اقتصادتتمات الاولى

منذ إحداثها قبل عشرات السنين.. حظائر تستوعب 160 رأساً وعدد القطيع أكثر من 260 لينام الباقي في العراء

ماذا تفعل إدارة مركز البحوث العلمية الزراعية وتربية الجاموس البحثية في منطقة الغاب إذا كانت استطاعة حظائرها لا تستوعب أكثر من 160 رأساً في الوقت الذي أرسلت إليها وزارة الزراعة والإدارة العامة للبحوث العلمية الزراعية بأكثر من 89 رأساً من الأبقار الشامية هرباً من المناطق الساخنة، فضلاً عن وجود 42 رأساً من الأبقار العكشية؟.
وهذا يعني شيئاً واحداً هو استضافة باقي القطيع في العراء والحظائر المكشوفة والبالغ عدده حوالي100 رأس، وهذا ممكن صيفاً لكن كيف ستتصرف بحوث الغاب بأمرها، وأين ستضع هذا العدد شتاءً؟.
محطة بحثية علمية
إذا كان الهدف من إنشاء محطة تربية الجاموس في النصف الثاني من التسعينيات هو الحفاظ على سلالة الجاموس وحمايته من الانقراض، فقد حققت المحطة البحثية ذلك على أقل تقدير ضمن حظائرها، لأنها غير قادرة على فرض ذلك على المربين ما لم يكن هناك قناعة بذلك، ولاسيما أن الجاموس مردوديته الإنتاجية قليلة جداً لجهة إنتاج الحليب واللحوم، حيث لا يتعدى إنتاج الرأس الواحد في الأربع والعشرين ساعة عن الـ 10 كيلو وفي أحسن الأحوال 12 كيلو كما يؤكد المربون.
لكن قد يكون سعر كيلو الحليب منه يفوق مثيله من حليب الأبقار الأخرى، حيث يباع الكيلوالواحدبـ 100 ليرة باعتبار أن سعر كيلو الحليب من باقي القطعان يباع في منطقة الغاب بـ 55 ليرة لكن هذا ليس مقياساً في كل المناطق ولا ينسحب على كل المحافظات فالمسألة عرض وطلب هناك.
أما ما يتعلق باللحوم فالجاموس جلد وعظم كما يقال، بالإضافة إلى أنه يفضل المستنقعات المائية وأقنية الري، حيث يمضي جل وقته في هذه الأماكن عدا ساعات الرعي والمبيت، وهذا لم يعد متاحاً هذه الأيام في منطقة الغاب نظراً لغياب المياه، فهذه الأقنية وجفاف العديد من المستنقعات عدا بحيرة ناعور شطحة التي يتواجد فيها الجاموس الآن.
وهنا لابد من طرح السؤال التالي: ما هو الجديد الذي تقدمه المحطة إذاً الآن وما هو الدور الذي تقوم به باستثناء الاهتمام بـ 128 رأساً، لديها منه 11 رأساً حلوباً فقط يباع إنتاجه للتجار عن طريق الإعلان كل ثلاثة أشهر في حين تقول مصادر المحطة: إنه تم إحداث شبكة لمربي الجاموس وأن الزيارات متواصلة بين البحث العلمي وبين هؤلاء المربون لكن ينقصهم الدعم المادي والتحفيزي.
همّ على همّ
خير ما فعلت وزارة الزراعة عندما أقدمت على نقل الأبقار الشامية من العديد من المناطق الساخنة إلى بحوث الغاب الزراعية، لكن قرارها هذا لم يكن مدروساً بل جاء ليشكل هماً على هم بالنسبة للعاملين في محطة تربية الجاموس كون حظائرها لا تستوعب هذا الكم، فضلاً على أن القطيع الذي تم نقله كان بوضع سيئ جداً أشبه بالقفص الصدري المشفى وبعبارة أوضح جلد وعظم، ما جعل إدارة بحوث الغاب تركز على عودة الصحة والعافية لهذه الأبقار إلى أن بدأت بالتوالد الآن.
