الرقص مع الحياة.. قلب أخضر لتغريد العصافير
إن كنت تريد أن تتعلم كيف تعيش بعيداً عن هموم الدنيا ومشاكلها، وإن أردت العيش بسلام ومحاربة حزن نفسك ارقص مع مهدي الموسوي حيث سيأخذك في رحلة لتتعلم المحاربة لا الاستسلام، تتعلم كيف تواجه الأمور بإيجابية وبسعة صدر، “الرقص مع الحياة” كتاب روحي يرشدنا لما هي السعادة الحقيقية وكيف نحيا حياة طيبة كلها خير وطمأنينة، لم يقدم الكاتب نظرية جديدة تماماً بل تطرق إلى نفس النظريات التي وضعها عدد من الروحانيين المعاصرين، لكن جمالية الكتاب تكمن في إعادة الصياغة التي جاءت مترافقة مع نفحة صوفية جميلة ناعمة، يذكر الكاتب بأنه قد استلهم عنوان كتابه من فيلم “الرقص مع الذئاب” الذي عُرض في ثمانينيات القرن الماضي والذي يتحدث عن كفاح الهنود الحمر من أجل البقاء على قيد الحياة فنحن مازلنا وسنبقى نكافح للبقاء على قيد الحياة مع تغير الذئاب فلكل زمان ذئابه المختلفة، فسرعة إيقاع الحياة واللهاث وراء اللذة والمادة والإسراف واستئثار عدد محدود من الناس على ثروات البشر نتج عنه أمراض عديدة كالقلق والكآبة والتوتر والخوف من المجهول وفقدان السكينة والسلام.
الكتاب بسيط بعيد عن التعقيد وبمحتوى بسيط وسلس قُسمت صفحاته على خمس وخمسون قاعدة مليئة بالإيجابية والتفاؤل، ابتدأ الكاتب رحلته في كتابة قواعد رقصه مع الحياة بالامتنان والتي هي كنز الحكماء فيرى أن الامتنان للأشياء مهما صغرت سيجلب البهجة إلى قلوبنا ويجعلنا نحب الحياة والناس، وبالتالي سيمنحنا الله جوهرة الامتنان وهي حالة من السكون والسلام الصافي الذي يغمر القلب بالرضا، القاعدة الثانية هي أن تحب نفسك أن تخاف عليها من كل سوء، أن لا ترضى لها بكل دنيء، أن تسامح نفسك وتستمع لها وتفهمها، ومن القواعد التي جاء بها الكاتب عش بقلب أخضر والتي يقول فيها إذا امتلأ القلب بالمحبة أشرق الوجه، وإذا احتفظت بغصن أخضر في قلبك فستأتي إليك العصافير لتغرد فيه، اخلق سعادتك من لاشيء وابحث عنها بين الأنقاض، في الزوايا في دروب الحياة، كن متحفزاً لالتقاط اللحظات المرحة في الحياة، كن متحفزاً لمحبة الناس والرفق بهم، كن متحفزاً للتسامح وحرض نفسك على أن تعيش حياتك بقلب أخضر.
القاعدة السادسة في الكتاب افعل جميلاً بلا مقابل، إن من يوزع الورد على الآخرين فإن بعضاً من عطر الورد سيلتصق بيديه، افعل شيئاً صافياً من أجل الآخرين وسترى الألطاف الإلهية تحيط بك وقد تنقذك من مآسٍ مهلكة، تقبل الآخرين كما هم القاعدة السابعة، فالكاتب يرى أن الإنسان إذا بدأ في محاكمة الآخرين على أفعالهم فلن يتسنى له الوقت لكي يحبهم، والحكماء يعلمون بأننا إذا رغبنا في أن يصبح الآخرون مثلنا فإننا سنفقدهم إلى الأبد، فالحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي ارتكبها غيرنا في حقنا.
وللرقص على إيقاع الحياة يجب أن تتكيف مع الظروف القاهرة والتي تأخذ رقم تسعة من القواعد، فالكاتب يدعونا إلى توقيع معاهدة سلام مع أنفسنا وأن نحاول التعايش مع الوقائع الجديدة في الحياة إذا ما مرت علينا محن وظروف قاهرة، فعندما تجابهك التجارب الأليمة فلا تجعلها حجة لاعتزال الحياة بل تأقلم مع المحن ولا تدعها تنتصر عليك، بل واصل السير إلى الأمام.
القاعدة الخامسة عشرة تتطلب منك أن تكون لطيفاً مع الآخرين ففي غياب اللطف والدفء الإنساني فإن الحياة تصبح شاقة من أجل البقاء، اجعل قلبك ينبوعاً لا ينضب من اللطف اتجاه الآخرين، عامل كل من تقابله في الحياة على أنه شخص مهم، لا تدع أي إنسان يأتي إليك ثم يغادر دون الشعور بحال أفضل، القاعدة الثانية والعشرين تتطلب منك أن تفتح نوافذك للعالم، فالكاتب يرى إن استطاع الإنسان أن يفتح قلبه للناس وأن يتواصل مع الحياة والعالم فما هي إلا لحظات حتى تنساب قوى الخير من كل حدب وصوب.
فالجدران مهما كانت ألوانها حية ومهما تزينت باللوحات الجميلة ستظل صماء وخير ما فيها نوافذها وأبوابها، من أهم القواعد والتي يأتي ترتيبها الرابع والعشرون الهمس بالشكر كل يوم، فكلمة شكراً هي من أجمل الكلمات التي يحبها الله عندما تتردد على لسان البشر.
والشاكرون هم أكثر الناس بهجة في الحياة، فالشكر الصادق على مايملكه المرء يفتح الطريق إلى تلقي المزيد، لا تيأس هي القاعدة الخامسة والعشرين فالكاتب يحاول أن يوصل فكرة أن المصاعب جزء من الحياة، وأن الطرق إذا أغلقت وكانت العثرات فيها فإن هناك دائما طرقاً أخرى للوصول إلى المنال المنشود، وإذا أوصدت الأبواب فهناك دائماً منافذ أخرى مفتوحة والحل بأن لا تدع اليأس يدخل قلبك.
القاعدة التاسعة والثلاثين كانت بعنوان ضع قلقك في جيب مثقوب، فالكاتب يرى أن القلق بسبب مظالم الحياة هو ضياع للعمر فلا يجب أن تكون النفس رهينة لتلك المشاكل والقاعدة تقول أن لا يتعمق المرء طويلاً بالتفكير القلق في الأشياء وهدر الطاقة في التدقيق بالأمور التي تأتي بالخيبة والندم، فيجب أن توقف الأفكار قبل أن تسرح في مخاوف وهمية، القاعدة الأخيرة الخامسة والخمسون من الكتاب هي قاتل من أجل العيش بحيوية فالإنسان يجب أن لا يتوانى ولا لحظة من أجل إبقاء روحه متألقة بالحيوية ونفسه محبة للحياة وذلك ليس من أجل الحياة نفسها وإنما ليعيش حياة غنية بالمعاني السامية، والحياة وهبتنا نعمة النسيان لنستغلها في ترك مايمر بنا من أحزان وخيبات والمضي قدماً فالحياة ولادة للأحداث السارة والمفاجآت.
عُلا يونس أحمد