لوحة الضغط على النحاس ومنحوتة تدمر بوابة الشمس) واعتبرت مشاركتها في مهرجان يحيي ذكرى المجاهدين العظماء، مفخرة لها وللفن الذي تسعى من خلاله إلى تجسيد قيم الحضارة والإنسانية، وشارك الفنان محمد البونياحي بعمل /ولادة حواء/ وهو نموذج جديد للولادة، يبين أن حواء قادرة على الولادة وإعطاء جيل جديد.

وجاءت مشاركة الصحفي رياض نعيم هذا العام بمعرضه التوثيقي للمرة الرابعة بمجموعة من الوثائق والصور والصحف التي تتعلق بثورة المجاهد تحت عنوان “الشيخ صالح العلي شاعراً وثائراً” واعتبرها واجباً وطنياً مقدساً، وفخراً يؤكد على انتماء وطني وعربي أصيل، وتأتي أهمية المعرض من كونه يربط الماضي بالحاضر بالمستقبل.

في حين بيّن محي الدين محمد رئيس فرع اتحاد الكتّاب العرب أن الشعراء الذين شاركوا في المهرجان الشعري يمتلكون أدوات اللغة التي تحمل هماً وطنياً وإنسانياً في ظل الأزمة المركبة التي نعيشها في بلدنا منذ سنوات طويلة، معتبراً أن المهرجان يكرّس قيماً نضالية لسنوات مضت حصلنا عبرها على استقلال سورية، وانتصرنا، ونحن الآن ننعم بهذا الاستقلال، مؤكداً أن الشعر كان ولايزال محرضاً إذا امتلك الشاعر لغة التحريض، والشعر إذا لم يحرض المتلقين لا قيمة له، ويدفع بالمتلقي لكي يقف إلى جانب لغة الشاعر التي هي معيار أساسي في عملية البناء المستقبلي لسورية.

وكان قد شارك في المهرجان الشعري عدد من الشعراء، منهم الشاعر محمود حبيب الذي شارك للمرة العشرين في المهرجان دون انقطاع  بقصيدة: “ألم تتعب”، لافتاً إلى أن المهرجان أصبح تقليداً وطنياً لإحياء ذكرى العظماء، وشارك د. محمد معلا حسن بقصيدة: “من وحي المأساة”، تتطرق إلى ما تعرّض له البلد خلال هذه المدة الطويلة، ورأى أن هذا الزمن ليس زمن الشعراء، لأن الشعر يحتاج مقومات نجاحه، وخاصة بعد ظهور ما يسمى بقصيدة النثر، كما شارك الشاعر محمد جابر باقر من لبنان بقصيدة: “نايات الأرض”، وتتحدث عن الأرض والأم والطبيعة، وأكد على عمق العلاقات بين سورية ولبنان، وأن واجب كل شاعر أن يعبّر بفنه عن عظيم شكره لهؤلاء الأبطال.

واستحضرت المسرحية الاستعراضية “البركان” التي عرضت خلال المهرجان، من تأليف وإخراج طلال الحلبي، وموسيقا وألحان غياث كابر،  بطولات الشعب العربي السوري ضد الاستعمار الفرنسي، والبطولات التي قام بها المجاهدون: الشيخ صالح العلي، وإبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش، بطريقة استعراضية لتذكير الأجيال بها، وأن بطولات اليوم هي امتداد لبطولات الأجداد، كما أحيا الفنان إيهاب فهد بلان حفلاً فنياً في اليوم الثاني لانطلاق فعاليات المهرجان.

طرطوس – رشا سليمان