اقتصاد

العامل النفسي الناتج عن تذبذب سعر الصرف يفرض دولاراً فوق حاجز 207 ليرات

تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار بمقدار ثلاث ليرات من 204 إلى 207 ليرات للدولار خلال عشرة أيام، وذلك بعكس توقعات المراقبين التي أشارت بداية شهر كانون الأول الجاري إلى مزيد من الانخفاض والاستقرار في سعره بالتزامن مع تواصل عمليات التدخل التي تجرى من المركزي عبر المصارف وشركات الصرافة، وبعد ترؤس رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي اجتماعاً نوعياً مطلع الشهر الجاري لمجلس النقد والتسليف للاطلاع على آخر الإجراءات والقرارات التي اتخذها على صعيد تعزيز قدرة الليرة واستقرارها وتنمية الاقتصاد الوطني بما ينعكس إيجاباً على حياة المواطن وأسعار السلع في السوق.
إلا أن محللين ماليين رأوا تراخي الدور الرقابي الذي يفترض أن يلعبه “المركزي” في السوق على شركات الصراف التي كانت السبب الرئيسي في زيادة حدّة المضاربات في السوقين النظامي وغير النظامي على حدّ سواء، وبالتالي تكثيف التلاعب بالعملات لدرجة نجح فيها تجار “الفوركس” في المحافظة على سعر فوق 200 ليرة للأسبوع الثالث على التوالي.

أخبار مبهمة
من المؤكد أن هنالك عوامل أخرى لهذا الهبوط ولكن لا ننظر إلى الأسباب لأنها ستكون دائماً مبهمة وخفية، بل ننظر إلى المؤشرات، فهي التي تعطي الإجابة القريبة للواقع، ففي مؤشر اليورو/دولار كل الأخبار كانت تشير إلى تراجع في قيمة الدولار والنصيحة كانت بشرائه وها هو الآن يحقق الأرباح لمن اشتراه مقابل الليرة السورية.
وبالمقابل، وفي ظل تذبذب سعر صرف الليرة لا أحد يملك كل الإحصائيات والرسوم التي تمتلكها الأزواج الأخرى (دولار/يورو، جنيه استرليني/ين، يورو/ين..الخ) من أجل توقع سعر تستقر عنده الليرة، ولا خيار أمامنا سوى السير على مبدأ “سوق الشائعات” الذي يعتمد إلى مستوى تدخل “المركزي” أو ما يطلق عليه علمياً “الدعم” وعلى الحدّين الأدنى والأعلى اللذين تراوح عندهما سعر الصرف خلال عشرة أيام، حيث نجد أن السعر قد يستمر متراوحاً بين 205 و208 ليرة لفترة قصيرة نسبياً من الزمن، ومن ثم يبدأ بالتراجع إلى ما دون 200 ليرة.
تراجع العملة الوطنية من 185 ليرة إلى 210 ليرات للدولار خلال شهرين، وماذا حدث ولماذا وإلى أين تتجه؟ هي التساؤلات الأكثر تداولاً بين الأوساط الشعبية والاقتصادية، لنبدأ بالوقائع، فما الذي يعنيه انخفاض قيمة الليرة بحوالي 25 ليرة مقابل الدولار في شهرين، وهل هذا أمر طبيعي؟ للإجابة عن هذا السؤال تحديداً لا بد من تعريف “الطبيعي” ضمن الظروف التي يمر بها الاقتصاد السوري اليوم.
أمر طبيعي
فإذا أخذنا بعين الاعتبار عامل العرض والطلب فقط على العملات الأجنبية، فمن الطبيعي رؤية انخفاض في قيمة الليرة السورية، وإذا أضفنا إلى ذلك العامل النفسي (الناتج عن تذبذب سعر صرف الليرة بشكل كبير) نجد أن نسبة انخفاض الليرة ما زالت طبيعية… ثم إذا أضفنا فوق كل ذلك الكتلة النقدية الكبيرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الوطني بالليرة السورية عن طريق العملة الوطنية ذاتها بدل الاعتماد على استخدام الاحتياطي الأجنبي بهدف عدم استنزافها، إذاً فالعرض والطلب إضافة إلى العامل النفسي، كل ذلك يجعل من الطبيعي جداً حصول انخفاض في قيمة الليرة السورية، وهنا يبرز السؤال، ما هو التراجع الطبيعي في قيمة الليرة؟ وحسب البيانات والمؤشرات يفترض أن يتراجع سعر صرف الليرة بمقدار 8 ليرات أي أن يتراوح بين 187 و195 ليرة.
دون أن نغفل الهجمة الشرسة المتصاعدة التي تتعرض لها الليرة السورية من خلال المضاربات في سعر صرف الليرة، وتدخل أسواق عالمية، إضافة إلى الحرب الإعلامية بهدف زعزعة استقرار سعر الصرف، التي تتطلب من السلطات المالية والنقدية اتخاذ حزمة جديدة من الإجراءات، ورؤى تحصّن صمود الليرة السورية، وهذا بدوره يفرض على مجلس النقد والتسليف العمل بروح الفريق الواحد من أجل التوصل إلى نتائج وإجراءات يشعر بها المواطن.

إحباط محاولات
وخلال ترؤس رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي اجتماعاً مع مجلس النقد والتسليف مطلع الشهر الحالي، أشار إلى أنه مهما حاول أعداء الوطن زعزعة الاقتصاد الوطني، فإنهم واهمون وسيفشلون ولدينا كل الخطط والبرامج التي تحبط جميع المحاولات والمراهنات على سعر صرف الليرة، مؤكداً أن الليرة السورية صامدة وستبقى عنواناً للاقتصاد السوري الذي استطاع الصمود على مدى أربعة أعوام ولديه كل مقوّمات الصمود المستقبلي بالتوازي مع الانتصارات الكبرى التي حققها جيشنا الباسل على جميع الأراضي السورية وتوفيره المناخ المناسب تدريجياً للقيام بالنشاطات الاقتصادية التي تعود بالمنفعة على شعبنا الصامد والمقاوم.
وتناول الاجتماع واقع سعر صرف الليرة السورية والرؤى والمقترحات الجديدة التي تعزز قدرات الليرة السورية وأهمية اتخاذ سياسات مالية ونقدية جديدة تعزز صمود الليرة، وكذلك الحلول والرؤى والآليات الجديدة لمراقبة سعر الصرف والمتعاملين فيه وآليات تمويل المستوردات والاستمرار بدعمها، وقد تم اتخاذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية التي ستنعكس إيجاباً على واقع سعر صرف الليرة وتنمية قدرات التنافسية ومواجهتها لكل التحدّيات.
دمشق – سامر حلاس