اقتصادصحيفة البعث

قِدم الآلات أبرز تحديات مصفاة حمص.. و57 ملياراً قيمة الخسائر المادية منذ بداية الأزمة

أسفر قِدَم الآلات المستعملة وخطوط الإنتاج المتوقفة بسبب الأعطال، وسوء مواصفات النفط الوارد إليها إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية بمصفاة حمص إلى مستوى أقل بكثير من المرجو منها، لتقف شركة مصفاة حمص بجانب المئات من الشركات التي اتخذت من الأزمة شمّاعة لتبرر سباتها خلال السنوات الماضية التي كنّا بأمس الحاجة لأن تعطي الجهات المعنية الاهتمام الأكبر للمرحلة الحالية من خلال استبدال الآلات القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب، بآلات جديدة أحدث في هذه الشركة التي هي من أضخم الشركات الاقتصادية المتخصصة في صناعة التكرير، وواحدة من دعائم الاقتصاد الوطني.

صعوبات

الصعوبة الكبرى التي تعترض سير العملية الإنتاجية ليس في مصفاة حمص فحسب، بل في بانياس أيضاً، هي قدم الآلات وخطوط الإنتاج من (أجهزة – ضواغط – أفران)، فقد عانت من التوقف فترات متكررة بسبب أعطالها الكثيرة، إضافة إلى سوء مواصفات النفط الوارد إلى المصفاة لعدم المعالجة الأولية في الحقول بعد أن تعرضت للاستهداف من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة؛ مما سبب مشاكل كثيرة أثناء تشغيل الوحدات الإنتاجية، وبين مدير الشركة العامة لمصفاة حمص المهندس علي طراف أن هناك صعوبة بالغة في تأمين قطع الغيار وبعض المعدات والأجهزة الدقيقة اللازمة لاستمرار عمل الوحدات الإنتاجية، مؤكداً أن سوء مواصفات النفط المورد إلى المصفاة سبب الكثير من الأعطال والمشاكل في سير العملية الإنتاجية، وتعاني الشركة أيضاً من صعوبة في تصريف بعض المنتجات، مثل الفيول أويل بسبب عدم استجرار الكميات المنتجة من قبل الشركات المستهلكة، وعدم توافر سعة تخزينية إضافية من أجل تخزين هذا الإنتاج؛ مما سبب بعض الضغوط على الشركة، كما أنه وبعد أن سيطرت المجموعات الإرهابية المسلحة على حقول النفط في المنطقة الشرقية انخفضت كمية النفط الموردة إلى المصفاة، الأمر الذي سبب العديد من الأعطال وتوقف بعض خطوط الإنتاج بسبب عدم القدرة على تشغيل كل الوحدات وفق التصميم المناسب لعملها، وبالتالي فإن عدم تأمين النفط الخام بالكميات اللازمة وبالانتظام المطلوب لتشغيل المصفاة وفقاً للتصميم الأساسي للآلات، حال دون استثمار الطاقات التكريرية المتاحة في المصفاة، والتأثير سلباً على ريع عملية التكرير، وعلى كمية المشتقات النفطية الممكن إنتاجها لتزويد السوق المحلية بها.

مؤشرات إنتاجية

تقوم المصفاة بإنتاج المشتقات الاستراتيجية التي يصعب استيرادها مثل كيروسين الطيران، ووقود الزوارق البحرية، ووقود خاص بمنطقة جبل الشيخ والقلمون، إذ بلغت كميات تكرير النفط خلال العام الماضي حوالي 2314583 طناً، أما كميات تكرير النفط في السنوات ما قبل الأزمة فكانت تبلغ 5700000 طن/سنة، بحسب ما ذكره مدير الشركة، مشيراً إلى أن المصفاة عملت طوال فترة الأزمة من دون توقف بفضل خبرات كوادرها التي استطاعت تركيب خام بالاستفادة من المتكاثفات الواردة من معامل الغاز، واستطاعت إنتاج كل المشتقات الأساسية والاستراتيجية التي لا يمكن استيرادها حتى تاريخه، حيث بلغت الوفورات خلال العام الماضي من تحويل المشتقات الرخيصة إلى مشتقات عالية الثمن حوالي 65 مليون دولار، مؤكداً أن المصفاة مازالت تعمل بنفس الوتيرة هذا العام، إذ بلغت كمية الخامات المكررة في الربع الأول من العام الحالي 210434 طناً، وبلغ الخام المكرر وفق الطاقة الفائضة للربع الأول من هذا العام أيضاً 333 ألف طن، كما بلغ الوفر الذي حققته المصفاة اعتباراً من النصف الثاني لعام 2016 حتى اليوم 615 مليون دولار، مشيراً إلى أن المصفاة تعرضت منذ بداية الأزمة حتى الآن إلى حوالي 28 استهدافاً من قبل العصابات الارهابية المسلحة، وأدت الاستهدافات إلى تدمير جزئي لبعض الوحدات والخزانات التي تم إعادة تأهيلها مباشرة، مبيناً أن الأضرار المادية بلغت منذ بداية الأزمة حتى اليوم حوالي 57 مليار ليرة سورية، وأنه تم سرقة 7 آليات، وتخريب 48 آلية في المصفاة، فيما بلغ عدد المباني المتضررة 12 مبنى.

مشاكل مالية

تواجه مصافي تكرير النفط صعوبات كبيرة في عملية تأمين مستلزمات التشغيل والصيانة بسبب العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على سورية، خصوصاً أن معظم المعدات والآلات وأجهزة التحكم مصدرها الدول الغربية، الأمر الذي يؤدي إلى أعباء كبيرة في التكاليف الإضافية، مقابل تأمين هذه المستلزمات بحسب ما ذكره غسان السوطري رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال النفط والصناعات الكيمياوية.

وبالإضافة إلى صعوبة تأمين النفط الخام اللازم والصعوبات السابقة، تعاني مصفاة حمص من صعوبة كبيرة في تأمين مادة النتروجين اللازمة للعملية الإنتاجية بسبب توقف معامل الدفاع عن إنتاج هذه المادة، وعدم إمكانية الاستيراد من الخارج، كما أن وجود العديد من المشاكل المالية في السيولة النقدية وزيادة التشابكات المالية بين الشركات ومصافي تكرير النفط والجهات الأخرى نتيجة ارتفاع المديونية، سبب العديد من المشاكل للشركات والمصافي، وعدم إمكانية تشجيع العمال بمكافآت جديدة تساعدهم على تقديم المزيد من العمل في ظل الظروف المعيشية الصعبة؛ لذا فإن مطالبات وزارتي المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية مستمرة باتجاه إيجاد الوسائل المناسبة لدفع قيمة المستلزمات غير المتوفرة في السوق المحلية التي يتطلب استيرادها من الخارج وفقاً للوسطري الذي أشار إلى التنسيق مع وزارة المالية لإصدار قانون لحل التشابكات المالية مع باقي شركات القطاع العام.

ميس بركات