لكن ما لم يكن بالحسبان هو عدم مقدرة حظائر محطة تربية الجاموس على استيعاب هذه الأبقار، ولاسيما أننا على أبواب موسم الشتاء ما قد يربك إدارة البحوث هناك لجهة تأمينها في حظائر آمنه تقيها برودة فصل الشتاء رغم تأكيدات بحوث الغاب لوزارة الزراعة بعدم مقدرتها على استضافة القطيع المنقول في حظائرها لضيقها لكن لا حياة لمن تنادي، كما أكد مصدر معني هناك فضل عدم ذكر اسمه.
ومن المعروف أن الوقوف الطويل للأبقار يسبب لها أمراض المفاصل في حال تم ” دك كل القطيع ” بالحظيرتين الموجودتين فقط، فضلاً عن احتمال غمرها بمياه الأمطار شتاء، حيث لم تمتد يد الصيانة على هذه الحظائر منذ سنوات وهذه مسؤولية الإدارات السابقة في كل من بحوث الغاب والهيئة العامة للبحوث الزراعية بدمشق.
حلول متأخرة
مصدر مطلع وموثوق في بحوث الغاب قال لـ”البعث”: إن المدير العام للبحوث العلمية الزراعية قد زار المحطة قبل عدة أسابيع ووعد بالموافقة على إنشاء حظيرة إضافية من شأنها أن تستوعب كافة الأبقار المنقولة من المحافظات إلينا، فضلاً عن الموافقة على منح المركز 200 ألف ليرة لتأهيل وصيانة الأبواب وغيرها من الأمور الأخرى.
لكن ما لم يقله هذا المدير هو، هل يعقل أن يتم بناء حظيرة طويلة عريضة في كبسة زر ناسياً أن الموضوع يحتاج إلى موافقة وزارة الزراعة وبعد الموافقة وحجز الاعتمادات يحتاج إلى إعلان مناقصة لتشييد بناء الحظيرة، وهذا من شأنه أن يأخذ وقتاً طويلاً وفي حال فشل الإعلان يعاد للمرة الثانية ومن ثم إلى إجراء عقد بالتراضي، وحتى ذلك الحين يكون فصل الشتاء قد انفض وما لحق بالقطيع قد لحق وانتهى الأمر.
إذاً أين كانت إدارة البحوث العلمية الزراعية المركزية بدمشق وبحوث الغاب طيلة السنوات الماضية، وماذا كان يشغلها؟.
والخلاصة.. الحفاظ على سلالة الجاموس وحمايته من الانقراض أمر مهم جداً لكن هذا يحتاج إلى توافر المقومات اللازمة وبالكلام وحده لا يحيا الجاموس والأبقار الشامية، وكأن المطلوب من المربين أن يعكفوا على الأمنيات والدعاء حتى يزداد إنتاجهم وينعم قطيعهم بالخير أياً كانت خدماته ونوعيتها، بل لماذا لا يتم إحداث محطة بحثية لتربية الأبقار الشامية في منطقة الغاب ولاسيما أنها مرغوبة وإنتاجيتها عالية؟.
ونأمل من وزارة الزراعة أن تضمن بيان الحكومة الجديدة التأكيد على دور القطاع الزراعي والحيواني والنهوض به بشكل متواز مع مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار مع التأكيد على مساءلة المقصرين دائماً.
بقي أن نشير إلى أننا حاولنا جاهدين زيارة محطتي الجاموس البحثية والزراعية لمعرفة المزيد من التفاصيل، فطلب مدير البحوث التريّث لحين الحصول على موافقة إداراته بدمشق فانتظرنا استجابة لطلبه ثلاثة أيام دون جدوى إلى أن أتى الخبر بالاعتذار على أن يحدد في وقت لاحق.
حماة – محمد فرحة