مقاطعة تأمينية صحية
يغلب على برنامج الضمان الصحي الذي أقرّ منذ سنوات الكثير من الملاحظات وإشارات التعجب التي دفعت مئات المشتركين في هذا المشروع المهم إلى التململ والضجر من شركات إدارة النفقات التي تمارس وترتكب (السبعة وذمتها) تحت مظلة التأمين الصحي وما رافقها من تسويق رسمي وضع موظف الدولة على سكة البحبوحة والأمان الطبي الذي من المفترض أن توفره شركات تعاقدت معها الحكومة للتصدي لهذه المسؤولية، وهذا ما لم يحصل بشهادة الحكومة والمشترك المغلوب على أمره في جملة الارتكابات الحاصلة.
اليوم لم تعُد المسألة تتوقف على شكاوى يتم تناقلها من هنا وهناك، بل يبدو أن القضية كبرت وتفاعلت لتصل إلى مستوى خطير في المرحلة الأخيرة، فمن كثرة المساوئ التي حصلت اتخذت أهم الجهات في الشأن الصحي وهي وزارة الصحة قراراً سابقاً بالانسحاب من البرنامج -عايش الجميع تفاصيله- على خلفية رفض نحو 15 ألف عامل توقيع العقد بسبب الاختلاف في البنود مع حجم التغطيات، أتى ذلك في الوقت الذي كانت فيه وزارة التربية قد تمنّعت عن توقيع العقد ولاسيما أن لديها أكثر من 300 ألف مشترك، وهذا ما جعل القضية تتفاعل حكومياً لتصل إلى درجة مقاطعة بعض الوزارات وأهم المساهمين في البرنامج وحسب المعطيات، فإن ثمة جهات أخرى تسير على الطريق نفسه ليتنبّأ بعضهم بقرب إعلان فشل المشروع وإيقافه.
اتحاد العمال بوصفه راعياً لمصالح العمال لا يتوانى عن التصريح جهاراً بعدم انسجام الجهات كافة والفرقاء في العملية، ما سبب فشل المفاوضات وبقاء الخلافات متفاعلة مع الكثير من الجهات التي يظللها المشروع، وبالتالي لم يحصل أي تقدم يذكر في مواضيع معالجة المشكلات وإيجاد بدائل وآليات جديدة تخدم البرنامج. وهنا تقول أحدث المعلومات: إن السجال والخلاف قد يصل إلى أشدّه بين وزارتي المالية والصحة حول المشروع وآلياته وإلى الآن لم يتوصل الطرفان إلى صيغة توافقية؟.
لا يختلف المشهد اليوم كثيراً عن الأمس، ولهذا صدر المرسوم رقم 65 لعام 2011 القاضي بإحداث شركة شام الحكومية المنوط بها القيام بكل عمليات التأمين الصحي من الخدمات إلى المراقبة والتعاقد، وهذا ما تم التفاؤل من خلاله، ولكن ما يدعو إلى الاستغراب بقاء هذا المرسوم معطلاً منذ ذلك الحين، علماً أن الكل متفق على أن الشركات القائمة ليست إلا مؤسسات طفيلية وانتهازية وُلدت في زمن قياسي بتواطؤ بين بعض أقطاب الحكومة والقطاع الخاص، ولا يخفى أن تكون بشراكات من تحت الطاولة، وبالتالي هل يعقل أن يبقى المرسوم معطلاً وإجراءات السورية للتأمين غير مفعّلة رغم إصدارها البطاقة الموحدة للمشتركين، كُرمى لعيون من يتاجرون بالبرنامج ويضحكون على لحية الدولة والمواطن الموظف؟.
علي بلال قاسم