ثقافة

“تناقض”في لوحة نهى جبارة

أكسم طلاع
“تناقض” هو عنوان المعرض المشترك للفنانين عبد الله عبد السلام ونهى جبارة الذي افتتح مؤخراً في صالة السيد للفنون الجميلة، هذه الصالة التي تحاول إدارتها استعادة حضورها البهي والمشهود له في الحركة التشكيلية السورية في العقود الماضية، بدأت بسلسلة معارض لفنانين سوريين أقاموا ملتقى مصغراً ومعرضاً في نهايته منذ ثلاث سنوات، وتبعه معارض متفرقة خفيضة الصوت والحضور لعدد من التجارب الجديدة التي لم تثبت حضورها الجاد تشكيليا ولا تتعدى صفة الهواة، مما أثر على حيوية عروض الصالة، إضافة إلى الانقطاعات والعروض المتباعدة، لكن يبدو أن الأمر أضحى جديا من خلال بداية تجمع تجربتين مختلفتين ومتباعدتين في الطرح والرؤية، هذا ما نلمسه من خلال المعرض الجديد المعنون بـ”تناقض” وحسبي أن التناقض ليس متوفرا بقدر تكامل التجربتين وموقع كل منهما وكفاءة التعبير القريبة بينهما وغياب الفوارق البعيدة على المستوى التشكيلي، فالفنانة نهى جبارة تخطو اليوم إلى معرضها المشترك الجديد بعد عدة مشاركات جماعية بموضوعها الأثير “البورتريه” الذي يلخص معاناة النفس الإنسانية في الأزمات والحروب وفي مواجهة  القضايا اليومية والصراع بين الخير والشر، فكانت اللوحة المعبأة بزخم التعبير والقلق والوحشة، شخصيات بعجينة لونية سميكة متراكمة في الحركة على سطح واحد لا مساحة للفراغ أو الراحة فيه، مكتظ وتضيق به اللوحة إلى انعدام التكوين وجعله حيزا مستباحا لصالح قوة الحضور والفزع والقلق الدفين المرسوم على هذه الملامح المنهوبة، كما تميل الدرجات اللونية في أغلبها إلى القيم الرمادية وتدرجات الأزرق الكحلي والأسود، ما يجعل الأمر معقدا وثقيلا، وإن كانت كل الحواس التي تمتلكها السيدة لها ما يمنحها من العذوبة ما يكفي أن ترسم أبعد من ألم وأثقل من حصار لا مفر منه، يضيق ويضيق ولا مخرج منه إلا التعبير بصوت أعلى، وإن كانت أدوات الفن الناعمة من خط ولون هي أكثر كفاءة لأنها روح الفنان الصادقة. الفنانة جبارة ترسم بصدق وهذا ما يمنح لوحتها الوجدان الذي يجب أن يتوفر في أي عمل فني يقدم القيمة، ويعبر عن لغة صاحبه الأصيلة وعن دهشة الخلق التي يعيش لأجلها، ولأجل فضيلة ما يؤمن به كفنان يحرس هذا العالم من كوارث القبح بسلاح الجمال.