"خوسان" جديد الإرهاب الأمريكي
لا يبدو أن حدود الطموح الأمريكي الجامح في المنطقة ستقف عند سلسلة الذرائع المشتقة من “سيناريو داعش وأخواته”، بل ثمة متعلقات أخرى من الصعب استقراؤها في معمعة لعبة خلط الأوراق الراهنة وذرّ الرماد في الآفاق.
ولعل ما يشبه “البشرى” التي أطلقها جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية حول ظهور عناصر من تنظيم القاعدة في سورية تحت اسم” خوسان”، دلالة بل ربما قرينة إدانة جديدة للأميركي في مجمل حكاية الإرهاب عبر الرحلة الممتدة من بدايات “القاعدة” وحتى هذا اليوم، بكل ما يحمله من مفاجآت قد نجهلها، وستظهر في القادمات من الأيام.
المخابرات الأميركية تصف عناصر” خوسان” بأنهم يشكلون خطورة على الولايات المتحدة الأميركية، لا تقل عن خطورة تنظيم “داعش” الإرهابي، تاركةً المجال مفتوحاً لآلاف التساؤلات التهكمية المفترضة بإلحاح حول أي خطر يشكله داعش على أمريكا، وأي كذبة كبرى هذه التي أطلقتها واشنطن وتطلب من العالم تصديقها، ليصدق أن التنظيم الذي بشّرت بولادته سيشكل خطراً عليها!؟.
فالمجتمع الدولي وشعوب المنطقة باتوا عرضة لرض نفسي ومعنوي عميق من مجرد تداول مصطلح داعش، ولا بد من بديل، وها هو “خوسان” المنتج الأمريكي الجديد، الذي يجري الإعداد لوضعه في” الاستثمار والخدمة” قريباً، ولمن يشكك أو يرتاب هاهي استخبارات واشنطن أول المتوجّسين، وتسبق الجميع في إعلان التحذيرات!.
وقد جرت العادة أن يكون الفاعل المغفل أول من يشير الى حدوث الارتكاب أو الجريمة قبل أن تُكتشف.
لقد حوّلت الإدارة الأمريكية المنطقة إلى رقعة شطرنج، هي اللاعب الأوحد الذي يدير دفتي اللعبة عليها، أو هكذا تحاول، وقد نجحت إلى حدود كبيرة في تحويل أنظمة عربية وجماعات بل ومجتمعات إلى بيادق وأدوات تتحرّك مباشرة بأصابع لاعبين من فئة “الكاوبوي” على درجة عالية من الخبرة في توجيه مسارات قطعان الأبقار.. ولا نعتقد أن الأنظمة التي تُدار بذهنيات المشايخ و”طوال العمر”، ولا قطعان الإرهابيين المتدفقين باتجاه الداخل السوري، تتطلب في إدارتها أكثر من الخبرات والمهارات التي يجيدها راعي البقر، أباً عن جد.
فأي “مرونة” في التغيُّر والتلوُّن هذه التي يملكها عرب الثروات والدولار وفق الهوى الأمريكي، وأي زكام يصابون به قبل أن يعطس ساكنو البيت الأبيض؟!.
من تفريخ القاعدة والمجاهرة بتدجينها ودعمها، إلى التظاهر بمحاربتها، ثمّ الصراخ خوفاً من خطرها، والحال ذاته فيما يخص “الإخوان المسلمين”ـ طردهم من السعودية ثمّ قطر ومنع القرضاوي من اعتلاء المنابر بعد طول سعار وتسعيرـ و”داعش”، ولعل السيناريو ذاته سينسحب بشأن “خوسان” الذي تتوعّدنا به أمريكا.
أغلب الظن أن عناصر” خوسان” ليسوا إلّا أولئك الذين يجري تدريبهم الآن بين “مضارب” آل سعود في حفر الباطن وسواها من المناطق التي تحتضن معسكرات التدريب، ما أُعلن منها وما استتر، تحت عنوان الإعداد لضرب “داعش”، وهذا ما سيستنتجه العالم بعد بضعة أشهر، هي ذاتها الأشهر التي تحدّث عنها الأمريكي كمدة زمنية مطلوبة لانتهاء عمليات تدريب من “سيقاتلون داعش” وقدّرها بين 8 إلى12 شهراً، وقد لن تتأخر طلائع المقدمات البشرية للتنظيم الجديد بالظهور أي قبل هذه المدة.
ومازال هنا في المضمار العربي من يعوّل على إخلاص أمريكا و”إسرائيل”، وحرصهما على رعاية مصالح وحقوق الشعوب في “مسيرتها الصاخبة نحو رحاب الديمقراطية”، فليستعد هؤلاء لتلقي ديمقراطية “خوسان”، كما نالوا ديمقراطية “داعش”، وبعدها السلسلة طويلة من هكذا منتجات، مادامت الأسماء المتاحة كثيرة والتنظيمات والتكتيكات لا تتغيّر!.
نـــاظــــم عــيــد