الصفحة الاولىمن الاولى

هولاند يحاول تجنيد العالم بعدما أصابه الإرهاب في عقر داره بلجيكا تدعو إلى وضع لائحة أوروبية "بالمقاتلين الأجانب".. وكاميرون يحذر من هجمات مماثلة

يحاول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وحكومته تجنيد العالم لمساندة بلاده بعدما بدأ الإرهاب الذي دعموه منذ أربع سنوات يرتد عليهم ويصيبهم في عقر دارهم.
وبعد أيام من وقوع الهجمات الإرهابية في فرنسا لا تزال تداعياتها محط اهتمام الحكومات والباحثين الأوروبيين وتتوالى الاعترافات بالحقيقة التي تغاضوا عنها خلال السنوات الأربع الماضية ومفادها أن الإرهاب بدأ ينتشر كالنار في الهشيم ولن يستثني أحداً إن لم تتضافر الجهود الجادة لمكافحته. وفيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بريطانيا تواجه تهديداً مماثلاً لما جرى في فرنسا يتمثل بالتطرف المتعصب وهو تهديد عاش معنا عدة سنوات وأعتقد أنه سيستمر معنا لعدة سنوات قادمة، أكد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أن ظاهرة المقاتلين الأجانب في العراق وسورية ساعدت على انتشار الإرهاب وعلينا مواجهته باستراتيجية. في حين دعا وزير الداخلية البلجيكي جان جانبون إلى وضع لائحة أوروبية “بالمقاتلين الأجانب” الذين ينضمون إلى تنظيمات متطرفة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جانبون قوله في تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي قبل مشاركته في الاجتماع الوزاري الدولي أمس في باريس حول مكافحة الإرهاب إن التعاون بين أجهزة بلداننا بالغ الأهمية ويجب وضع لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب.
من جانبه أعلن وزير العدل الأمريكي من باريس حيث يشارك في تظاهرة ضخمة لتكريم ضحايا الهجمات الإرهابية إن الولايات المتحدة ستستضيف قمة في 18 شباط القادم للبحث في سبل محاربة التطرف في العالم في أعقاب هجمات باريس الأخيرة.
إلى ذلك أكد مسؤولون استخباراتيون أمريكيون وأوروبيون أن الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا مؤخراً أظهرت قصور قدرات وكالات التجسس ومكافحة الإرهاب الغربية التي تملك في معظم الأحيان معلومات عن مرتكبي مثل تلك الأعمال لكنها تعجز رغم ذلك عن منعهم من ارتكاب جرائمهم. ونقلت رويترز في تقرير عن مجموعة مسؤولين استخباراتيين غربيين إن السلطات الفرنسية قلصت مستوى متابعتها للشقيقين سعيد وشريف كواشي اللذين شنا الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الأربعاء الماضي في باريس وذلك عندما تصرفا بطريقة عادية خلال السنوات القليلة الماضية. وأكد المسؤولون أن وكالات الاستخبارات الفرنسية والأمريكية صنفت سعيد كواشي وشقيقه شريف ضمن الأشخاص الذين يحتمل أن يرتكبوا أعمالاً إرهابية حيث اعتبرا من الأهداف ذات الأولوية الكبيرة لعمليات الرصد والمراقبة بعد أن تورط شريف في جماعة تعمل على تجنيد فرنسيين لصالح تنظيم القاعدة في العراق وبعد أن تسلل سعيد إلى اليمن عام 2011 للتدريب مع تنظيم القاعدة.
وأوضح المسؤولون أنه يتوجب على وكالات إنفاذ القانون والتجسس تخصيص ما يصل إلى 30 فرداً يومياً لمراقبة شخص واحد من المشتبه بهم ومتابعة كافة الاتصالات المشبوهة والأشخاص الذين يقابلهم مؤكدين أن تسلل آلاف الأجانب للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية في سورية مثل تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين وعودة الكثير منهم إلى بلادهم بما اكتسبوه من خبرات قتالية يعقد من التحديات التي تواجهها تلك الوكالات.
بدوره أكد الكاتب البريطاني روبرت فيسك أن الاعتداء الإرهابي على مقر صحيفة شارلي ايبدو مرتبط بشكل أو بآخر بالممارسات الاستعمارية لفرنسا، وأوضح فيسك خلال مقال في صحيفة الاندبندنت البريطانية أن حقبة الاحتلال الفرنسي للجزائر شهدت أعمالاً وحشية ارتكبتها القوات الفرنسية بحق الجزائريين الذين ضحوا بأكثر من مليون شهيد خلال نضالهم لتحقيق استقلال بلادهم مشيراً إلى أن ما يحدث في الحاضر مرتبط بما حدث في الماضي.
