محليات

(137) على منصة المحكمة العمالية

تخيّلوا أن يعمل كل مسؤول بمقولة “أنا ومن بعدي الطوفان”.. وتخيّلوا أن يتنازل الآخر عن أحلامكم، وأن ينهي باجتهادات شخصية وبما منحه إياه موقعه من صلاحيات وبجرة قلم فقط أي أمل لكم في البقاء، تحت مظلة العمل الوظيفي ولأسباب مجهولة أو ملفقة ودون وجود أي دليل على التهمة التي يقتضي الحكم فيها بالفصل من العمل.
هذا باختصار ملخص السؤال الذي نريد إيصاله إلى الجهات المختصة حول دور المحاكم العمالية في ملف قرارات فصل العاملين من الخدمة تحت سلطة المادة 137 والتي تصدر من قبل رئيس مجلس الوزراء بعد رفعها من مفاصل العمل المختلفة، ومرورها بصلاحيات اللجنة المسؤولة عنها وعن مدى فاعلية إجراءات الاعتراض التي يحقّ للعاملين تقديمها إلى الجهات المسؤولة والتي تذهب حسب ما تؤكده الكثير من الوقائع “أدراج الرياح”!!.
وطبعاً في مقابل الاتفاق على ضرورة تفعيل آليات المحاسبة والمساءلة، وفرض حضور الأنظمة والقوانين في الحياة الوظيفية، واتخاذ كافة التدابير والإجراءات الوقائية التي من شأنها تجفيف منابع الفساد الذي يزداد حضوره في كافة المناحي والمستويات.. هناك إجماع أيضاً على تتويج الأحكام المتعلقة بقضايا الفساد بالعدالة التي تحمي وتحصّن المواطنة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وعدم تعميم مفهوم المحاسبة العشوائية دون أية ضوابط قانونية ودلائل تثبت المخالفات وحالات الخلل المرتكبة من قبل الأشخاص وبشكل يضمن بقاء الأبرياء خارج قفص المسّ بالنزاهة، فأهمية العدالة تأتي من تلك الأصوات الباحثة عن العدالة والهاربة من سياط المجتمع وأحكامه القاسية التي لا تميّز بين مظلوم وظالم حين تنتهك حرمة البراءة على صفحات الجرائد وضمن قرارات تحمل البصمات الرسمية التي لا تقبل الطعن أو النقض، وبعيداً عن لغة التشكيك أو النيل من قوة أي قرار صادر بحق المخالفين، وقبل منح البراءة المجانية لابد من التأكيد على أن التدقيق وإعادة النظر في معطيات مثل هذه القرارات والبحث في أسبابها لا يعني أبداً التقليل من أهمية ومصداقية الجهات المعنية، كما أنه لا يدخل من باب التقزيم للإجراءات التي تتمّ على صعيد المساءلة والمحاسبة، بل يضيف لبنة أساسية في جسر الثقة بين المواطن والجهات الرقابية والقضائية المعنية، ويشعل في الوقت ذاته فتيل الحقيقة الذي يمثّل الخطوة الأولى في مشوار العدالة الذي يصطدم بصيغة القطعية التي تتضمنها بعض القرارات، فتكثر الأصوات المكتومة وتضيع الحقوق.
ومن باب الشفافية والمصداقية وليس من باب التشكيك، نحاول فكفكة اللغز المكتنز بالظلم، وبكل صراحة لا نخفي وقوفنا إلى جانب كل مظلوم من هؤلاء الذين ينتظرون قرارات مجلس الوزراء الحاملة لبراءتهم التي تم إعدامها على مقصلة المادة 137. فهل يطول انتظارهم على منصة العدالة أم سيأتي الحسم القضائي قريباً جداً، وهل الحديث عن تفعيل دور المحاكم العمالية حقيقي أم أن هناك شيئاً وراء الأكمة؟!.
بشير فرزان