ثقافة

لنحترم مبدعينا في كبرهم

أمينة عباس
ليس بجديد تأكيدنا على العلاقة الوثيقة التي تربط الفنان عامةً بوسائل الإعلام التي تتابع نشاطاته وترصد أعماله نقداً وتقييماً وتقويماً وتلتقي به لتسليط الضوء على أعماله، حديثها وقديمها، حسنها وأقلها جودةً بهدف الإبقاء على تلك الصورة المثالية المطبوعة في أذهان المتلقين عن هذا الفنان أو ذاك.
وبطبيعة الحال لا تتعامل وسائل الإعلام بطريقة عادلة مع الفنانين، فثمة فنانون محظوظون إعلامياً، تلاحقهم كاميرات التلفزيون وأقلام الإعلاميين أينما حلّوا وكيفما التفتوا, في الوقت الذي تهمل فيه هذه الوسائل فنانين آخرين لا يقلّون تميزاً وموهبة عن أقرانهم المحظوظين لكنهم بعيدون عن الاهتمام الإعلاميّ لأسباب جلّها لا يتعلّق بالموضوعية، فإذا استثنينا نجوم الصفّ الأول نلحظ كيف أن وسائل الإعلام العربية لا تعير اهتماماً كافياً لفنانين آخرين أمضوا عمرهم في خدمة الحركة الفنية العربية دون أن يُكافَؤوا بما يستحقون من رعاية إعلامية.
ومن الملاحظ في هذا الإطار أن السلوك الذي تسلكه بعض وسائل إعلامنا العربية تجاه  المبدعين  بشكل عام والفنانين بشكل خاص على تفاوت أهمية عطائهم وشهرتهم ونجوميتهم لا يخلو من تعاطٍ نفعيّ في بعض الأحيان يتجلى بإصرار هذه الوسائل على تسليط الضوء عليهم بعد أن يتقدم بهم العمر وتمسي إطلالتهم على الشاشات مثيرة للشفقة وهم الذين ما نالوا من جمهورهم إلا كلّ إعجاب وتقدير، وقد برزت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الحديثة حيث تتبارى هذه الوسائل على نشر صورٍ لفنانين وهم إما على فراش الموت أو في أسوأ حالتهم الصحية في لهاث محموم وراء خبطة إعلامية تنال من صورة الفنان المثالية عند جمهوره، سلاح هذه الوسائل أحياناً الإغراء الماديّ الذي  تقدمه للفنانين مقابل ظهورهم على شاشاتها وهم في أسوأ أحوالهم في الوقت الذي تكون فيه قد أهملتهم وهم في ذروة عطائهم الفني.. ونستثني في هذا الإطار من التعاطي الإعلامي مع فنانينا العرب وسائل الإعلام المكتوبة باعتبار أن الصورة المنشورة لن تضاهي بالتأكيد دقة الكاميرا التلفزيونية في التقاط أدق التفاصيل في ملامح الفنان وقد تغيرت إلى درجة أن الكثيرين قد يفشلون في التعرّف إلى شخصية هذا الفنان أو ذاك بعد أن صنعت به السنون الغادرات ما صنعت.
مبدعونا لهم علينا إعلامياً حقّ الرعاية والاهتمام بما يناسب عطاءهم وإبداعهم بالشكل الذي لا يسيء إليهم ولا يستغل ظروفهم بأسلوب بعيد عن التعاطي الإعلامي الشريف.