وقال فيسك إن كلمة الجزائر دارت في ذهنه على الفور عندما تلقى خبر الهجوم على الصحيفة الفرنسية مشيراًً إلى الانتهاكات والممارسات التي ارتكبتها فرنسا خلال احتلالها للجزائر مذكراً بالتجربة الطويلة التي خاضتها الجزائر في حربها ضد التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
من جانبه حذر كبير خبراء الإرهاب في أوروبا الباحث الألماني رولف توبهوف من خطر تنظيم داعش الإرهابي على النمسا وخاصة بعد عودة العشرات من “الجهاديين” من سورية لافتاً إلى أن الإرهابيين موجودون الآن في البلاد ويمكن أن يقوموا بعمل إرهابي في أي وقت على الأراضي النمساوية، مشدداً على ضرورة أن تتخذ الحكومة النمساوية كل إجراءات الحيطة والحذر حيال تواجد الخلايا النائمة على أراضيها وعودة الإرهابيين وتواجدهم واختلاطهم بالمجتمع النمساوي رغم وضعهم تحت المراقبة.
وأكد الباحث الألماني أن فيينا  تعتبر في مقدمة بعض الدول الأوروبية التي تم فيها تجنيد عدد من المجموعات والخلايا الإرهابية النائمة والسلفية تمهيداً للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي وهو ما أثبتته التحقيقات الأخيرة مع الإرهابيين العائدين من سورية والجهاديين الذين تم اعتقالهم في العاصمة فيينا وعدة مدن نمساوية في الأشهر الأخيرة حيث تم خلال هذه التحقيقات الكشف عن عمليات تجنيد وجمع تبرعات للإرهابيين وتم القبض على أشخاص قاصرين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات تفجير في محطة القطارات الدولية في فيينا، وتابع الباحث الألماني أن الإرهابيين باتوا يمتلكون اليوم السلاح والتجهيزات الكاملة ما يعني أن خطرهم قائم وأن مواجهتهم ليست بالأمر السهل وخصوصاً أنهم موجودون في النمسا وعموم أوروبا.
وفي سياق متصل دعت صحيفة النمسا الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها السياسية والأمنية بشكل سريع وتنفيذ إجراءاتها الأمنية الصارمة لمحاربة الإرهاب وملاحقة الخلايا النائمة ومراقبة ورصد كل المتطرفين ومنعهم من التحرك على الأراضي النمساوية. وحثت الصحيفة الحكومة النمساوية على محاسبة كل من يسعى إلى دعم الإرهاب ونشر الدعاية الإعلامية وتأييد تنظيم داعش الإرهابي أو الدعوة إلى تبني أفكار تنظيم القاعدة تحت طائلة محاكمته أمام القضاء وإحالته إلى السجن، مؤكدة أن تساهل الحكومة والسلطات الأمنية بالنمسا في قوانين مكافحة الإرهاب سيكون له عواقب وخيمة على أمن واستقرار المجتمع وتهديداً لمبادئه ومكوناته.
في هذه الأثناء وفي تصريحات متساوقة مع الخطاب التضليلي الذي تنتهجه الولايات المتحدة تجاه الإرهاب والذي كان لها الدور الأكبر في صناعته وتمدده اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن أي عمل إرهابي لن يوقف أبداً مسيرة الحرية، مشيراً بذلك إلى الاعتداء الإرهابي الذي ارتد على فرنسا. وأضاف: إننا نقف إلى جانب الفرنسيين ليس بالتعبير عن الغضب والاستياء فقط بل بالتضامن والتصميم على التصدي للمتطرفين وللقضية التي تثير خوف المتطرفين وهي الحرية. ويرى مراقبون أن هذه المواقف الأميركية التي تظهر تعاطفاً مع ضحايا الإرهاب لا تعبر عن حقيقة الموقف الأميركي والذي أسهم بشكل مؤثر في صناعة الإرهاب وتمدده عبر العالم ولا يزال يستمر في هذا الموضوع من خلال الإصرار على دعم التنظيمات والمجموعات الإرهابية المسلحة التي عاثت قتلاً وتخريباً في سورية على مدى السنوات الماضية بالمشاركة مع حلفاء الولايات المتحدة الغربيين ومن بينهم فرنسا نفسها إضافة إلى أدواتهم في المنطقة من نظام رجب طيب أردوغان إلى ممالك ومشيخات الخليج.