ثقافة

“البارود” وصمة عار في التاريخ

قد نتساءل لماذا حُوّلَت مؤامرة البارود “the Gunpowder”- المحاولة الفاشلة من قبل كاثوليكي إنكليزي متمرد لتفجير البرلمان عام 1605- بعد أكثر من 500 سنة إلى مسلسل قصير من ثلاث حلقات؟

من المحتمل أن تكون الإجابة، أن مواضيع الإرهاب الذي يحرّض عليه دينياً، والانتهازية السياسية والتعذيب الذي ترعاه الدولة في “Gunpowder/البارود” والذي عرضته شبكة “HBO” الأمريكية، له صدى وإسقاطات مذهلة في وقتنا هذا. أو أن الجواب الأكثر ترجيحاً، جون سنو أراد ذلك.

وللمفارقة أن الممثل البريطاني “كيت هارينغتون” والمعروف بدور جون سنو في السلسلة الملحمية لشبكة “HBO” ” Game of Thrones/ صراع العروش”، هو سليل روبرت كاتِسبي زعيم مؤامرة البارود من جهة والدته (اسمه الحقيقي كريستوفر كاتِسبي هارينغتون). وهو أيضاً المبتكر والمنتج التنفيذي المساعد للمسلسل ويقوم بدور جدّه في المسلسل (وكان قد صرح أن صلة القرابة هذه ستلعب الدور الأهم في الترويج للمسلسل إضافة لنجاحه الشخصي بدور جون سنو).

فعندما تكون القلب النابض لسلسة تلفزيونية تحصد أكثر من 30 مليون مشاهدة في أسبوع، إضافة لجائزة إيمي لأفضل دراما تلفزيونية، تستطيع تحويل تاريخ عائلتك إلى مشروع خاص بك. مشروع قاتم قليلاً مع الكثير من الوحل/ وبقايا من العهد الجاكوبي- عرفت هذه الفترة بالازدهار الفني والأدبي- وقليل من ضوء الشمس حرفياً أو مجازياً.

تركز الحلقات الثلاث للمسلسل، التي كتبها “رونان بينيت” وأخرجها “جي بليكسون” وبشكل دقيق عن الفترة الزمنية قبل وبعد المؤامرة، التي انتهت عندما اكتُشف المتآمر وهو ينظر إلى 36 برميلاً من البارود.

يروي المسلسل الأحداث الدموية التي استهدفت الملك البروتستانتي، جيمس الأول، الذي كان يتفاوض على إنهاء الحرب مع إسبانيا في الوقت الذي كان يضطهد فيه بشكل وحشي، الكاثوليك إبان الحرب الأهلية في بريطانيا.

ورسمت هذه الخلفية خلال محادثة متوترة بين جيمس (قام بدوره ديريك ريدل) ومستشاره روبرت سيسيل (قام بدوره مارك غاتِس)، إضافة إلى إبراز الاجتماعات السرية للمتآمرين الكاثوليك بقيادة كاتِسبي.

لم يهتم المسلسل بتفاصيل التاريخ، باستثناء أجواء الخوف والهلع التي كانت سائدة بين رجال الدين وأولئك الذين يؤوونهم. فيُفتتح المسلسل بمشهد تفتيش وبحث في منزل سيدة كاثوليكية نبيلة لتنتقل الصورة وبشكل مدهش لمشهد تعذيب امرأة عارية وتهشيمها بإلقاء صخرة عليها.

وسببت مشاهد التعذيب- كقطع الأطراف والإغراق الوهمي بالماء- بحالات اشمئزاز وقيء في بريطانيا عند عرض ” Gunpowder/البارود” في تشرين الأول من العام الحالي من قبل شبكة الـ”BBC” البريطانية. هي مشاهد صعبة، ولكن المشكلة الحقيقية أنه لا يوجد الكثير ليسترعي الاهتمام خلاف ذلك.

وقد اضطرت الشبكة للدفاع عنه، وقالت على لسان الناطق الرسمي لها، “عرض المسلسل بعد الـ9:30 مع تحذير صريح بوجود مشاهد قاسية.. ووسائل التعذيب والإعدام التي ظهرت، حقيقة تاريخية”.

تميز المسلسل بسخاء الإنتاج، وألبس المخرج أحداثه ثوباً أنيقاً على غرار ما فعله في فيلمه عام 2009 ” The Disappearance of Alice Creed /اختفاء أليس كريد” على عكس سيناريو بينيت، الذي يحدد أهداف القصة دون مراعاة للأشخاص المنخرطين فيها.

أما بالنسبة لأداء هارينغتون، فلم يختلف كما هو متوقع من حيث المظهر، بشعره الجميل وعيونه الحنونة، وهو ما ساعده بإلقاء خطاباته بدوريه في المسلسلين.

سامر الخيّر